مقالات الأهرام العربى

عرس الصحافة المصرية

اكتمل عرس الصحافة المصرية يوم الثلاثاء 3 يوليو تموز داخل المبنى الجديد لنقابة الصحفيين، عندما اكتملت الجمعية العمومية لأول مرة داخل التحفة المعمارية المعاصرة والتى ستعرف من الآن فصاعداً بمبنى النقابة.

وبانتخاب الأستاذ إبراهيم نافع نقيباً للصحفيين، ضاربا رقما قياسياً فى تاريخ نقباء الصحافة ـ 12 عاماً ـ وإذا حسبنا الإصدارات، وسنوات تولى النقابة، وإنجازات النقيب الحالى والمنتخب لكانت كلها أرقاماً قياسية، ودليلا على المكانة المرتفعة والمتميزة التى يحظى بها الأستاذ إبراهيم نافع بين الصحفيين المصريين.

انتخابات نقابة الصحفيين تميزت هذا العام بما نستطيع أن نسميه الدخول فى عصر جديد تشهده الصحافة المصرية، ليس فقط بجمال المبنى الذى أصبح علامة فى وسط القاهرة يشير إلى جمال الذوق والحس المرهف للمصممين والمنفذين ولكن أيضاً بالتطور الجديد والمتمثل فى المواجهة الحاسمة التى قادها النقيب إبراهيم نافع ومجلس نقابته، ضد الصحافة الصفراء والتى كانت نتيجتها الإجماع من الصحفيين والقوى السياسية المختلفة لمواجهة الفئات، التى حاولت استغلال مهنة الصحافة، وتشويه صورتها ـ بجرها إلى الجنس والرذيلة وممارسة ˜البلطجةŒ وغيرها من الأشكال القبيحة والتى أصبحت ككرة ثلجية تضخمت حتى تحول إلى  بؤرة للجريمة الكاملة كادت تشعل القاهرة، وتجعل صيف 2001 ساخناً، بعد أن تحرك الشارع المصرى ـ أقباطاً ومسلمين ـ  معاً ضد النشر المجافى للذوق والأخلاق عن راهب مشلوح يمارس الرذيلة ويشار الآن إلى هذا التحرك الفعال للدلالة على قدرة المؤسسات والمجتمع المدنى وروح الجماعة الصحفية وتماسكها فى مواجهة أى بثور تطفح على وجه حرية الصحافة والتعبير، التى تتمتع بها الصحافة والإعلام المصرى والتى أصبحت ظاهرة سياسية مميزة، تؤكد على أن المسار السياسى والديمقراطى فى مصر يتجه باقتدار إلى بناء نظام سياسى ديمقراطى مستقر، لأنه متدرج، وأن ما تحصل عليه مصر من مكسبات ديمقراطية لا يمكن الرجوع عنها، كما أن المسار السياسى قادر على تصحيح الأخطاء والتراكمات مؤكداً على المقولة التىتقول إن علاج مشكلات الديمقراطية يكون بمزيد من الديمقراطية.

وكانت الأزمة الأخيرة للصحافة المصرية، وقدرة النقيب المنتخب على تجاوزها، وإدارتها بكفاءة واقتدار على مسرح النقابة وداخل الكنيسة فى لقائه مع البابا شنودة والشباب المعترض على النشر اللاأخلاقى، وخلال لقاءاته الانتخابية فى المؤسسات الصحفية، فرصة للتأكيد على ما تحقق لمصر من حرية الصحافة وأن تخليصها من الشوائب والأدران لا يعنى انتقاصاً من الحرية، وبل تأكيدا لوجهها المرغوب، وأعادت هذه المعركة المباغتة لحرية الرأى، الأذهان إلى معركة كبرى أخرى قادها الأستاذ إبراهيم نافع وهو نقيب عام 1995 للتخلص من قانون الصحافة والذى عرف برقم 93 والذى فرض على الصحفيين فى غفلة من الزمن، وبواسطة مجموعة من المتربصين بالمجتمع المصرى خاصة فى مجال الحريات مستهدفين الوصاية، على المجتمع وتغييب فرص انطلاقه، نحو آفاق أكبر من الديمقراطية والحريات متصورين أن اعتراضات الرأى العام على بعض الممارسات الإعلامية والصحفية تعطيهم المبررات للوصاية عليه وفرض قانون يعيد عجلة الزمن إلى الوراء فكانت الهبّة الصحفية التى قادتها النقابة ونقيبها إبراهيم نافع، قادرة على إدارة صراع سياسى على أعلى المستويات أسفر فى نهايته وبعد عامين من العمل المتواصل عن انتصار الحرية والنقابة وسجلت للنقيب إبراهيم نافع علامة بارزة وترسيخاً لمكانته وتاريخه الإعلامى والصحفى الناصعين.

ولعلنا نكون منصفين فى حق قائد نقابى مصرى استطاع عبر سنوات رئاسته للنقابة، أن يجمع الصحفيين من كل التيارات، وكان انتخابه الأخير تتويجا لهذا التاريخ النقابى المميز، حصل فيه على تأييد كل المؤسسات الصحفية على اختلاف تياراتها وانتماءاتها الصحفية ولعل خطاب نجيب محفوظ العلامة البارزة فى تاريخ ثقافتنا العربية ليلة الانتخابات كشف عما فى ضمير المثقفين المصريين تجاه النقيب المنتخب.

ومع تركيز النقيب على الصحفيين خلال فترة الانتخابات وخوضه معركة، وشرح خلالها برنامجه المستقبلى، وبذل جهداً مضنياً فى حركة متصلة كشفت عن عمق احترامه للمهنة وللزملاء، وهذا ما جعل كل الصحفيين المصريين يتضاعف احترامهم لنقيبهم وثقتهم فيه وتطلعهم لمؤازرته فى الدفاع عن المهنة وحماية الحرية، فالانتخابات برغم أهميتها للحياة النقابية، فهى ليست غاية ولكنها وسيلة لحشد النقابيين وتوعيتهم بدور النقابة المستقبلى.

وقد استطاع الأستاذ إبراهيم نافع خلال فترة الانتخابات وتحضيره لها ومناقشاته المكثفة مع الصحفيين، إيقاظ الوعى العام ودق ناقوس الخطر ووضع يده على مكامن الأخطار، وعمل على توحيد الصحفيين خلف نقابتهم، وهى خطوة رائدة فى العمل النقابى والصحفى ستكون أداته لصناعة صحافة عربية محترمة، قادرة على التأثير السياسى والاقتصادى والاجتماعى، وأن تلعب الدور المأمول منها فى حياة المجتمعات العربية، وتكون قادرة على قيادة التحديث والتطوير والتغيير فى مجمل حياتنا وتطوير الحياة وصناعة التقدم ورفع مستوى معيشة الشعوب العربية.

نجاح الأستاذ إبراهيم نافع فى قيادة النقابة المصرية، وحصوله على ثقة الصحفيين المصريين ـ سيكون دعماً لمكانته العربية فهو رئيس اتحاد الصحفيين العرب منذ عام 96 وأعيد انتخابه فى عمان العام الماضى لدورة جديدة، ولعل سياساته ودوره فى تنشيط مؤسسة اتحاد الصحفيين العرب هى نفس نهجه فى العمل الدءوب، وإدارته المبدعة للمؤسسات التى يقودها فهو شخصية بارعة فى حشد الطاقات وإدارة الأعمال الخلاقة ولعل موهبته فى ابتكار الأعمال واختيار القيادات كانت الصفة البارزة وراء نجاحاته المتتالية، فجعل من المؤسسة الصحفية التى يقودها ˜الأهرامŒ تتحول من جريدة إلى إصدارات متعددة تغطى كل مجالات الحياة والاحتياجات الصحفية لكل القراء المصريين والعرب.

فهو أول من خلق الفريق وجعل كل عضو فى الفريق يشعر بأنه صاحب الحدث والأستاذ إبراهيم نافع من الجيل الذهبى، الذى لم يكتف بمكانته الصحفية كمؤسس للصحافة الاقتصادية فى مصر، وكاتب سياسى من طراز فريد، يصل بكلمته إلى لب الحقيقة مباشرة، فأضاف إلى تاريخه عبقرية الإدارة واليوم يتحمل أعباء كثيرة فى قيادته للعمل الصحفى فى هذه المرحلة الصعبة والدقيقة التى تستلزم العمل مع الصحفيين لتطوير المؤسسات الحالية، ورفع قدراتها المادية والصحفية وخلق روح التنافس والتطوير، وإعادة اكتساب ثقة القراء فى الكلمة المقروءة، كما أن الصحافة اليوم تواجه تحديات المنافسة من التليفزيون والفضائيات والإعلام الإلكترونى، والتغيير الجديد، يستلزم رفع القدرات المهنية للصحفيين، واحتكاكهم بالإعلام الخارجى لاكتساب أنماط جديدة للتواصل مع القراء لإعادة جذبهم إلى الصحف بأساليب حديثة وابتكار أنماط جديدة للجذب بدلا من اللجوء إلى الإسفاف والإثارة.

كما أن الصحافة المصرية أيضاً فى حاجة إلى روح جديدة تعيد التصاقها برجل الشارع العادى وهمومه واحتياجاته فى حاجة إلى تكريس حرمتها وحمايتها بأن تسمح كل الجهات والمؤسسات بتدفق المعلومات الدقيقة وبحوار حر خلاق بين كل أطراف المجتمع وبتقبل كل جزء من المجتمع حرية التفاعل وتقبل الرأى والرأى الآخر، وأن نجعل النقد والحرية مقياسين للتقدم والفاعلية وأن يسود الاحترام بين الجميع.

لأن فى هذا وعىاً بحقائق العصر وخلقاً للإيجابية ونحن على ثقة بأن الصحافة المصرية بانتخاباتها الشفافة عبر الصناديق الزجاجية وبمبناها الجديد، وبنقيبها المنتخب إبراهيم نافع قادرة على الدخول فى عصر جديد تستحقه بما تملكه من تاريخ مشرف وواقع يتحرك ويتفاعل ومستقبل مأمول بإذن الله.

تحية وتهنئه للنقيب وفرحة مستحقة للصحفيين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى