مقالات الأهرام العربى

معنى الضربة الجدىدة

ماذا يحدث في العراق؟ كيف يواجه الإنسان العراقي الحصار والعقوبات الدولية؟ هل يتعرض العراقيون لضربة عسكرية جديدة؟ وما موقف العرب؟ وماالأضرار الناجمة عن استمرار تَعرُّض العراقيين للحصار؟

تساؤلات عديدة تشغل الشارع والإنسان في كل البيوت العربية.. وبالرغم من أن الأزمة العراقية مستمرة منذ بداية التسعينيات ـ ولم تعد جديدة ـ بل إنها أصبحت مرشحة مثل الأزمة الفلسطينية. لكي تصبح أزمة عربية مزمنة.. إلا أن تجدَّد الأزمة أشعل الذهن العربي، وأظهر حالة الرفض والتذمر الشامل الذي نعيشه الآن ضد الولايات المتحدة الأمريكية.. بل ضد الأمم المتحدة والقوي المتحكمة في النظام العالمي الجديد.. ولعل الظاهرة الإيجابية التي نكاد نلمسها هي أن الشارع العربي أصبح لا يتقبل بسهولة الدعاوي الأمريكية، بل يرفضها..

حتي إن الحكومات العربية.. أصبحت الآن تتحدث عن أخطاء الرئيس العراقي صدام حسين ـ التي أوقعت الشعب العراقي في هذه المأساة الدامية ـ بالكثير من التحفَّظ احتراما لمشاعر العراق والعراقيين الذين يواجهون أبشع تحد من الممكن أن يواجهه شعب في عالمنا المعاصر، فقد أصبحت ظروف هذا الشعب ومأساته حدثاً يحرك الأسرة العربية.. وهناك الآن موجات من الغضب والتذمر والكبت الذي قد يولد انفجاراً في المنطقة ـ لا يمكن حسابه ـ سيطال بالقطع المصالح الأمريكية والغربية. ولا نعرف بالتحديد ما القوي التي تدفع المنطقة العربية إلي حافة الهاوية والصدام المروّع.

تشير المؤشرات إلي أن القوي المتحكمة في القرار العالمي الآن ـ سواء في الولايات المتحدة أو في أوروبا وحتي في روسيا ـ تدفع العالم إلي حافة عدم الاستقرار، ولا نريد أن نقول بأن وراءهم اليهود ـ حتي لا نتّهم بالتعصب واللاسامية ـ لكنهم بالقطع غلاة المتعصبين، فهم الذين يدفعون النظام الأمريكي ويقودون النظام العالمي الوليد إلي صراعات وحروب دامية، تهدِّد الاستقرار العالمي.. وإلا فماذا تسمون مايحدث الآن في المنطقة العربية المرشحة لحروب جديدة  ليس في العراق وحده، بل في كل مكان.. فهم الذين يخططون الآن لحرب أهلية بين الفلسطينيين بقبول الأمن مقابل السلام.. فيدفعون عرفات إلي قتال شعبه  وكل جريمته أنه قَبِل السلام مع الإسرائيليين، ليصبح مصيره حرباً دموية تدفع المنطقة إلي الانهيار.. لن يتوقف.

وهكذا.. وصولا إلي قضية العراق التي تشغلنا  فما المطلوب من العراقيين الآن؟… حقيقة هم أخطأوا بالعدوان علي الكويت، ولكنهم دفعوا الثمن غاليا.. وبعد مرور ٨ سنوات.. هل من الشرعية الدولية معاقبتهم باستمرار، وأكثر من مرة؟.. وبماذا ستبرر أمريكا أية ضربة جديدة إلي العراق؟.. هل نحن أمام استخدام مشروع للقوة.. أم أننا فعلا في حالة عدوان ىُعدُّ إخلالاً بالسلم؟. وإذا كان هناك عدوان فهو علي الشعب العراقي، وليس من العراقيين، فلا يستطيع أحد أن يثبت أن الشعب العراقي يستحق ضربة عسكرية جديدة، لأنه في الخامس من أغسطس الماضي أوقف التعامل مع لجنة تسمي »أونسكوم« مكلفة من الأمم المتحدة بتجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل، ووضعه تحت الرقابة الدائمة، واستمرت هذه اللحنة في أعمالها طوال هذه السنوات، ولم تستطع أن تنهي مهمتها، وعندما تذمر الشعب العراقي ورفض التعاون معها،

وكشف المهمة الاستخبارية لهذه اللجنة التي انقلبت من التفتيش إلي التنكيل والمحاصرة وعندما رفض العراقيون وضع مصيرهم في أيدي أشخاص مثل بتلر، وكل من رهن مستقبلهم ومستقبل أطفالهم ورغيف الخبز في أيدي لجنة كل مؤهلاتها الجاسوسية والتخابر، وتعمل لحساب قوي باغية معتدية، لاستنزاف الشعب العراقي الجريح، الذي لا يملك قوت يومه وأطفاله يموتون يوميا ويشيعون في جنازات علنية، عسي أن يستيقظ الضمير الإنساني النائم، ماذا يفعل العراقيون وهم أمام محطات الدموع والأ حقاد التي زرعت في الشرق الأوسط، وأصبحت  تحرك السياسات العالمية تجاه شعوبه؟ علينا أن نصرخ جميعا نحن في حاجة إلي الشعب العراقي، كل الأطراف العربية وكل دول المنطقة تركيا و إيران في حاجة إلي الشعب العراقي،

حتي إسرائيل، إذا أرادت أن تعيش في المنطقة بسلام، فهي في حاجة إلي كل شعوبها، فكيف تعيش والمنطقة كلها تأكل بعضها البعض؟ وكيف تأمن الولايات المتحدة علي مصالحها، وهي التي أضاعت كل المصالح العربية، وشردت الشعب الفلسطيني، ودفعت الشعب العراقي إلي حافة الانهيار والجوع والتمزق والتشرد؟

وقفة موضوعية لكل القوي التي تَدْفَع نحو الانهيار، ستكشف أن هذا السلاح سوف يرتد إلي الجميع وإذا كان الضمير الإنساني قد ضاع وسقط، ولم نعد ننشد العدالة لإنقاذ العراق وشعبه، فلتكن نظرة هادئة إلي مستقبل الجميع، حيث يتهدد النظام العالمي إذا استقوي علي العراق الضعيف، المحاصر، الذي يتعرض أطفاله ومستقبله للضياع، وعلينا جميعا أن نقف ضد أخطبوط القوي الذي يدفع إلي الانهيار، وأن تطلق الشعوب العربية صرخة تهديد للمصالح العالمية، إذا تعرض العراق إلي  ضربة جديدة، وأعتقد أن هذه الصرخة ستوقف المتربصين عند حدودهم الطبيعية.. وكفي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى