قضية الساعة يقظة نائب في دولة الموظفين!

لو أن كل مواطن أو كل نائب انتبه إلي معالجة أزمة أو مشكلة تمر بها بلادنا لتخلصنا من مشاكلنا. ولو شعر كل منا بدوره في معالجة الأخطاء لاختفت اللامبالاة, وتحولنا جميعا إلي إيجابيين وفعالين ومساهمين بل ومشاركين في اتخاذ القرارات. وهذا هو بعينه طريق الفعالية بل التغيير الحقيقي.
فيجب أن نفهم التغيير بالدور والقدرة علي التأثير وليس بتغيير الأشخاص إو أصدار القوانين والتشريعات بدون آلية تنفيذها لأنها ستكون حينئذ حبرا علي ورق أو شاهدا أو رمزا علي قدرتنا علي الكلام بلا فعل أو تأثير.
احتوتني هذه الأفكار بعد استجواب النائب البرلماني زكريا عزمي الذي لاحظ تشبع كل برامج رمضان في المحطات التليفزيونية الأرضية والفضائية بأرقام تليفونات المسابقات, والتي تتجه إلي ابتزاز المشاهدين واستخدام غريزة الرغبة في الكسب السريع بدون ألم أو عمل, أو كما وصفتها أستاذة فنزويلية شهيرة في علم النفس:غريزة استثمار أحلام الفقراء بكسب الآلاف بضربة الحظ العشوائية حيث انتشرت هذه المسابقات واستغلت فترات المشاهدة القياسية للتليفزيون في رمضان مستثمرة انتشار الموبايل ورغبات شركات الاتصالات والتليفونات في زيادة الخدمة لتدر علي هذه الشركات أو الأرقام التي تمثلها عائدات وأرباحا مذهلة بلا عمل أو خدمة حقيقية إلا عملية اللوتارية غير المنظمة. أو بدون ترخيص, فتلك العمليات في البلاد التي لها أجهزة حكومية محترفة تدر دخولا ضرائبية هائلة وتكون تحت رقابة دقيقة لمعرفة الجوائز وكيفية تسليمها وحماية أوهام البسطاء. حتي ولو كانت في فزورة وهمية فالحكومات تعمل بقوة في تلك المناطق الحساسة, أما في بلادنا فكل شيء سداح مداح ومفتوح للمغامرين واضعي اليد الذين يسرقون الحكومة كل يوم ويسرقون الأرصفة والشوارع والأراضي ويبيعون كل شيء بعيدا
عن الحكومة حتي أصبحنا نتندر بأننا بلاد واضعي اليد والمغامرين والبلطجية.
وكانت نتيجة هذا الاستجواب والمكاشفة ودقة الفكرة أن تكونت اللجان في وزارة الاتصالات لمعرفة ما يحدث وكيف يحدث وأي إدارة وشركة تديره بعيدا عن الحكومة, والنتائج الإيجابية تتوالي حيث اكتشفت وزارة الاتصالات المكاتب أو السنترالات التي تسرق الخطوط الدولية! والخسائر هنا بالملايين وتدفعها الحكومة, كل هذه الخسائر المدوية نتيجتها المباشرة أننا ركزنا جهودنا في الإصلاح الاقتصادي ونسينا الإصلاح الحكومي, لأن الحكومة المحترفة هي التي تدير كل الأعمال وتحمي الاستثمار والمستثمرين وتحمي الشوارع وتعطي التراخيص وتعاقب المغامرين وسارقي المال العام ومن يسطون علي الشوارع والحقوق والأرصفة ويستولون علي الكهرباء ويسرقون المياه والتليفونات والاتصالات بل ويدمرون الشوارع وكل هذا لأن الحكومة غائبة أو غير محترفة رغم أننا دولة الموظفين الكبري. فكروا بعض الشيء فنحن نريد حكومة محترفة وموظفين يأخذون أجورا كبيرة ويؤدون أعمالهم أما باقي الموظفين فيجب أن نحيلهم علي المعاش ونعطيهم إعانات بطالة, والحكومة المحترمة ستكون قادرة علي تحصيل الضرائب وحماية الاستثمارات والأموال العامة بل وإدارتها بكفاءة وجدية أفضل من دولة الموظفين الحالية.