مقالات الأهرام اليومى

رمز يتعرض للمهانة‏!‏

في هذا المكان‏,‏ نقلت بشري للناس مفادها أن وزير الثقافة فاروق حسني قرر نقل تمثال رمسيس من مكانه‏,‏ ولا نعرف متي يتم النقل إنقاذا لهذا الرمز من تاريخنا القديم من المهانة والاستهتار الذي نعيشه في حاضرنا الذي لن أصفه‏,‏ فهو قابع في ميدان رمسيس والفوضي التي يعيشها والتي تعكس حالة حية للقاهرة في وسط المدينة وفي كل أحيائها وأطرافها وجنوبها وشمالها وغربها‏,‏ عاصمة مستحيلة يعيش فيها خمس المصريين‏,‏ ولا حل لإنقاذها من كل المشروعات التي تضخمت فيها بصورة عشوائية‏,‏ تزيد من تكدس أبنائها ولا تحل مشاكلهم بل تعقدها‏.‏

في حقيقة الأمر فإنني أشعر بالزهو والفخار للمصريين الذين يعيشون في القاهرة‏,‏ فهم رغم الفوضي وعدم التنظيم‏,‏ وغياب المنظمين أو الحكومة الفعالة يعيشون‏,‏ وحجم توترهم وغضبهم محدود‏,‏ بما يكشف عن جمال معدنهم‏,‏ وأصيل سجاياهم ولكنه يكشف ـ كذلك ـ عن ضعف المنظمين والإدارة التي تنظم أحوالهم وتخطط لمستقبلهم‏.‏

وردا علي المقال الذي سبق أن نشرته في هذا المكان تلقيت اقتراحا مهما من الدكتور مجدي بطرس إبراهيم الأستاذ بكلية التجارة جامعة حلوان الذي يقدمه قائلا‏:‏

عندما قام حكام أفغانستان السابقون بتحطيم تماثيل بوذا الأثرية قامت الدنيا ولم تقعد احتجاجا علي تدمير هذا الأثر بما يحمل من قيم التراث الإنساني‏,‏ وعندما تعرضت بعض المعابد الفرعونية في صعيد مصر لأخطار الفيضان تم نقلها في إطار حملة دولية تكلفت الملايين‏,‏ وذلك حماية لها كتراث إنساني يحمل الكثير من قيم حضارة وعبقرية الشعب المصري العريق‏,‏ وعندما وضع تمثال رمسيس ذلك الملك العظيم في الميدان المسمي باسمه في قلب القاهرة كان ذلك تكريما للأجداد واعترافا من الأحفاد بعظمة وبشرف الانتماء إلي هؤلاء العظماء‏,‏ وقد تم ترميم التمثال بمهارة الفراعنة الأحفاد بنفس الجرانيت الوردي الذي صنع منه التمثال في الأصل‏,‏ وكانت تتدفق من تحت أقدامه نافورة صممت لتناسب هذا الأثر الفريد في كل شيء‏,‏ وكلما مررت الآن بهذا العمل الفني الفريد وشاهدت ما آل إليه من إهمال‏,‏ فقد اختفت النافورة وتحول اللون من اللون الوردي إلي اللون الرمادي وهو في طريقه إلي اللون الأسود‏,‏ وبعد أن كان رمزا للعزة والفخر أصبح رمزا للمهانة والاستهتار وعدم المبالاة‏,‏ وكنت أتذكر علي الفور ذلك التمثال الفرعوني الذي لا يزيد ارتفاعه علي نصف متر‏,‏ والمعروض بمتحف مدينة بوسطن

في الولايات المتحدة‏,‏ وكيف يعرض‏,‏ وكيف يضاء بكل جلال واحترام‏,‏ إلي السيد وزير الثقافة من مواطن يدمي قلبه كلما مر علي هذا التمثال اتقدم باقتراح من نقطتين‏:‏

‏1‏ـ إذا لم يكن في الاستطاعة نقله الآن‏,‏ فهل في الإمكان تنظيفه وتغطيته حفاظا عليه وعلي كرامتنا كمصريين حتي يتم التصرف فيه‏.‏

2‏ ـ لماذا لا ينقل هذا التمثال إلي حرم جامعة القاهرة مثلا‏,‏ ويتنقل باقي التماثيل المكدسة بالمخازن أو التي مازالت ملقاة في العراء في صعيد مصر إلي حرم كل جامعة مصرية رمزا للوفاء وتذكيرا للأجيال بالانتماء إلي هؤلاء العظماء الذين علموا الدنيا‏.‏

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى