مقالات الأهرام العربى

صدام منبوذ أمريكا منبوذة

احتمالات الحرب فى منطقة الخليج كبيرة، لا يستطيع أحد أن ينكر ذلك، فكل التطورات على الأرض تشير بوضوح إلى الحرب الوشيكة، ولن نكون من المبالغين أو المترقبين، إذا قلنا إن موعد الحرب قد أعلن وتحدد، فنحن نعرف بدقة أن كارهى صدام حسين وحكومته من المعارضين يعدون بالملايين من المنفيين ومن المحاصرين فى الداخل، وهؤلاء يتخوفون بشدة ليس من الحرب القادمة، ولكن ألا تحدث الحرب ويستمر صدام حسين فى الحكم فمنطقة الخليج ومعها الشام، بل الشرق الأوسط كله يعيش خطرين، خطر الحرب من ناحية وخطر استمرار صدام حسين من ناحية أخرى،

فالموقف كله محير، وأصبح البحث عن مخرج حقيقى ومشرف للجميع لا يتم إلا بمعجزة من الله استمرار صدام حسين خطر يقلق الكثيرين، بدءاً من الشعب العراقى وانتهاء بدول العالم، خاصة فى المنطقة العربية، فهو بحق النظام المنبوذ والمكروه عالمياً وإقليمياً وعراقياً وحجم هذه الكراهية يتزايد على الأصعدة الثلاثة، ولكن على نفس المستوى نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية،

المنوط بها تحرير العراق مكروهة بل ومنبوذة إقليمياً أيضاً على نفس مستوى الرئيس العراقى، وسيناريوهات الخطر المنتظرة إقليمياً يفتح باب جهنم أمام المنطقة تشير إلى أننا نقبل باستمرار العراق مريضاً، واستمرار الرئيس العراقى الحالى ونظامه البغيض، فهذا أفضل من احتلال العراق وضربه بأسلحة حديثة، أو بأسلحة دمار شامل، تقتل الآلاف من العراقيين وتصيب الباقين بأمراض فتاكة وخبيثة لسنوات طويلة، هذا على مستوى الدم الذى ستخلفه الحرب، والذى سيكون أنهاراً، وثمنه قد يكون فادحاً، أما على المستوى الاقتصادى فالتكاليف غير معقولة، وتقديرات الخسائر كبيرة،

فهناك تكاليف الاحتلال وحفظ السلام الباهظة، فالتقديرات تشير إلى أن أى حرب سريعة وانتصار حاسم تصل تكاليفها إلى 50 مليار دولار، أما إذا كانت الحرب طويلة، فتكاليفها لا يمكن حصرها، فإذا امتد الصراع إلى عام كامل ترتفع التكاليف إلى 140 مليار دولار، أما إذا امتدت الحرب لسنوات فالتكاليف تتراوح ما بين 17 إلى 45 مليار دولار سنوياً، وكما طرحت لجنة بالكونجرس أخيراً فإننا من الممكن أن نقول أنه يجب توفير 75 مليار دولار فوراً كحد أدنى، بينما من الممكن أن يصل الحد الأقصى إلى 500 مليار دولار وذلك بدون حساب إعادة الأعمار أو بناء العراق من جديد،

أو أموال الإغاثة والدعم للمنكوبين والذين قد يصل عددهم إلى 5 ملايين عراقى من إجمالى عدد السكان البالغ عددهم 24 مليوناً، هؤلاء سيكونون فى حاجة إلى دعم مباشر وإغاثة عاجلة، وإعانات سريعة، من سيدفع كل ذلك؟ فالعراق ليس كأفغانستان لا يمكن أن يترك بدون عمل اقتصادى سريع وحاسم صحيح أن الواقع يشير إلى أن العراق بلد غنى، ودخله البترولى يؤمن للبلاد احتياطياً ودعماً،

فإذا وصل إلى 3 ملايين برميل ونجح فى التصدير فإن الدخل المتوقع هو 25 مليار دولار ومع هذا لن يكون كافياً لتلبية كل هذه المتطلبات، ودفع تكاليف هذه الحرب الباهظة، مع ما يعانيه العراق حالياً من ظروف صعبة اقتصادية وسياسية واجتماعية، ويحتاج إلى مشروع متكامل ودعم شامل، يعادل مشروع مارشال، الذى أقامه الأمريكيون إنقاذاً لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وهذا المشروع سيحتاج إلى تكاتف دول الخليج والمجتمع الدولى والولايات المتحدة، لما بعد صدام حسين ماذا سيحدث إذن؟ لا يمكن أن نتصور عملياً،

أن التجهيزات العسكرية والإعداد العالمى لمسرح العمليات فى العراق، سيخرج من المنطقة بدون صيد، وأمريكا ستواجه موقفاً شديد التعقيد مع حلفائها فى المنطقة، وهم عراقيون هذه المرة، إذا خرجت بدون أن تمهد الأرض لعودتهم إلى العراق، وإقصاء صدام حسين وتحجيم نظامه، بل تقديم عدد كبير من أركان النظام إلى المحاكمة لإرضاء المعارضة والشعب العراقى الذى ترقب طويلاً تغييراً فى العراق كما أن أمريكا أيضاً تدرك خطورة الحرب وثمنها الباهظ، والرفض الإقليمى لدفع تكاليفها أو تحمل مسئولياتها، فماذا سيكون المخرج فى هذه الحالة المعقدة؟

لقد نشط بعض الحلفاء لدراسة الموقف الصعب، مثل بلير رئيس الوزراء البريطانى، وعبدالله جول رئيس الوزراء التركى، ومشروعهما هو أن يلعبا دوراً مشاركاً لدول الشرق الأوسط أو المجموعة العربية، لمنع تحرك الحرب القادمة، وتخفيف آثارها على العراق وعلى شعوب المنطقة، وهى بادرة إيجابية فى هذا الاتجاه، ولكن لا نستطيع أن نقول إنهما نجحا، فالنجاح هنا مرهون بالرئيس العراقى صدام حسين فهو كما قبل قرار مجلس الأمن 1441، بالتفتيش الدولى، عليه أن يجد مخرجاً من الأزمة الراهنة، والذى يدفعنا إلى أن نقول ذلك هو الفهم الجدى لطبيعة المرحلة الدقيقة القادمة، فالحرب على الأبواب وسيدفع ثمنها الشعب العراقى، قبل غيره، وسيكون النظام العراقى فى مقدمة من يقدمون إلى المقصلة، لن يبكيهم أحد على الإطلاق،

لكن المنطقة، ستتدهور أوضاعها، وسنحتاج إلى سنوات طويلة من الإصلاح، وأموال باهظة ستنوء بها شعوبنا، وكفى تخريباً وأموالاً طائلة دفعت لحماية نظام ديكتاتورى بغيض، مازال يتشدق بالشعارات كل من يسألنى عن المخرج أقول له بصراحة، لا نريد أن نرى صدام حسين حاكماً للعراق، ولا نريد أن تحدث حرب فى المنطقة، وكلا النظامين منبوذ فهل عندكم مخرج من هذا المأزق المخيف؟ إيفŒ بنت الرائيليين  أنجب الرائيليون ˜إيف الجديدةŒ أو حواء المعاصرة فى ميامى بأمريكا ـ وشئنا أم أبينا ـ فنحن عشنا وشهدنا أول ولادة مثيرة للجدل وللغرابة،

أو لنكن أكثر تحديداً، دخول البشرية فى مرحلة التناسل دون اتصال بين الجنسين، وإذا صحت هذه التوقعات العلمية المثيرة، فإن حواء الجديدة هى أول طفل لا يكون ثمرة خليط وراثى جينى بين الأب والأم، بل نسخة طبق الأصل من أحد الوالدين، أو حتى نكون متجاوبين مع الحدث، فليس هناك والد أو والدة، فهناك تكاثر من نوع جديد، خلايا تتكاثر وتنجب بشراً، وليست عملية ولادة،

وهذه العملية الجديدة تحتاج إلى اجتهاد للغويين لتسميتها والقانونيين لتوصيفها وتشخيصها لكن ما يعنينا هنا ليس موافقة الأزهر أو الكنيسة، فالحقائق العلمية تأخذ مجراها ولا تنتظر رجال الدين، وهم عادة يتحفظون، ويوافقون أو يرفضون، لكن التاريخ يعلمنا أنهم لا يصنعون الأحداث، لكنهم يعلقون عليها دائماً حتى يكونوا فى الصورة، أو هكذا يتصورون هذه الظاهرة العلمية تحتاج إلى تشخيص دقيق،

ودراسة اجتماعية ونفسية وعلمية مثابرة، حتى نعرف تأثيرها على الجنس البشرى، وكيف ستدخل علينا وعلى حياتنا خاصة أنها ليست بعيدة عنا، فيبدو أن خلق البشر ـ مثل الأديان ـ ظهر فى منطقة الشرق الأوسط، والمتشبهون الجدد وهم الرائيلييون يبدو أن لهم علاقات ˜بالإسرائيليينŒ فالاسم متشابها، كما أن المؤسس هو الصحفى الفرنسى كلود فوريلون المقيم فى كيبيك، ويلقب باسم رائيل، ˜يعتقد أنه نبىŒ ويدعو إلى تفسير علمى للكتاب المقدس، ويزعم أن الحياة البشرية على الأرض أقامها أشخاص من كوكب آخر وصلوا فى أطباق طائرة قبيل 25 ألف سنة،

وأن البشر ولدوا عبر الاستنساخ ويتصور الدعى رائيل أن الاستنساخ سيسمح للبشرية بالوصول يوماً إلى الخلود أحداث الاستنساخ لن تتوقف رغم اعتراض بوش وشيراك، فهما قد يتحكمان فى القرار السياسى، لكن القرارات الاجتماعية والعلمية والطبية والبشرية لا قانون لها، وشركة ˜كلونيدŒ التى أنشأها الرائيليون، تستعد لإنجاب الطفلة الثانية فى أوروبا، وتقول إن لديها قائمة تشمل 2000 شخص على استعداد أن يدفع الواحد منهم 200 ألف دولار لاستنساخ أنفسهم وهكذا فهناك جمهور ومؤيدون وأموال ضخمة تدفع فى هذا الاتجاه، من يوقف ذلك وأى حكومة أو جماعة ستكون قادرة والأخطر أن هذه الجماعة لا تراعى نوعية الإنجاب فهم يستعدون لكى يحولوا الرجال إلى نساء، ليستطيعوا الإنجاب، ولماذا؟ لأن حق الإنجاب ˜للرجال وللنساء معاًŒ فلم يعد هناك سالب أو موجب، والعالم قد تغير تماماً فالرجال والنساء، أصبحوا متساويين ليس قانونياً فحسب،

لكن أيضاً بيولوجياً حسب الأوضاع الجديدة للاستنساخ ويستعد الرجال للاستنساخ، كما يستعد الرجال لحياة مختلفة والمعترضون كثيرون وأنا منهم، لكن ماذا نفعل حقيقة؟ إن الأمر خطير حتى إن المستنسخين الأوائل، الذين استنسخوا النعجة ˜دوللىŒ وفتحوا الطريق للمخربين للتجريب على الإنسان، يحذرون من مخاطر تطبيق تقنياتهم على البشر، لكن بعد فوات الأوان ورغم أن هناك بعض المؤيدين للاستنساخ بالإضافة إلى الرائيليين، حيث يقول الطبيب الأمريكى بانوس انوس إن الوقت قد فات للحديث عن ذلك لأن العفريت ˜خرج من القمقمŒ بالفعل،

إلا أنه يبقى أن الله موجود وقادر على الدفاع عن خلقه، وقد نشرت مجلة ˜ساينسŒ العلمية العالمية أن الخطوات المستخدمة فى استنساخ الحيوانات تنتج نسبة منخفضة من الأجنة التى لا يمكن استمرارها على قيد الحياة وأن أى إنسان مستنسخ سوف يبقى على قيد الحياة سيظل يعانى العديد من أوجه الشذوذ والخلل فى أجهزة التنفس والدورة الدموية والجهاز المناعى والجهاز البولى ومعظم أجهزة الجسم الحيوية لكن ماذا نفعل مع المخربين، والشذوذ الذى يسود عالمنا سياسياً واقتصادياً وحالياً وفى كل الاتجاهات والله المنجى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى