مقالات الأهرام العربى

العرب.. وزلزال إيران

اهتز الوجدان العربى، وشعرنا بمرارة الكارثة فى كل بلداننا العربية.. عقب حدوث الزلزال المأساوى الذى هز إيران.. وتبين لنا أن المشاعر لا تكذب، وأننا أمة واحدة فعلا.. وحفر فى ذهننا مشهد الطفل الإيرانى، الذى تجمد لرؤية أمه وهم يخرجونها من تحت الأنقاض، والآخر الذى خرج مذهولا ينبش بين الأنقاض، ليكشف عن والديه.. صورا حية لعمق المأساة الإنسانية التى تخلفها الكوارث الطبيعية، والحوادث المفجعة، على الضمير الإنسانى ككل.. وتوالت فصول الكارثة الإيرانية التى دمرت 200 قرية فى شرق إيران، وراح ضحيتها ما يقترب من ثلاثة آلاف، غير المشردين من الأطفال والنساء والرجال، الذين كانوا فى حقولهم يعملون.. ثم عادوا فوجدوا كل شىء فى حياتهم قد تهدم قراهم ومنازلهم وأسرهم، وممتلكاتهم ضاعت.. كل هذه المشاهد تفجع  وتدمى قلب الإنسان.. فما بالكم  إذا كانت تجمعنا بهم رابطة المحبة التى تولدت عبر سنين جوارنا المشترك، وديننا الحنيف.. الإسلام ديننا الذى تحول من عقيدة نؤمن بها، إلى شريان حياة يعيننا على البقاء، وحب الحياة والعمل فيها..

المشاعر التى ألمت بنا نحن الشعوب العربية، عقب الكارثة الإيرانية، كشفت لنا بعمق، أنه بالرغم من أية خلافات وأطماع سياسية، قد تخلقها طموحات الزعامات أو القوى الحاكمة، ولكن للشعوب رأى آخر.. يظهر فى وقت الكوارث والأوقات الصعبة، يعكس الرغبة الكامنة لدى شعوبنا فى تعاون مثمر.. سواء كانت فى الأوقات الصعبة أو السراء والضراء..

وكان قرار الزعيمين العربيين ـ المصرى حسنى مبارك، والملك فهد ـ خادم الحرمين الشريفين.. بإرسال مساعدات عاجلة وفورية للحكومة والشعب الإيرانى.. يعكس أن القرار العربى يضع أمامه وفى حسبانه دائما مصالح المنطقة ككل، وحقوق شعوبها على بعضها البعض.

وأن الرؤية السياسية الصائبة، ترى أن الاستقرار لكل العرب والمسلمين واحد.. إنه استقرار لبلداننا جميعا..

وإذا كانت رؤيتنا لكارثة الزلازل وتوابعها.. تجعلنا جميعا نتذكر واجباتنا السياسية التى تغيب فى أحيان كثيرة، وتجعلنا نجرى دائما وراء أطماع سياسية غير مبررة، أو مصالح خفية، لا تحقق أهدافنا الحقيقية، ولكن تخلقها فى ظل ظروف سياسية مؤقتة، أو مصالح أنظمة تسعى للسيطرة والنفوذ، حتى ولو كان ذلك على حساب المصالح الحقيقية لشعوبها.

أما الوقت الراهن والزمن الصعب الذى تعيشه منطقتنا العربية والإسلامية، يجعل التحديات التى نواجهها على كل المستويات، من الصعوبة التى تجعلنا نشعر أننا أحوج ما نكون للتعاون والتكاتف على مواجهتها، فالشعوب العربية والإسلامية، تواجه تحديات التحديث والتقدم، وحل مشاكل شعوبها، وتحقيق طموحها فى رفع مستوى المعيشة، ومسايرة التقدم الاقتصادى المذهل، والتطور المعيشى الذى يحدث فى الغرب.. وفى الوقت نفسه، فإن الزمن الراهن يدعو العرب والمسلمين لمزيد من العمل، وفق أصول وقواعد العصر الحديث، دفاعا عن ثقافتهم وهويتهم، واحتراما لمقدساتهم، وتاريخهم الطويل، والمأمول منهم أن يكونوا جميعا على مستوى التغييرات والتطورات الهائلة، وأن يواجهوها متحدين.. وأن ينبذوا عوامل الفرقة والصراع، ويتعاملوا بلغة العصر، لأن حجم المواجهة أكبر من قدرتهم منفردين، ولكى ينجحوا فى مواجهة العصر والزمن الصعب، وليس للتغلب على الكوارث الطبيعية، أو الحوادث فقط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى