مقالات الأهرام اليومى

الجريمة غير المجرمة

يحزنني لجوء المصري إلي شراء احتياجاته وسلعه الشخصية من الخارج‏,‏ ويفزعني لجوء الحكومة والشركات العامة والخاصة للاستيراد‏,‏ في حين أن السلع والخدمات متوافرة في مصر‏.‏
وبعيدا عن الحزن والفزع فإنني أعتبر اللجوء للاستيراد مع توافر السلعة والخدمة المحلية جريمة خطيرة‏,‏ تستحق التجريم ومحاكمة أصحابها‏,‏ لأن إيذاءهم لبني وطنهم أكبر‏,‏ فهم يبددون موارد نقد أجنبي نستحقها للتشغيل الداخلي‏,‏ واستيراد مستلزمات إنتاج‏,‏ كما أنهم يحرمون العامل والموظف المصري من العمل‏,‏ والتكسب وفتح بيته‏,‏ وهم بهذا يهددون مصالح الوطن بتفشي البطالة وانخفاض دخل المصريين‏,‏ ويؤثرون بقراراتهم هذه علي مستقبل الأسر ومستوي معيشتها‏,‏ ويؤثرون في كل نواحي الحياة في بلدنا بالسلب‏.‏

وتوقفت خلال الأيام الماضية في الصفحة الأولي في الأهرام أمام نداء استغاثة من شركتين مصريتين تناشدان وزارة الزراعة والهيئة العامة للخدمات البيطرية‏,‏ حيث إنهما بعد أن حصلتا علي مناقصة لإنتاج أدوية بيطرية مصرية‏,‏ تصدر إلي الخارج ولهما الكفاءة والمقدرة علي ذلك‏,‏ وجدتا من يتلاعب بهذه الموافقة لمصلحة المستورد‏,‏ ويريد أن يعيد المناقصة لصالح الشركات الأجنبية أو المستورد‏.‏
وتوقفت أمام تأثير هذا العمل علي مستقبل العمال المصريين والشركات المصرية‏,‏ التي يجب أن يرحب بإنتاجها في سوقها قبل غيرها‏,‏ خاصة إذا كانت بنفس كفاءة المستورد وأقل من أسعاره‏.‏

وإلا لماذا نخسر أموالا ونبددها بالاستيراد‏,‏ إضافة إلي تأثيرها الضار علي سعر صرف الجنيه المصري‏,‏ الذي يتدهور باستمرار نتيجة لهذه القرارات الخاطئة وحرمان الإنتاج المحلي من هذا العمل‏,‏ إلا أن يكون في الأمر جريمة‏,‏ وجريمة كاملة تستحق نظرة الأجهزة الرقابية‏,‏ وتدخل المسئولين في وزارة الزراعة‏,‏ التي يجب أن تكون حذرة ويقظة‏.‏
هذه جريمة كاملة وخطيرة‏,‏ وتأثيرها علي مستقبلنا جميعا‏,‏ أكثر خطورة‏,‏ ويجب علي كل الأجهزة الحكومية والوزارات والمؤسسات والشركات العامة والخاصة‏,‏ أن تحد من الاستيراد‏,‏ وتتجه إلي الإنتاج المحلي‏,‏ بل حتي مستلزمات الإنتاج المحلية‏,‏ حتي نحمي الجنيه المصري ونوفر فرص عمل متزايدة أمام العاملين والشركات المصرية‏,‏ وإلا استمر انخفاض سعر الجنيه‏,‏ وتقلصت الأسواق‏,‏ وازداد الانكماش والكساد للسلع المحلية‏,‏ وازدهر العامل الأجنبي والمنتجات الأجنبية علي حساب اقتصاد بلدنا وعمالنا‏,‏ ويجب أن تلقي مثل هذه الاستغاثات والنداءات آذانا صاغية من قبل الأجهزة الحكومية ومن الأجهزة الرقابية‏,‏ حتي تكتشف الجرائم مبكرا وتصحح الأوضاع‏,‏ قبل أن تلحق بنا الخسائر الكبيرة‏,‏ ولا يشعر العمال والمستثمرون المصريون بأن الحكومة وأجهزتها تعمل ضدهم‏,‏ أو أن آذانها غير صاغية‏,‏ بل لاهية ومبددة ومن هنا يجب أن تؤكد الحكومة وأجهزتها أنها تعمل لمصالح المجتمع العليا‏.‏

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى