مقالات الأهرام العربى

الغضب وحده لا يكفى !

إن غضب العرب جميعاً من نظام الحكم في العراق لا يعادله إلا غضب العراقيين المكبوت. ولكن هل يكفى الغضب للتفكير فى مستقبل العراق والمنطقة العربية، ويلغى دور القادة العرب لوضع المسألة العراقية تحت بساط البحث والخروج بتصور مستقبلى.. كانت تلك هى نقطة البداية.. إننى أشعر بالخوف من الانسحاب العربى للتفكير فى مستقبل العراق.. لأن هذا الانسحاب يعنى أننا نترك العراق للتقسيم والتفتيت. والشعب للمجاعة والانهيار وسيظل  العراق الجميل وشعبه الحضارى فى أزمة مستحكمة بين مطرقة نظام قمعى لا مثيل له فى التاريخ وسندان قوة عظمى خرجت على رشدها. وتمارس العدوان على شعب أعزل يحتاج إلى الطعام والكساء.. بحجة مواجهة نظامه المتعنت. والذى يخرج من كل أزمة تصيب شعبه بروح عدائية أكثر ضد العرب جميعاً ويخلق مواجهات عربية حادة.. تصيب الكيان العربى كله بالتفتت والضياع.

هل نسلم العراق للأعداء بحجة عدم التدخل فى شئونه الداخلية؟

أسئلة كثيرة راودتنى عقب الأزمة الأخيرة.. خاصة عقب الأزمات المفتعلة .. التى برع نظام صدام حسين ومعاونوه.. فى تركها على الساحة.. تجعل الجميع يتناسون جرائمهم ليس فى حق الإنسان العربى فى العراق فحسب، ولكن فى حق جميع الشعوب العربية بلا استثناء بل فى حق البشرية كلها.. ونحن هنا مصممون.. على أن يجرفنا صدام حسين أو طارق عزيز.. أو حتى مهاترات وغوغائيات ابنه عدى وتصريحاتهم العدائية وحربهم الكلامية ضد من وقفوا مع شعب العراق فى أزمته الأخيرة عقب العدوان الأمريكى البريطانى فى ديسمبر ٨٩٩١..

إن تلك المجموعة الحاكمة والمتسلطة على العراق وشعبه تستفيد من وقوعنا فى هذا الفخ، لأن ذلك يجعلهم أنداداً وهم مجرمون وينبغى تقديمهم للمحاكمة فوراً جزاء ما اقترفته أيديهم من سفك وقتل للشعوب ولا يجب التسامح على الإطلاق، مع هذه الـمؤامرة لارتكابهم الخيانة الكبرى لشعبهم وللعرب جميعاً ولذلك كانت أول دعوة لنا لعقد قمة عربية فى أقرب فرصة.. ويجب أن يكون على أول أجندة لها هى إنقاذ شعب العراق من حكامه.. لأن رفع المعاناة عن العراق لن يتم وصدام حسين متسلط على مقاليد الأمور فى بغداد، بل إن تقديمهم للمحاكمة سيكون حماية للنظام العربى والمستقبل العربى من أن يتكرر مثل هذا النظام مرة أخرى فى المنطقة.. ولن تستطيع أن تتحمله أى بلد عربى.. كما أن العرب لم يصبح فى مقدورهم تمويل أو تحمل ديكتاتوريات مثل التى شهدناها فى العراق فى الرمق الأخير من القرن العشرين بعد انهيار سلعة النفط، وتبديد المدخرات البترولية ثمناً لغرور وحماقة القوة التى يتمتع به  صدام حسين ونظامه الأحمق.

يجب على العرب أن يسعوا إلى قمة سريعة لكى يفوتوا الفرصة على صدام حسين لكى ينتشى مرة أخرى لنجاحه فى تكريس الانقسام العربى الذى زرع فتنته فى حربه ضد إيران وكرسه عند غزو الكويت فى بداية التسعينيات.. ولكن أىة قمة عربية من البديهى الا يحضرها نظام صدام حسين.. الذى فقد أهليته لتمثيل العراق وشعبه بل إن نجاح القمة العربية القادمة إذا انعقدت سيكون فى تقديم حكام بغداد للمحاكمة.

ودعوتنا إلى عقد قمة عربية.. هدفها الأساسى إنقاذ العراق. والذى سيكون فى إنقاذه حماية للنظام العربى ككل من السقوط، فانعقاد قمة عربية، سيعكس صحوة أو إرادة عربية حية على مواجهة المشاكل التى وضعنا فيها النظام العراقى. كما أن القمة العربية القادمة ستعكس صحوة وستكون ترجمة لاستجابة القادة العرب.. لصحوة الشارع العربى ضد الاعتداء الأمريكى البريطانى على شعب العراق، لإنقاذه قبل الاحتضار والتمزق، والذى يحوله إلى نزيف قاتل لكل الشعوب العربية ويخل بالتوازن الإقليمى.. فإن القمة القادمة أمامها قضايا تمثل  للعرب أولويات مطلقة. لا يجب أن تترك للظروف أو للعشوائية لكى تقودها، ويأتى فى المقدمة.. وضع السلام العربى الإسرائىلى. وكيفية تقوية الفلسطينى فى مفاوضات الحل النهائى، ومساعدتهم للوصول إلى سلام عادل يضمن قيام الدولة الفلسطينية ويحفظ حق العرب والمسلمين فى القدس الشرقية. والعرب يحتاجون إلى استكمال حلقات السلام والحل على الصعيد السورى واللبنانى، ولا نغالى إذا قلنا إن العرب فى حاجة ماسة إلى نظام اقتصادى يكفل استقرار المنطقة.

بعد انهيار أسعار البترول ونضوب المدخرات التى استنزفتها القوى الخارجية والصراع العالمى.

القمة العربية ضرورة لإنقاذ النظام العربى من الانهيار وحماية الحد الأدنى من الحقوق العربية المهدرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى