مقالات الأهرام العربى

توهُّج الأهرام لا يتوقف

لم تمر إلا أيام قليلة على مناقشة معرض الكتاب فى مصر.. لكتاب الأستاذ إبراهيم نافع »الصين معجزة القرن العشرين«، حتى وجدنا عميد الأهرام وأستاذها الكبير على رأس فريق من خيرة خبرائها وصحفييها، يطير إلى قلب المنطقة العربية، يستشرف مستقبلها بعد السلام.. انتقل بنا من التغلغل فى بلاد السحر والأساطير، إلى تلخيص الإرادة الفولاذية للتقدم والنمو.. وكعادة الأستاذ نافع فى تقديمه المفيد والممتع معا، فقد غاص فى بلاد الأساطير الملونة بالسحر والغموض، وشرح بلغة دقيقة وسلسلة كيف أصبحت بلاد الأرقام الكبيرة.. المستقبل الأكبر للاستثمارات، لأسلوبها المتميز فى التنمية بمزج الرأسمالية والشيوعية معا.. وحربها ضد الفساد فى طول البلاد وعرضها قبل أن يلتهم العصب الحساس..

ولم ينس البعدين الاجتماعى والثقافى ودور المرأة.. حتى يستطيع أن يقدم صورة كاملة للمشكلات التى تصاحب صحوة التنين الأصفر.. هذا الكتاب ـ الذى كان وسيظل ثمرة مفيدة وباقية لجولة الأهرام الصحفية المعمقة فى آسيا ـ يرصد صورة المستقبل وتجارب العالم.. وكيف نستفيد منها، فهو يعكس قدرة الأهرام الصحفية على العمل فى عالم متغير. ويؤكد قدرة الأهرام ورئيسها على التجدد وتكامل خدمتها من مواقع الأحداث مباشرة لقارئها.. وإنها لا تقنع بما تحققه من أعمال وإنجازات. ولكنها وضعت أمامها قاعدة التوهج الصحفى والعمل الجاد طريقا مستمرا لأعمالها.

فالجولة الجديدة فى العالم العربى للأستاذ إبراهيم نافع تقيس حسابات ما بعد السلام، كما سماها بحق فى تقديمه للجولة المهمة، فطار من القاهرة محور الأحداث، ليقترب من العصب الحساس والمتوتر فى قلب الحدث، فقد بدأ فى الأردن، والتقى مع مليكها الشاب وصنّاع القرار فى الحكومة والسياسيين والمتنفذين الأردنيين، لينقل صورة حية للتفكير العربى ورؤية منطقتنا.. وثم انتقل إلى لبنان الموقع الأكثر حساسية، الذى تشكل جبهته أرض المقاومة.. ومحور الصراع الحى والمستمر حتى الآن بالمدافع والطائرات. الذى يرتفع ترمومتره يوميا ـ حسب التطورات ـ حتى إن الربط أصبح متكاملا بين أزايز الطائرات ودوى المدافع فى الجنوب، وحركة المفاوضين فى واشنطن، وفى المنطقة العربية.. الكل يتسابق لتغيير الأوضاع على طاولات المفاوضات.. وصولا إلى سلام أو تسوية مرتقبة.

ولم ينس أن تركيا جزء حيوى ومهم من الشرق الأوسط الجديد، فتأثيرها على مجمل الصراع والتسوية واضح وقوى، فهى الجار القوى، يلتقى داخلها الشرق والغرب معا. وإذا كان تمويل عمليات السلام ماليا من أمريكا وأوروبا، فإن ضمانته المائية هى تركيا. وحدّثْ ولا حرج عن الماء، فهو نقطة الخلاف أو الصراع القادم أوسطيا، والتعاون والتنسيق بين دول المنطقة المتصارعة حوله.. سيكون هو المحور الأكثر تأثيرا فى مستقبل عالمنا.

فكر الأستاذ إبراهيم نافع وخطط مع معاونيه فى الأهرام، وانطلق إلى محور الأحداث.. والتقى بالقادة والزعماء، وبسط كل الأفكار على  بساط البحث وفتح باب المناقشة حول المستقبل، مدركا أن الوعى بالمتغيرات هو الذى يضمن صحة خطواتنا.. فلا مستقبل أفضل بدون جهد إنسانى مبدع.

ولعل ما يلفت نظرنا نحن الصحفيين.. هو صحاف الفريق التى يقودها الأستاذ نافع، فهو يعمل ويضع نصب عينيه المؤسسة التى يقودها، ويفعل كل ما يخدمها ويُعلى من شأنها فيسير نحوه بلا توقف أو تردد، وعندما أدرك أن صحافة الفريق لها الأولوية المطلقة فى هذا العصر صنعها وتحرك بها.. وجمع بين الخبراء والباحثين والصحفيين فى ضفيرة متكاملة.. ليقدم لقراء الأهرام ومطبوعاتها الخدمة الصحفية الشاملة.. وتجربة آسيا التى جاءت عقب انهيار النمور الآسيوية اقتصاديا.. أصبحت حديث العالم أمامنا، فقد تحرك بفريقه.. وقدم خلاصة التجربة من أحاديث ومشاهدات وتحليلات عميقة للمعلومات والأخبار.. مقدما لونا متميزا ومعمقا لدور الصحافة فى ظل المتغيرات الكبيرة فى وسائل الاتصال والإعلام.

ولم يكتف بالعمل اليومى والصحفى الشاق. للقارىء الذى يعايش الأحداث، ويجرى وراء المعلومات من الصحيفة إلى المجلة، وعبر الأثير، وفى الفضاء.. فقدم الكتاب.. وكان لتجربته الآسيوية كتابان كعلامة بارزة لهذه التجربة الصحفية الفريدة. ولم يكونا إعادة إنتاج لما نشر فى الأهرام ومطبوعاتها، بل تجربة جديدة للعمل المتقن. الذى  يحفظ الحدث، وينقل تجاربه ليس للمعاصرين فقط، لكن للأجيال القادمة أيضاً.

والتجربة الجديدة.. فى قلب المنطقة العربية حول المستقبل وأبعاده.. تمسنا مباشرة، ونحن نترقبها وندرك نجاحها.. وأنها ستكون عملا بارزا، سنستفيد منه جميعا.. ومبعث ثقتنا فى النجاح.. هو قدرة الفريق الصحفى لـ »الأهرام« والإعداد الجيد والدراسة المتقنة. والمكانة الرفيعة والتواضع الجم لقائد الفريق.. الأستاذ إبراهيم نافع.. ولا شك أننا سنجد تجاوباً ورغبة صادقة من صناع الأحداث ونجومها فى منطقتنا.. حتى نضع أيدينا وعقولنا على مفاتيح الحركة والعمل لصناعة السلام الحقيقى، ولما بعد السلام.. لنجنب شعوبنا مخاطر السقوط وغياب الرؤية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى