بوش وخطيئة الحليف بلير

في أثناء عودة توني بلير رئيس الوزراء البريطاني من واشنطن, بعد زيارة عاجلة وسط المعارك في العراق, كان يدور في عقله, أنه إما يكون خائنا أو خائفا أو ارتكب جريمة الخطيئة الجسيمة.. لانه لم يقل لحليفه الأول أو قائد تحالفه جورج بوش في كامب ديفيد الحقيقة كاملة, أو حتي لم يكتف ببعضها خوفا أو خيانة, والنتيجة واحدة, فما كان يتطلع لقوله أو ما كان من الضروري المكاشفة فيه انقاذا للعالم من الفوضي.. أو حماية لمستقبل نظامه العالمي الذي تقوده أمريكا..ومالم يقله أو قال بعضه.
إننا دخلنا منذ20 مارس عندما بدأت عملياتنا الحربية لغزو العراق مستنقعا كبيرا لن نخرج منه ـ علي الإطلاق ـ منتصرين, مهما تكن قوة النيران والتكنولوجيا.. وضعف الخصم.. بل اننا ننطلق بسرعة لكثرة ضحايانا خاصة من المدنيين.. لننضم إلي قائمة الطغاة والغاشمين الذي قاتلنا طويلا للتخلص منهم وذلك لاسباب عديدة, أولها أننا دخلنا حربا عبثية تحركنا فيها المصالح الاستراتيجية بقدر محدود, وكان يمكن تحقيقهابدون حرب بل إن النظام الذي نسعي لاسقاطه كان من الممكن بقدر مناسب من السياسة والضغط محاصرته..ولكن القدر الأكبر المحرك لهذه الحرب كان للغطرسة وفائض القوة وكشفتها الدماء التي تسيل في أحياء بغداد ومدن العراق للمدنيين الابرياء.. ونتيجة لذلك كان علينا ان ننهي عملياتنا فورا.
وثانيها.. أننا يجب أن نحاصر سياسة القوة الغاشمة.. التي اطاحت بالامم المتحدة وبالنظام العالمي.. وأدت بنا للذهاب للحرب دون تفويض, بما جعلنا خارجين عن القانون والشرعية.. ونعترف بدور مستقبلي لها وليكن فيما بعد سقوط النظام.. أما عمليات التعمير والبناء فتستدعي باقي الحلفاء المتضررين من الحرب.. الذين وقعوا ضدها ومنعوا انطلاقها بقرار دولي.. ليشتركوا في هذه العمليات تحت قيادة الأمم المتحدة.. التي لن تمنع السيطرة الأمريكية.. والمطالبة بدور حالي للمنظمة الدولية في عمليات. الاغاثة الانساني, ولامانع من اشتراكها في التفاوض نحو تشكيل حكومة عراقية لكل الفصائل والموزاييك أو الفسيفساء العراقية المختلفة.. ولن نعترض اذا غازلت المنظمة الدولية ـ النظام العراقي الحالي.. ليشترك ولو بنصيب رمزي.
وثالثها: أن جريمة الحرب في الشرق الأوسط ضد العراق سوف تنعش الإرهاب والاضطراب وانه من الوهم أو السذاجة المفرطة تصور ان نتيجة الحرب ستبرئ أمريكا في نظر العالم.. وان هذا وهم آخر شبيه بالأوهام التي سبقت الحرب بأن الشعب المقهور من صدام سيستقبل الغزاة الجدد بالورد..
ورابعها ـ لا ادري هل جاءت لبلير الفرصة ليكاشف رئيس حملته بالشكوك العربية المشروعة.. بأن العرب لن يثقوا بعد الآن بوعودنا بحل ازمة الشرق الأوسط المستحكمة فلسطين لاننا نصنع المشاكل والكوارث.. وبدلا من ازمة او كارثة واحدة تعيشها المنطقة في الاراضي الفلسطينية المحتلة.. اصبحت هناك معاناة شعبين وكارثتان..
وستكشف الايام أن هذه الحروب العبثية.. التي لن ينتصر فيها احد.. ولكن الكل خاسرون ومهزومون وستنتقم الشعوب وتعاقب كل من أطلقها أو اشعلها أو مهد لها, وكان الله في عون العراقيين والفلسطينيين.. وصبرا ايها العرب..فقد يخرج من المحنة القاسية والنفق المظلم.. نور ولو بسيطا في نهاية النفق…