مقالات الأهرام العربى

ما لا تعلمه أمريكا !

تتصور الولايات المتحدة بما تملكه من إمكانيات ودور فى عالمنا المعاصر، أنها تعلم كل شىء.. وأصبح يتحكم فى سياستها ودورها العالمى عقدة جديدة، تفوق ما تحكم فيها فى السابق، من عقدة فيتنام ـ إلى عقدة القوى الكبرى الوحيدة، التى آلت إليها أوضاع العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتى، وانتهاء الحرب الباردة، حتى أصبحت كل القوى فى عالمنا الراهن، إما تابع أو حتى ممول لسياسات الولايات المتحدة، فى إقامة النظام العالمى الجديد، فهذه اليابان تمول سياسات أمريكا فى آسيا، وترعى النمور الأسيوية… وألمانيا تمول الرابيات  الجديدة فى شرق أوروبا، وجمهوريات الكومنولث، وروسيا.. ناهيك عن الرعاية الأمريكية المباشرة للأمريكتين…

وبذلك، فأمريكا فى عالم اليوم أمامها الخريطة العالمية، وجميع المعلومات تأتيها سواء من الجامعات أو مراكز الأبحاث، أوأجهزة »الأمنجلنيسيا« العالمية.. الكل فى خدمتها، ويحاول أن يرضى السيد الجديد…

حتى يكاد المرء يتصور أن كل المعلومات والحقائق، تصب أمام صانع القرار الأمريكى، أى أنهم يعرفون كل شىء،، والذين يحلمون بعالم جديد تسود فيه أقطاب متعددة، مازالت أفكارهم فى طور الحلم والتفكير، وغير واقعية، حتى أن أوروبا الغربية، الحليف الاستراتيجى الأمريكى طوال القرن العشرين، وشريكه فى انتصار ما بعد الحرب الباردة، تحولت إلى تابع أو شبه تابع، ودورها برغم ما يبدو من استقلالية، هو فى حقيقته رأى إعلامى غير مؤثر فى دوائر القرار العالمى.. والصين مازالت قوى غير مؤثرة، وفى مرحلة النمو والتكوين.

إذن أين هى الحقيقة الغائبة عن الدولة القائدة فى عالمنا المعاصر، وصاحبة اليد الطولى فى النظام العالمى الجديد؟.. أعتقد أن ما غاب عن أمريكا هو دور الشعوب وتأثيرها، وهو الدور الذى لعبت أمريكا طويلا فى تعظيمه عبر الإعلام الجماهيرى والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.

ولكن ما يحدث فى الشرق الأوسط من دور أمريكى مغاير ومتعنت، ويصل إلى درجة التبعية لإسرائيل ـ وليس إسرائيل كلها.. ولكن للفريق اليمينى المتطرف ـ الحاكم حاليا ـ تحول إلى سخط داخلى وعام فى الرأى العام العربى.. الذى يشعر بالإحباط من الدور الأمريكى الحالى، والذى يراه ضد الحق والعدل. ففى الوقت الذى  رضى به العرب والفلسطينيون بالحد الأدنى من حقوقهم المغتصبة ـ نرى المعتدى ـ وتساعده أمريكا وتقف بجانبه يوميا ـ يمارس التسلط والعنف والإرهاب ضد الشعب الفلسطينى الأعزل، إلا من الحجارة..

وحقوق العرب المسلمين فى القدس مهددة بالضياع، بالتسلط الإسرائيلى والأمريكى.. وتم تجميد عملية السلام على الجانب الفلسطينى والسورى واللبنانى لصالح المعتدى والمتطرف..

والبعد الغائب عن الدولة العظمى هو ما تفقده يوميا داخل الشارع العربى من رفض واستهجان.. يكاد يؤدى على المدى المتوسط والبعيد، إلى تهديد كامل لمصالح الدولة العظمى، بل يهدد الاستقرار العالمى، وما نقوله ليس تهديدا أو تلويحا بسلاح مضاد يتعامل بنفس منهج التطرف والإرهاب الإسرائيلى، ولكنه حقيقة غابت عن أمريكا القوية.. أو تناستها فى غمرة التبعية لإسرائيل أو فى زهوة الانتصار..

ما نحذر منه هو أن الإعلام الأمريكى، أو الأموال والسلع والخدمات، لا تستطيع أن تجعل الشعوب تنسى حقوقها و مقدساتها، وسيكون غالبا على أمريكا أن تسترد ثقة الشعوب مرة أخرى، بعد أن وقفت مع المعتدى ضد الذى ضاعت حقوقه، ويطالب بالسلام فى عصر الشعوب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى