مطاوع.. معدن نفيس وفاكهة نادرة

برحيل عبدالوهاب مطاوع فقدت حياتنا الصحفية أستاذا للمهنة ذا طراز خاص, وكاتبا متكاملا من الجيل الذهبي لـ الأهرام.. وهي خسارة مهنية ليس من السهل تجاوزها, أما الحياة الإنسانية هي الأخري فسوف تفقد أحد معادنها النفيسة وفاكهة نادرة, تظهر مرة واحدة ولمرحلة ولفترة من الزمن, وتظل نكهتها مؤثرة في جمهورها الذي يتذوقها مابقيت الحياة.
أدرك الراحل الكريم المخزون الإنساني الذي يملكه, فأعطاه بلا بخل إلي معاصريه علي اختلاف أنماطهم وأعمارهم وأنواعهم رجالا ونساء وأساتذة وزملاء وتلاميذ وأصدقاء ومحبين وقراء, بل وعابري سبيل وطالبي المساعدة الإنسانية والذهنية والنصيحة.
كذلك أجزل العطاء وبسخاء للجميع, فأصبح لديهم قيمة لا تهتز داخل وجدانهم وعقولهم, أكاد أجزم بأنها ستعيش داخلهم, بل ستزداد, لأن القيم هي الشيء الوحيد الذي ينمو ويترعرع بعد الرحيل, لأنها تبقي وحدها بلا منازع.
إن خسارة الحياة لقيمة ونوعية إنسانية مميزة, ومتفردة, برزت منذ الدقيقةالأولي, وتتزايد مع الأيام وسوف يحس الجميع بالفراغ, الذي سوف يتركه خاصة من الذين أنعش فكرهم وتحاور معهم عبر بريد الأهرام الذي حوله, ليس بقلمه الرائع فقط, ولكن بروحه الإنسانية الوثابة إلي واحة للقراءة والمتعة الذهنية لا نظير لها في أي مكان آخر. ستبقي أصالة الأستاذ عبدالوهاب مطاوع الصحفية وكتاباته الإنسانية مع الناس عبر بريد الأهرام, عملا خلاقا وإبداعيا للصحافة وللأهرام في مرحلة زمنية سادت فيها الماديات وشغل الناس بتطورات الحياة ومتغيراتها اللاهثة.. فكان هو الوحيد القادر علي إعادتهم إلي نفوسهم وتجنيبهم مخاطر الانزلاق حتي لا يكونوا وقودا في هذه الدنيا المخيفة.. فحول ضعفهم إلي قوة, وخوفهم إلي أمان, فأحبه الناس وأصبحت كلماته قدوة ومحفزا للاستمرار وبدون سقوط, ووقودا يأخذونه وزادا يتكئون عليه في مشوارهم الصعب.
وأصبحت الكلمة المكتوبة والمسموعة والمرئية لأستاذنا الراحل عبدالوهاب مطاوع هدفا, كما أرادها الخالق, لتصبح سامقة سامية, وارتقت صحافته أدبا رفيعا يعبر عن الناس وأحوالهم ومكامن نفوسهم ومخاوفهم وتطلعاتهم وتقلباتها, وعمل ذلك بدأب وإخلاص وتفان لا يتوقف, فاستحق مكانته الكبيرة في قلوب الناس.
رحم الله عبدالوهاب مطاوع.. وأجزل له العطاء, بقدر ما كان رمزا للعطاء والحب في حياته.