النواب.. والبنوك.. والفساد!

أصبحت علي يقين بأن النظام الانتخابي المصري الراهن لا يستطيع أن يفرز نوابا قادرين علي الدفاع عن مصالح الأمة بل مجرد نواب صاخبين بحثا عن أو افتعال انتخابي يفسد العمل البرلماني! ولذلك ألح وأشعر بأهمية تغيير النظام الانتخابي لنقدم لهذه المؤسسة التشريعية والرقابية المهمة, والتي لا غني عن دورها نماذج متميزة وجيدة قادرة علميا ومنهجيا وأسلوبا, علي محاصرة أي وزير أو حكومة تخرج عن القواعد السياسية والممارسة السليمة من كل النواحي.
واستمرار الوضع الحالي لهذه السلطة خطر فهي تخرج من أزمة إلي أخري مسيئة لسمعتها لدي الرأي العام, بدءا من نواب القروض إلي نواب الكيف وصولا إلي نواب البلطجة.. ولعلنا سمعنا عن نائب أو نواب يتردد أسماؤهم في النوادي الليلية ما بين الضرب والاعتداءات حتي, ارتياد بيوت الرذيلة لا سمح الله. وليس هذا موضوعنا رغم حاجتنا الملحة لتنقية الشوائب وتصحيح مسار هذه السلطة, ورفع مكانتها بين الناس بنماذج متميزة, عالية الكفاءة, ولا يعني ذلك, أن نتجاهل أن بعض النواب حاولوا معرفة مصير أحوال المتعثرين في البنوك, وهل أهدرت وما هو حجم الأموال الضائعة بدقة, وكانوا يحتاجون إلي تعليق شاف ودقيقا من الحكومة.
وكان اجدي بهم المطالبة باختيار مكتب علمي مرموق اقتصاديا لدراسة هذه الظاهرة وتقديم دراسة شاملة بحجم الأموال لدي الهاربين, ولدي المتعثرين وقدرة البنوك علي التصحيح وامتصاص هذه الأزمة الكبيرة, التي تحدث وتتكرر في أي اقتصاد, ولكن الاقتصاديات الصحية هي التي تقدم معلومات وفيرة إلي الرأي العام, وتصحيح الأوضاع وتطلق الأحكام الواضحة والشفافة, ولكن نظرا لانعدام المعرفة بالأساليب الصحيحة برلمانيا في تشخيص أزمة مؤثرة في المجتمع والاقتصاد, ضاعت الحقيقة ولم تقدم الحكومة معلومات دقيقة تشفي غليل الرأي العام حول مستقبل العمل المصرفي, بالرغم من أن الحكومة بدأت في تصحيح أوضاع البنوك العاملة في مصر, ومظاهر ذلك واضحة في القيادات المصرفية الجديدة, فقد تم اختيارهم جميعا وفقا لمعايير الخبرة في المؤسسات الدولية والسن والنجاح المسبق, والصدق والأمانة.
وإذا كانت البنوك قد صححت مسارها, وبدأت مرحلة جديدة, فإن هذا لا يعني إغفال الماضي, فيجب أن نرصد بدقة حجم التعثر, والأموال الهاربة! وهذا لن يتحقق في استجواب برلماني واحد, ويبدو أننا كنا في حاجة إلي لجنة اقتصادية محايدة وعلمية أو مكتب استشاري ولكن الحقيقة تاهت بين النواب والحكومة.
فقد كنا في حاجة أيضا إلي محاسب مدقق لدراسة هذه الظاهرة وخطورتها. وإعلان تحقيقها علي الناس بكل وضوح دون خوف لإدراكنا بقدرة الجهاز المصرفي علي امتصاص آثار هذه الظاهرة السلبية الخطيرة وذلك لقوة إمكانيات هذا الجهاز القوي, إضافة إلي قدرة السوق المصرية.
ولكن ترك هذه الأمور الاقتصادية الحساسة معلقة بدون معلومات حقيقية بعيدا عن الإثارة والبلبلة يسيء للاقتصاد والمجتمع, ولا يصحح الأوضاع, ولا يعطي مصداقية للمرحلة المستقبلية من عمر الجهاز المصرفي, ونحن نحتاج إلي التصحيح والمصداقية والشفافية والدقة والبعد عن الإثارة وتحري الموضوعية ليس في الاقتصاد فقط ولكن في كل مناحي حياتنا القادمة.