مقالات الأهرام اليومى

ما بعد أزمة الجنيه‏..‏ الخوف علي الاستثمار مستمر

اتخذت الحكومة حزمة من القرارات للحد من المضاربة علي الجنيه المصري‏,‏ أمام الدولار‏,‏ وإعادة‏8‏ مليارات دولار هي موارد حقيقية للمصريين العاملين في الخارج والسياحة والصادرات لإعادة تداولها عبر المصارف والقنوات الطبيعية‏,‏ وليس في المسارات غير الشرعية‏,‏ التي كانت تريدها القوي المتربصة بكل سياسة تصحيح مصرية‏,‏ لتجميد أي حركة في السوق‏,‏ انتهازا للمكاسب الرخيصة‏,‏ والانقضاض علي الفريسة‏.‏

كانت مهمة الحكومة صعبة ولكنها ناجحة في نفس الوقت‏,‏ فأعادت مواردنا من النقد الأجنبي للتنظيم‏,‏ والحد من الصورة السابقة التي شكلت استنزافا صعبا لطاقاتنا ومواردنا‏,‏ هذه الصورة التي كانت ستؤدي في حالة استمرارها إلي الإفلاس العام‏.‏

والذين يدفعون إلي الفوضي والإفلاس كثيرون ويعملون في كل الاتجاهات‏,‏ ونجاح استراتيجيتهم تقوم علي تجميد السياسات وعدم الحركة للأمام علي كل المستويات‏,‏ وكانت خطوة التصحيح في سعر الصرف مباغتة‏,‏ وغير متوقعة‏,‏ فأزعجت هذا التيار‏,‏ فخرج يدافع عن نفسه ويحاول أن يشدنا معه للخلف بكل الطرق والوسائل‏.‏

ولكن مالا يعرفه هذا التيار أن مواردنا من النقد الأجنبي ارتفعت إلي‏14‏ مليار دولار‏,‏ بعد الاستفادة من البترول والغاز الطبيعي‏,‏ والحد من الاستيراد‏,‏ وتنشيط السياحة وسياسات أخري‏,‏ ربما لا يعرفها أيضا هذا التيار‏,‏ وهي أن هناك دعما متزايدا لمصر من المنظمات الدولية والقوي الكبري في السوق العالمية‏.‏

والإصلاح الاقتصادي لا ينظر دائما للسياسات أو للدعم الخارجي فقط‏,‏ ولكن للمواجهة والعمل الصحيح في الداخل وعدم الانتظار‏,‏ إما حذرا أو خوفا فكل سياسة أو عمل حتي ولو كان جيدا‏,‏ أو متميزا له محاذيره أو مخاطره‏,‏ وتلافيها إنما يكون بالحزم والثقة واليقين في النجاح‏..‏ لأنك تفعل الصحيح وتنظر إلي المستقبل‏,‏ ولست خائفا من أحد أو متربصا بأحد‏!!‏

وقد تكون للسياسات الأخيرة ـ وأهمها رفع سعر الفائدة للجنيه‏,‏ علي الرغم من أهميته الآنية ـ تأثيرات ضارة في المستقبل خاصة في مجالات الاستثمار‏,‏ في مصر‏,‏ لأن الاستثمار يعيش الآن حالة سيئة‏,‏ محورها أن الأسواق غير منتعشة‏,‏ والركود كبير‏,‏ كما أن الأسواق الخارجية تمر بمرحلة انتقالية‏.‏

والحكومة هنا عليها أن تعيد بناء الأسواق بالتنشيط المستمر لحركة المبيعات‏,‏ وبرفع نسبي للأجور‏,‏ وتوجيهها للأسواق المحلية‏,‏ والحد من الاستيراد الحكومي والعام بقوانين حاسمة‏,‏ وتوجيه الوزارات والمؤسسات العامة إلي تشجيع المنتج المحلي بكل الوسائل‏,‏ تشجيعا وحماية للجنيه‏,‏ مع التوظيف المستمر للطاقات المصرية والحد الفعال من أزمة البطالة ونقص الاستثمارات‏.‏

ولكن الأهم‏,‏ وما ندعو إليه بقوة هو أن تفكر الحكومة والدولة والناس جميعا‏,‏ في مبادرة خلاقة ومبدعة وقوية‏,‏ تعيد الرواج والبريق للسوق المصرية‏,‏ تجذب الشركات العالمية لأسواقنا للاستثمار والعمل علي فتح مشروعات جديدة أمام الاقتصاد المصري‏.‏

وأعتقد أنها عملية صعبة‏,‏ ولكن عقولنا المبدعة‏,‏ لن تعدم الوسيلة والسياسة الحكيمة‏,‏ التي تفتح الطريق أمام نمو فعال للاستثمارات العالمية في الأسواق المصرية‏,‏ خاصة ونحن أمام تحول إقليمي هائل‏,‏ وكل ذلك لا يقلل من أهمية التغيرات الجزئية الداخلية أو الإصلاحات المهمة في السياسة والاقتصاد والقضاء والتي تحمل علامات الثقة ومؤشرات التقدم والاستقرار للمصريين‏.‏

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى