مقالات الأهرام العربى

قمة العرب ضد »الفيتو« الأمريكى وآلية لـ »الطوق« ضد »الفيتو« الإسرائيلى

كشف  الرئيس  حسنى  مبارك  عقب  عودته  من  المغرب  والجزائر  فى  تصريحاته  الصحفية،  عن  أن  القاهرة  بكل  ثقلها  السياسى  وراء  عقد  قمة  عربية  شاملة،  وأن  القمة  المرتقبة  أصبحت  ضرورية  بل  حتمية،  وأهمية  تصريحات  الرئيس  أنها  تجىء  بعد  اجتماعات  قمة  عقدها  مع  العاهل  المغربى  الحسن  الثانى،  والرئيس  الجزائرى  عبدالعزيز  بوتفليقة،  فى  رحلة  سريعة  إلى  الجزائر  والمغرب،  وقبل  لقائه  مباشرة  مع  الرئيس  الفلسطينى  ياسر  عرفات  فى  القاهرة،  ومع  استعداده  للقاء  قمة  مع  الرئيس  السورى  حافظ  الأسد  فى  الأسابيع  القادمة .

المشاورات  المكثفة  أو  الاتصالات  المصرية،  للتمهيد  للقمة    العربية  شملت  كل  الزعماء  العرب،  وقد  أوضحت  بجلاء  الرغبة  الأكيدة  للزعماء  والقادة  فى  عقد  القمة،  واستكمال  العرب  لرؤيتهم  حوا  التنسيق  الإقليمى،  وتدارس  المشاكل  والمعوقات  التى  تواجه  دولهم  فى  المرحلة  الراهنة  والدقيقة،  فإذا  أضفنا  قضايا  السلام  والمفاوضات  الراهنة  إلى  الأصعدة  المتبقية  فى  فلسطين  وسوريا  ولبنان،  لاكتشفنا  على  الفور  خطأ  تأخير  انعقاد  القمة،  فإذا  كانت  إسرائيل  تخطط  فى  عهدها  الجديد  لإثارة  النعرات  والتنافس  بين  الأجنحة  العربية،  ولمن  ستكون  له  الأولوية  فى  التفاوض،  هل  سيأتى  استكمال  المفاوضات  والحل  النهائى  فلسطينيا  أم  فى  جنوب  لبنان،  فى  إطار  تسوية  مع  سوريا،  قد  تؤجل  ـ  إلى  أجل  غير  معروف  ـ  القضايا  المعلقة  والحاسمة  على  الصعيد  الفلسطينى،  سواء  فى  القدس،  أو  عودة  اللاجئين  أو  استشراء  سرطان  الاستيطان  الإسرائيلى  فى  الأراضى  المحتلة،    أو  حتى  المياه  واقتسامها  وكيفية  التعاون  أو  التنسيق  حولها؟

دعوة  الرئيس  مبارك  وتبشيره  بسعى  العرب  إلى  عقد  قمتهم،  جاءت  قبل  رحلته  إلى  واشنطن  مباشرة،  فى  إشارة  صريحة  إلى  أن  العرب  ـ  خاصة  القاهرة  ـ  لن  يقبلوا  أى  »فيتو«  أمريكى  حول  الدعوة  والتنسيق  العربى  فى  مفاوضات  الحل  النهائى،  خاصة  أن  الرئيس  أعلن  بوضوح  أن  قمة  عربية  لن  تُغنى  عن  قمة  لدول  الطوق،  أو  وجود  آلية  عربية  منتظمة  لدول  الطوق  فى  المرحلة  الحالية  للتفاوض  مع  إسرائيل،  واستكمال  السلام  لمراحله  الراهنة،  فهى    ضرورية  وحتمية  لإثبات  أن  العرب  سيدخلون  مفاوضات  الحل  النهائى  متحدين،  وقد  ارتفعت  بينهم  درجات  التنسيق،  كما  أن  العرب  لن  يقبلوا  بالمناورات  الإسرائيلية  واللعب  على  أجنحة  التفاوض،  وأن  السلام  مرهون  بالحل  النهائى  والانسحاب  الكامل،  وقيام  الدولة  الفلسطينية،  واسترداد  القدس  العربية،  بل  إن  القمة  أصبحت  معنية  بتحديد  شروط  التعاون  الإقليمى  فى  حالة  استكمال  إسرائيل  لشروط  السلام  على  جميع  الجبهات  العربية،  ولعل  وضوح  الرئيس  مبارك  فى  شرح  أبعاد  وأهمية  تَخَلُّص  منطقة  الشرق  الأوسط  من  الأسلحة  النووية،  إشارة  واضحة  إلى  أن  العرب  لن  يقبلوا  بسلام  تحت  تهديد  السلاح  أو  بسلام  تحميه  أسلحة  نووية  إسرائيلية،  فمن  المعروف  أن  إسرائيل  هى  الدولة  النووية  الوحيدة  فى  الشرق  الأوسط .  ودعوة  الرئيس  إلى  تَخَلُّص  هذه  الدولة  من  أسلحتها  النووية  جزء  رئيسى  من  شكل  المنطقة،  فى  ظل  السلام،  وأن  قبول  إسرائيل  ـ  إقليميا  ـ  مرهون  بتخلصها  من  السلاح  النووى،  ومن  هنا  بدأت  المنطقة  العربية  التحدث  بلغة  مشتركة،  وبتنسيق  ودعم  عربى  شامل،  ولعلنا  كعرب  جميعا  نشعر  بالارتياح  والتفاؤل،  فقد  أصبحت  الدعوة  العربية  الحارة  إلى  عقد  القمة،  بمثابة  رغبة  جماعية  وعارمة  لدى  القادة .

وإذا  أعدنا  التذكير  بدور  عدد  من  القادة  العرب  الذين  طالبوا  وَحَثُّوا  العرب  على  التنسيق،  مثل    الشيخ  زايد  آل  نهيان  ـ  رئيس  دولة  الإمارات  ـ  ودعوة  الأمير  عبدالله  بن  عبدالعزيز  ـ  ولى  العهد  السعودى  ـ  القوية  للتعاون  العربى،  والتنسيق  الإقليمى  فى  أثناء  زيارته  إلى  ليبيا،  التى  وصل  فيها  إلى  حد  المطالبة  بالوحدة  العربية،  والوقوف  ضد  التجزئة  والتفتت  العربى،  لاكتشفنا  أن  المناخ  العربى  ليس  مُهَيأ  لقمة  عربية  شاملة  فقط،  بل  أصبح  ممهداً  لتنسيق  عربى  شامل،  وأن  القمة  إذا  انعقدت  وسط  هذا  المناخ  العربى  المواتى،  فإنها  ستحقق  أهدافها،    وسيكون  نجاحها  مضمونا  فى  إبراز  موقف  عربى  موحد  من  المستقبل،  وتحديد  مضامين  ومسارات  القرار  العربى  على  صعيد  التعاون  الإقليمى،  ومواجهة  التحديات  المطلوبة  من  العرب  فى  الموقف  الراهن،  وفى  استرداد  الحقوق  العربية  المغتصَبة،  وقيام  دولة  فلسطينية،  واسترداد  القدس،  والأهم  وضع  حد  للصراعات  القطرية  والخلافات  العربية،  والاتجاه  نحو  كيان  عربى  موحد  يحقق  مصالح  الجميع،  ويمنع  الافتئات  على  الحقوق  العربية،  وعلى  الإنسان  العربى  الذى  دفع  ثمنا  فادحا  للخلافات  والانقسامات  العربية،  وقد  يكون  مُهَددا  فى  بقائه  ومستقبله  إذا  استمرت  لا  سمح  الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى