مجرمـو العصر..قتلة الفرح!

ها هو الإرهاب يواصل نشر جرائمه, وينتقل من مكان إلي آخر ناشرا الخوف بين الأبرياء في كل مكان, فلقد أطل علينا من جديد بوجهه الكريه وبمذبحة في ثلاثة فنادق في العاصمة الأردنية عمان, راح ضحيتها مواطنون عرب وأردنيون وفلسطينيون.. كان قدرهم أنه تصادف وجودهم لحظة الجريمة. سواء في ساحة الفندق الذي ينزلون به أو في إحدي صالاته للمشاركة في أحد الأفراح, أغلبهم من النساء والأطفال, فحصدهم الانتحاريون معهم إلي الموت, وكذلك من ساقته المقادير إلي الوجود في بهو الفندق مع ابنته مثل المخرج العالمي مصطفي العقاد ليذهبا معا في الرحلة الأخيرة, والعائلة الفلسطينية التي استأصلت العملية القذرة17 فردا منها, وكان من بينهم أيضا القائد العسكري الفلسطيني العميد بشير نافع الذي انضم إلي قوافل الشهداء في مجزرة فنادق عمان تاركا وراءه أربعة أطفال لم يتجاوز أكبرهم الثانية عشرة من عمره.
إنها جريمة مخيفة بكل المقاييس. ليس لأنها جديدة, ولكنها باكورة النتائج المترتبة علي الحريق الكبير المشتعل الآن في العراق والذي حصد ما يقرب من100 ألف عراقي متخفيا في أزياء متعددة شاهرا سلاح المقاومة تارة والطائفية تارة أخري, فالإرهاب لغة ليست جديدة علينا, فلقد انتشر بيننا لأسباب عديدة بعد حرب أفغانستان وغيرها, ولكنه الآن يخرج من محرقة العراق المخيفة ليهدد كل بلادنا في الشرق الأوسط, وعلينا جميعا أن نتكاتف لمواجهة هذا الحريق الجديد في بداياته.
إن الوقت لم يعد فيه متسع للانتظار, فالحريق العراقي ينتشر ويخرج من حدوده.. وتأثيراته مخيفة للجميع, وها هي جريمة عمان أحد الوجوه المخيفة لها.
والحقيقة أن الدرس الذي نتعلمه من هذه الجريمة الشنعاء هو أنه يجب علينا جميعا ألا نتوقف عن مواجهة الإرهابيين بكل أشكالهم وهوياتهم, فلم تعد تنطلي علينا الشعارات المزيفة التي يتزينون بها, حتي ولو كانت إسلامية أو جهادية. إذ ليس لها إلا وجه واحد نعرفه جميعا هو أنهم مجرمو العصر وقتلة الأفراح وأنهم يمثلون الوجه الآخر لفشل سياستنا في استئصالهم, ومن ثم يجب علينا كشف أوراقهم التي يخلطون بها بين الدين والسياسة, فالجريمة التي يرتكبها هؤلاء واحدة في كل مكان: من يفجر نفسه في فندق طابا أو شرم الشيخ أو عمان هو نفسه من يقتل العراقيين الأبرياء في فندق أو مطعم أو مسجد, وهؤلاء القتلة هم أنفسهم من أوغلوا قتلا في الجزائريين.. ومن يرتكبون جرائمهم في عواصم العالم مستخدمين أوجاعنا ومشكلاتنا ليثيروا علينا العالم ويحاصرونا بها.
الجريمة واحدة.. ولم يعد يجدي أن نتوقف عن مواجهتها بكل الوسائل.. ومسئولية هذه المواجهة لا تقع علي عاتق الحكومات وحدها, وإنما يجب أن نتعاون جميعا في الحرب ضد الإرهاب, ويجب أن نحتشد شعبيا لمواجهة كل الإرهابيين وما يزرعونه من بذور الفتن والتعصب والصراعات التي لا تتوقف.
وإذا كان العالم يتغير من حولنا فيجب علينا أن نسارع بالتغيير والتكيف معه, ولتكن بداية تحركنا الجاد بالحرب علي الإرهاب والتطرف الذي لم تعد هناك عاصمة عربية بمأمن منه, خاصة مع الذين يسيئون استخدام الإسلام لتبرير جرائمهم, ودفع الناس إليها.. ويستخدمونه أيضا لقتل الناس وابتزازهم وخطف الرهائن والانتحار وتبرير قتل الأبرياء, بل ويستخدمونه في التظاهر وحرق السيارات وتخويف المدن الآمنة.
نعم يجب أن نتغير وأن نواجه الإرهاب بكل أشكاله ونوقف من يستخدم الدين بيننا استخداما سيئا, ويحاول أن يدفعنا به إلي حافة الهاوية والانتحار.