مقالات الأهرام العربى

مبارك ..

حفر الرئيس حسنى مبارك دوره ومكانته السياسية محليا وإقليميا وعالميا، عبر سياسات استمرت طوال ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين..

وإن كانت شخصيته العامة قد ظهرت لنا بجديتها ووطنيتها، كبطل قومى فى السبعينيات، ووصلت إلى قمتها، بقيادته لأصعب سلاح فى حرب الجو، إلى أن تحقق النصر العزيز فى أكتوبر ٣٧.

وظهرت لنا مكانته، السمة البارزة فى سياساته، التى وضعت المصالح العربية وحقوق شعوبها، وقضيتنا المركزية، فى الوصول لسلام عادل، واستقرار للشرق الأوسط، فى مكانها الصحيح، فهى القضية الأولى.. الحق فيها واضح، والمطالبة به لا تحتمل التردد أو المقايضة.. وبذلك احتلت مرتبتها المتقدمة فى أجندة السياسة المصرية.

فإذا كان من حق أصحاب الحق المباشر أن يملكوا قرارهم فى تقرير مصير حقوقهم وأراضيهم، مثلما استطاع المصريون فى حربهم وتفاوضهم، أن يحصلوا على حقوقهم فى سيناء ـ فإن الفلسطنيين، والأردنيين، والسوريين، واللبنانيين، لهم نفس الحقوق ـ ولكن ذلك لا يعنى أن نترك أصحاب الحق للانفراد بهم وحدهم.. فلم يقبل مبارك بالمحاولات الإسرائيلية، أو الإغراءات الأمريكية للإنفراد بالفلسطينيين، أو السوريين، واللبنانيين فى تفاوضهم وقتالهم السياسى، لاسترداد الحقوق المشروعة، فكان الدعم المصرى على كل الأصعدة إقليميا وعالميا..

من أجل أن تستمر القضية العربية حية، والعرب جميعا وراءها، والدور المصرى مستمر ولم يتغير منذ الدقيقة الأولى، للانتقال من الصراع العسكرى إلى الصراع السياسى، وصولا إلى السلام العادل الذى تقبله الشعوب، وحقوق العرب لا يمكن المساومة عليها، أو تركها دون الوصول إلى الأمل المرتقب.. دولة فلسطينية مستقرة، عاصمتها القدس الغالية..

ومن هذا المنظور نستطيع أن نرقب التحرك الأخير، والقمم الثنائية، والتى كان أبرزها مباحثاته مع خادم الحرمين الشريفين ـ الملك فهد بن عبدالعزيز فى جدة.. فمن الضرورى فى كل القضايا العربية الكبرى، والأزمات الصعبة، أن يكون التنسيق العربى، وخاصة محور القاهرة ـ الرياض فى وضعه الصحيح والمأمول.. فهما القوتان العربيتان القادرتان على المجابهة على المستوى العالمى والإقليمى، دفاعا عن المصالح العربية الكبرى والتاريخية..

ولم تكن المصادفة فى هذا الوقت الصعب والدقيق ـ من الصراع العربى الإسرائيلى، أمام التعنت الإسرائيلى فى رفض السلام، واغتصاب الحقوق الفلسطينية والعربية ـ أن يكون لقاء الزعيمين العربيين الكبيرين، مبارك وفهد، عبر محطة دولة الكويت، بعد أن التقى مبارك بأميرها، الشيخ جابر الصباح، فى مباحثات سياسية هامة، وضعت أمام القادة العرب كل الظروف والمتغيرات، التى تمر بها القضية العربية، وأظهرت بما لا يدع مجالا للشك، أن التنسيق العربى يجب أن يكون فى قمته.. فأعادت إلى أذهاننا كيف استطاعت السياسة العربية، والتعاون الناجح والمثمر، بين مصر والسعودية، إبان أزمة الخليج.. ومحاولات نظام صدام حسين ابتلاع الكويت، وتهديده للنظام العربى ككل، فكانت المواجهة حفاظا على استقرار كل دول المنطقة، بما فيها العراق وشعبها.

واليوم تتكرر المواجهة مع العدو الإسرائيلى، وبشكل جديد يستدعى التعاون، والتنسيق العربى على كل صعيد.

ولذلك وجدنا الحركة على كل المحاور، والاستعداد لقمة دول المواجهة المباشرة ـ فلسطين، وسوريا، والأردن، ومصر..

تنسيق عربى مستمر ومكثف.. مباحثات لم تتوقف مع الراعى الرئيسى للسلام الولايات المتحدة.. بل إن المواجهة السياسية مع إسرائيل، تأخذ أشكالا عديدة، وصلت إلى طرح الحق العربى أمام الرأى العام الإسرائيلى، وصولا لكسب التيارات الواعية والراغبة فى الاستقرار والسلام العادل.. ووصل طرق الأبواب، وحشد كل القوى إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختلفة من دول عدم الانحياز إلى الدول الإسلامية، إلى الدور الأوروبى والآسيوى.. لم تتوقف عند باب إلا وطرقته، أو قوى إلا وحشدتها.

وأمام كل هذا العمل الوطنى المتميز.. لا نملك إلا أن نقدم التحية والتقدير للقائد  مبارك فى عيد ميلاده، احتراما للدور والمكانة التى اكتسبها لدى الشعوب، بعمل لم يتوقف على كل الأصعدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى