مقالات الأهرام العربى

حدث فى مصر..

إعادة ترشيح الرئيس حسنى مبارك فى مصر لدورة جديدة، شكّلت حدثا بارزا للمصريين والعرب جميعا، ليس لأنها حدث غير متوقع، لكن لأن فيها فرصة للمصريين ليعبروا للرئيس مبارك عن فرحتهم بهذا الترشيح، الذى جاء ليحقق لهم فرصة ذهبية، لكى يحتفلوا بإنجازاتهم عبر ٨١ سنة، ويدشنوا مع الرئيس مبارك ميلاد عصر جديد لبلادهم، قبل أن يحتفلوا بميلاد الألفية الجديدة.

شهدت القاهرة ظاهرة الإجماع الوطنى على ترشيح الرئيس مبارك عبر مجلس الشعب، ثم توالت مبايعات جميع طوائف الشعب، من مجلس الشورى والأزهر والكنيسة، ثم الاحتفالات المميزة للإعلاميين فى عيدهم السادس عشر، الذى تحول إلى مهرجان للإبداع تسابق فيه الصحفيون ورجال الأعمال والفنانون على اختلاف انتماءاتهم، لكى يعبروا للرئيس عن فرحة الشعب بالانتخاب، وتأكيد البيعة الجماهيرية للرئيس مبارك، وإذا كان أفراد الشعب قد انتهزوا هذه الفرصة لكى يعبروا عن امتنانهم للقائد، بما حققه لبلادهم من استقرار وتنمية وارتفاع مستوى معيشة، والتخلص من مشاكل ومعوقات جوهرية أعاقت التنمية والنمو، وانتقاله بمصر من بلد فقير إلى متوسط، ثم  إلى سوقا بازغة ومشرقة بالأمل فى التقدم، وإلحاق الاقتصاد المصرى بالاقتصاد العالمى، بمقاييسه ومعاييره العالمية، ونجاح الإصلاح الاقتصادى بامتياز وتفوق،

دون أن يُلحق الأذى بمحدودى الدخل والفقراء، بل مساعدتهم على الانتقال إلى مستوى أفضل، إذ فتح طريقا واسعا أمامهم للتحول والمشاركة فى الاستفادة من الكعكة الاقتصادية التى تكبر بانتظام، ويتم تقسيمها على العاطلين، وعلى الجميع باعتدال وثقة وتكافؤ وشفافية، قلما وُجِدَ نظير لها فى عالمنا المعاصر، خاصة النامى منه.

وكانت فرصة إعادة انتخاب الرئيس مبارك للشعب المصرى لكى يختبر مؤسساته وأحزابه السياسية فى قدرتها على التكيف مع النظام الديمقراطى والبنية الأساسية التى خلقها الرئيس مبارك، وبعثها فى مصر لكى تمارس بثقة حريتها السياسية دون فوضى أو اضطراب سياسى فى ظل ديمقراطية وحرية للرأى، تحافظ على كفاءة وقدرة النظام السياسى، وفى نفس الوقت تحمى البلاد بميزان حساس من الاضطرابات أو الفوضى، فكما نجح الرئيس مبارك فى المجال الاقتصادى، فى الانتقال التدريجى بمصر من برنامج للإصلاح إلى عصر جديد يُطْلَق عليه الآن فى كل الأوساط الاقتصادية فى العالم »عصر المشروعات العملاقة«، التى لم تشهدها مصر، بل لم تشهدها منطقتنا على الإطلاق فى تاريخها القديم أو المعاصر،

لقد نجح بنفس الامتياز والتفوق فى تدشين نظام سياسى يقوم على الحرية، وإطلاق دولة المؤسسات لتتفاعل وتنمو بدون فوضى، فى وقت حسم فيه الصراع ـ بين تيار الإرهاب والجاهلية والعودة إلى الوراء بالمجتمع والشعب بقوة الخوف والسلاح ـ لصالح التقدم والنمو والازدهار وبناء دولة المؤسسات.

وهكذا سارت مصر فى عهد الرئيس مبارك فى كل اتجاهات الإصلاح سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وبنت مؤسسات عصرية فى تكامل »بانورامى« للنهضة، أكدت أنه يملك مشروعا حضاريا ورؤية متكاملة لإعادة مصر إلى مكانها الطبيعى فى ريادة العالم والمشاركة فى التقدم الإنسانى المعاصر بما يليق بدورها وتاريخها القديم، باعتبارها الدولة والإنسان الذى وضع اللبنة الأولى للحضارة الإنسانية.

وإذا كان الشعب قد انتهزها فرصة للتعبير عما شعر به، فإن الرئيس مبارك كان فى ذهنه شىء آخر، فقد دَشَّن خلال هذه الأيام رؤية جديدة لمصر المستقبل، فطرح فى كل لقاءاته أجندة جديدة، استطاعت العقول المتابعة أن تلتقطها، رغم عدم تصريحه المباشر بها، فقد طالب الجميع بالعمل، وأن فرحة الإنجاز لا تعفى من الواجبات الجديدة والتصور المستقبلى المختلف للمرحلة القادمة، فحدد أن المشروعات العملاقة ستسير بقوة للأجيال القادمة، واستمرارية خروج مصر من الوادى الضيق لتعمير كل أراضيها عبر الصحراء، والامتداد العمرانى فى كل الأرجاء.

دور مصر فى حماية السلام الإقليمى والاستقرار، لن يقف عائقا دون الدفاع عن حقوق الفلسطينيين واستكمال السلام الناقص على كل جبهاته العربية فى فلسطين وسوريا ولبنان، فالتعاون الإقليمى مشروط باستكمال السلام، وأن يكون مشروعا ويحقق مصالح الجميع دون وصاية أو رعاية ضد العدالة ومصالح الشعوب العربية، ولم ينس الرئيس مبارك طموحه ومشروعه العملاق، الذى يتمثل فى سوق عربية مشتركة، ولم يقدم ذلك كشعار لا يملك وسيلة لتحقيقه، بل شرح كيفية الانتقال السلس من التعاون الثنائى ومناطق التجارة الحرة إلى السوق المتكاملة للعرب، فى ظل عصر الأسواق الكبيرة المتكتلة التى تضيع عبرها مصالح الصغار والضعفاء والمفتَّتين.

مبارك يُدَشّن شرعية جديدة للمستقبل، لمصر والمنطقة، فالرجل لا يكتفى بما حققه، ولا يبنى مستقبله فى المرحلة القادمة على ما حققه فى السنوات الماضية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى