المكتبة في مصر

حققت مصر بافتتاح مكتبة الإسكندرية( في أكتوبر2002) رسالة عالمية لا يمكن الاستهانة بقيمتها, معلنة أن البلد الذي حقق نصرا عسكريا في( أكتوبر1973) نجح في تجاوز الأوضاع الإقليمية والعالمية المعاكسة لإرادته, فحرر هذه الإرادة واتخذ مع نهاية القرن العشرين قرارا استراتيجيا إقليميا بوضع حد للحروب ووقع اتفاقية سلام, وسار في طريق صعب وشائك لم ينته إلي الآن ولكنه وضع إطارا للحل الإقليمي مازال يتنازعه صراع مرير بين المتطرفين الذين لا يرون حلا إلا في الحروب وبين المعتدلين الذين يرون الحل في الاستقرار والاعتراف بحقوق الجميع بالاعتراف بالسلام العادل لكل شعوب المنطقة, وإذا كان المتطرفون مازالوا يحاولون ضرب السياسة المصرية بقمعهم الشعب الفلسطيني واستمرار احتلاله الأراضي السورية واللبنانية ولكننا نؤكد أن السياسة المصرية والطريق الذي تنتهجه سينتصر في النهاية بهزيمة المتطرفين وعودة الحقوق إلي أصحابها ونفس البلد مصر الذي رفض التطرف والإرهاب ووضع حدا له هو نفس البلد الذي يقف الآن ضد تحركات اليمين المتطرف الذي يحاول خطف الحرب ضد الإرهاب لجعلها لتمتد إلي كل المسلمين بانتهاج سياسة عاقلة كشرح أبعاد وخطورة الحروب إذا امتدت بدون رادع وأن سلاح القوة يهزم نفسه إذا كان بدون حق أو أخلاق وتلك السياسة سوف تنتصر في النهاية.
المكتبة بقدر أنها رسالة إلي الخارج فهي رسالة إلي الداخل, مفادها أن مصر مصممة علي التغيير وإحداث تطور داخلي كبير يتجه إلي رفع مستوي معيشة كل المصريين وإحداث تطوير شامل للتنمية البشرية لكل الشعب وبناء نظام اقتصادي متكامل يستند إلي قاعدة واسعة من تنوع الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي يقوم علي تقسيم العمل تتولي فيه الحكومة دورا منظما فاعلا يوفر بنية أساسية قوية, وأن الشعب بكل قواه يتولي إنتاج السلع والخدمات للاستهلاك المحلي والتصدير في مناخ تسوده الحرية والشفافية التي يسندها نظام قانوني قوي ومستقل.
رسالة المكتبة للداخل مستمرة: هي أن المصريين سيبنون ديمقراطية كاملة ولن يتوقفوا أو يتأخروا, فهم يملكون اللبنة الأساسية الأولي وهي الحرية الكبيرة التي يتمتعون بها ويقولون ويكتبون كل شيء بكل حرية بلا خوف, وليس هناك عقوبات مادية أو حتي معنوية للحرية المفتوحة وذلك هو الأساس الذي سيبنون عليه ديمقراطية تتاح للجمهور منذ أن أعلنت في خمسينيات القرن الماضي, وأن تتطور وتنمو بفاعلية وقوة ولا عودة للخلف.
رسالة مكتبة الإسكندرية: تتجاوز المعني والمبني رغم أهميتها واهتمامها بتكريس قيمة المعني وجمال مصر, الذي يشع مع وهج الشمس من ثغر الإسكندرية إلي حوض البحر المتوسط كله مرة أخري.
الرسالة تكشف أن مصر ـ التي يحكمها أبناؤها من المصريين بعد غياب طويل ـ نجحوا في تجاوز كل الأزمات والصعوبات والهزائم بل وحتي أمراضهم كافة فوي طي التخلف والفقر وأنهم مصممون علي قيام المصريين من جديد ليلعبوا دورا مؤثرا في بناء الحضارة المعاصرة مثلما كان لأبنائهم فضل نشأة الحضارة الإنسانية منذ فجر بزوغها والتاريخ شاهد والحاضر ويكشف والمستقبل قادم.