حكومة تبنـي الأسواق لاتملك الشركات!

من يطالب بإعادة النظر في برنامج الخصخصة.. كأنما يطالب بإعادة النظر في السلام, لأن شارون صعد للسلطة في إسرائيل!! الخصخصة برنامج طويل المدي لرفع كفاءة الاقتصاد المصري, وتقسيم العمل بين حكومة وشعبها… حكومة لا تهرب من مسئولياتها فتتجه إلي بناء شركات, فالحكومات تبني الأسواق وليس الشركات لأن الأسواق المنتعشة هي صانعة السوق!! ولأن مهمة الشركات هي إنتاج السلع والخدمات. وهي مسئولية مباشرة للشعب.. الحكومات تسعي إلي رفع كفاءة المواطنين علي اختلاف اتجاهاتهم.. وترشيد وتصويب الاخطاء.. وتكوين طبقة قوية من رجال الاعمال. وصناعة المديرين.. وإقامة كيانات مؤسسية قوية… للسلطات المختلفة.. كالقضاء وتنفيذ أحكامه.. حتي يكون للقرار القضائي سرعة الفصل. وحسم التنفيذ بلا تأخير أو مماطلة… الدولة تصنع المؤسسات القوية القادرة علي إدارة البرامج الاقتصادية الثورية والإصلاحية ولا يمكن ان نعود للخلف.. فنري حكومة تسعي لانشاء شركة للمطاحن أو تدير فندقا, أو توزع رغيف العيش لانها عجزت عن إنعاش الاسواق وبنائها.. أو تقف عاجزة ومترددة عن تطوير النظام الجامعي. وعن خلق تعليم فني متميز.. ساعتها لن تقول الحكومة أنها رجعت عن فكر الخصخصة لانها عجزت خلال العامين الماضيين عن ايجاد مشترين.. انما أعادت التفكير في السياسة. سنقول مباشرة ان الحكومة فشلت في إدارة الاقتصاد.. فالعالم من حولنا لم يتجه الي الخصخصة لانها قدس الأقداس, أو أنها نتاج العولمة, ولكن لانها حقيقة بسيطة ظهرت في العالم.. والحكومات هي أسوأ منتج وموزع. وأنها مهما نجحت في البداية.. في إقامة شركات منتجة وموزعة, فانها ستفشل حتما في النهاية.. وفجأة ستجد ان ما تحت ايديها هو قبض ريح.. فالشركات والانتاج هما مسئولية الأفراد.. ويجب علي الحكومات حتي تعظم الانتاج داخل البلاد.. ان تركز جهودها في تنمية المؤسسات وصناعة الأسواق فقط حتي يكون الاستثمار في بلادنا مفيدا ومربحا.. ونعرف جيدا ان كل البرامج الاقتصادية في بلادنا تعاني المشاكل من سعر الصرف الي الموازنة الي الركود وقد يكون هناك كساد وليس برنامج الخصخصة وحده هو المسئول عن ذلك.. ولكن الأساسيات يجب ان تكون واضحة في اذهان الحكومات. في عدم وجود أسواق لا يعني عدم بناء أسواق.. وضعف رجال الأعمال.. لا يعني ان تعود الحكومة لتلعب دورهم في إنتاج السلع والخدمات..
ومشاكل التعليم والصحة.. لا تعني إغلاق الجامعات أو المستشفيات. ولكن يعني الاهتمام.. بالأسواق وصناعة رجال الاعمال. وتقوية الأسواق.
في ندوة نظمت بمعهد الأهرام.. استمعت الي د. مختار خطاب.. وزير قطاع الأعمال حول طرح اعادة النظر في الخصخصة.. فاستمعت.. الي فكرة محورها.. أننا نعاني توقف عمليات البيع.. ولذلك لجاءت الحكومة الي تطوير وإصلاح قطاع الأعمال العام قبل بيعه.. وتلك رؤية صائبة.. ولكن ليست بديلا عن عمليات البيع والاتساع في برنامج طويل المدي للتسويق.. فنحن في حاجة الي رأسمال اجنبي وتكنولوجيا متقدمة.. كما أننا في حاجة ماسة الي أسواق منتعشة مربحة.. تشجع المستثمرين والشركات إلي الاستثمار في مصر, وتلك هي مهمة الحكومات, وليست وظيفتها إدارة شركات فاشلة أو ناجحة..
وليعلم الجميع.. أن الحكومة تملك كل الشركات صغيرها وكبيرها, وتلك الملكية تأتي مما تحصل عليه من ضرائب. ومن وضع للمعايير والمواصفات وضبط الأسواق وحمايتها.. وتقديم الخدمات وصيانة وتميز الاقتصاد.. الحكومة لا تحتاج الي ملكية الشركات ولكن تحتاج ضبط السوق.. فالملكية أخيرا حيلة الحكومات العاجزة والفاشلة عن القيام بدورها وتنمية بلادها علي المدي الطويل بل وحتي القصير.