انظروا..يحدث في مصر الآن

ساعتئذ دخلت الدولة في مصر معركة مجابهة الفساد ـ رغم صعوباتها وتشابكها ـ في مناخ مضاد مما أدي إلي تداعيات مكثفة هزت البلاد وهربت الأموال إلي الخارج, ولكن بنيان مصر الصلب تحمل واجتاز بعض الصعوبات والمعوقات علي كثرتها رغم أن الحملة طالت كبارا علي كل المستويات: وزراء ونوابا ورجال أعمال, قلنا وقتها ـ وسنظل نردد ـ إن القانون حاكم وفوق الجميع, وقوة المؤسسات طريق الفاعلية.
وعندما دخلنا بشجاعة نحو تحرير سعر الصرف, وضع الكثيرون أيديهم علي قلوبهم خوفا وطمعا, الخوف من التداعيات والطمع في التغييرغيرالمبرر, وإيجاد كباش فداء, لنظل ندور في حلقة مفرغة, تسودها عقلية الحذر التي وصلت إلي حد تجميد الأمور وتوقفها!
وهكذا عندما دخلنا جزئية التحرير السياسي بتفعيل الحزب الوطني ومؤسساته, وفتح شرايين المجتمع لتوسيع المشاركة, رددت نفس الأصوات التي تخيفنا من كل شيء قائلة كذبا: لا نتيجة!
ولكننا بالأمس صحونا وتوقفت عقولنا وأذهاننا مشدودة ومفتوحة ومنبهرة أمام القرارات الثلاثة للجنة السياسات بالحزب الوطني وهي: إلغاء قانون محاكم أمن الدولة. وعقوبة الأشغال الشاقة. وإنشاء مجلس قومي لحقوق الإنسان.
وإلي الذين لا يعرفون القرارات الثلاثة, التي نطمع أن تصبح مشروعات قوانين بسرعة, وتخرج إلي حيز التنفيذ, بواسطة مؤسسات لا تفرق بين مواطن ومواطن, ولا تؤخر القوانين أو تتباطأ في تنفيذها, وأن تضع المعايير الحديثة والتطوير لصالح الوطن بكل أبنائه إلي هؤلاء نقول إن القرارات الثلاثة تأثيرها في الداخل له فعل السحر, وللخارج حدث ولا حرج, فمصر تملك قيادة تتحرك في الوقت المناسب, قادرة علي خطف اللب والأذهان, كما أن ما يحدث إذا أحسن تنفيذه ومتابعته وتفعيله سيجذب الاستثمارات وسيغير المناخ الحالي بدرجات تفوق المائة في المائة.
أما سعر الصرف, فإن بندوله سينخفض, لأن أوضاع الاقتصاد المصري الداخلية قوية, والإنتاج وفير, لكن المستوردين والمضاربين ونهازي الفرص, غير أمناء, ولا يتعاملون مع الإنتاج المحلي باحترام, ومازالوا يرون في المستورد الأفضل والأجود, هؤلاء يجب ملاحقتهم بكل القوانين, وبكل احترام وأدب, لابد أن يدفعوا الضرائب ويحاسبوا جمركيا, حساب الملكين, بلا تهاون أو ضعف, بل علي العكس يجب احترام المصدرين خاصة الذين يحبون بلادهم, ومن يحولون عملاتهم في البنوك وإنتاجهم متميز بمواصفات جيدة, وعلي البنوك أن تحترم عملاءها الجادين من مستثمرين ومودعين, ولا أنسي أن أشير هنا إلي حركة التصحيح التي تجري في البنوك المصرية, فهذه الحركة التي لم تأخذ نصيبها من الدعم والتأييد هي من حركات التصحيح الاقتصادي الكبري, والتي سيظهر تأثيرها المستقبلي علي مجمل اقتصادنا قريبا.
أقول لكل الذين راهنوا علي خراب مصر اقتصاديا وسياسيا, لا تلعبوا القمار بمصير البلد, فالخسائر سوف تطال الجميع, ومصر قوية سياسيا واقتصاديا, ولا تلعبوا اللعبة الرخيصة, وكونوا أوفياء, فالوطن للجميع وهو يريد منكم النصيحة والمشاركة, والنقد الهادف, لا الشعارات الرخيصة أو النقد المتهافت الذي يضمر السوء, وأنظروا بحكمة وتعقل لما يحدث في مصر الآن.