مقالات الأهرام العربى

وقفة مع التاريخ توشكى المصرية.. وشعب يغير الجغرافيا

فى ساعات قليلة، عبرت بنا طائرة الرئيس حسنى مبارك إلى توشكى، فى رحلة تاريخية، وقفنا خلالها نتأمل الحضارة، ونرنو إلى المستقبل، هنا على هذه الأرض الصحراوية القاحلة، يشق المصريون قناة جديدة، تنقل بلاد نهر النيل إلى حضارة جديدة، والتغيير جذرى وكبير، فهو فى الجغرافيا.. حيث يغير خريطة مصر من خط متعرج يخترق وادىا قديما، إلى خريطة متوازنة شاملة على محاور عديدة، عبر الصحراء الغربية والشرقية، وسيناء بجبالها وهضابها.

تذكرنا ونحن نجرى وراء الحدث، برجال عظام وحضارات قديمة وجديدة، تخرج من رحمها، وأخرى عملاقة تسود، ويصنعها أبناؤها بجد وبروح جديدة ومتوثبة.

تذكرت حكام مصر، ليس الذين خلدوا أسماءهم فى التاريخ، ولكن الذين خلدهم التاريخ، لأنهم عملوا لصالح الشعوب تذكرت مينا الذى اشتهر بأنه موحد القطرين، وكان أول من وضع خريطة مصر وحدد مساحة القطر المصرى كما نعرفها الآن منذ ثلاثة آلاف و٠٠٢ سنة قبل الميلاد، ثم أمنحات الأول ـ مؤسس الأسرة الـ ٢١ ـ ذلك الرجل العصامى الذى جاء من الشعب ورفعه ذكاءه وحده وحسن إدراكه للأمور، إلى المكانة التى يستحقها فى التاريخ، والذى استصلح الأرض وأقام الخزانات، واهتم بالجنوب، وأنشأ المراكز التجارية والاقتصادية، وأهتم بالحدود، ونقل العاصمة، وابنه سنوسرت الأول مسيرته فى الإصلاح.. ثم دار فى ذهنى أحمس الأول ـ الفارس المحرر من الأسرة الـ ٨١ ـ الذى حرر مصر من أول احتلال أجنبى، وصولا  إلى تحتمس الثالث، الذى كون  أول  وأكبر أمبراطورية فى التاريخ القديم، ولم يغفل الإصلاحات الداخلية.. ثم قفز ذهنى إلى العصر الحديث، والصورة التى أراها أمامى فى توشكى، و الرئيس مبارك الذى يضع عينه على مصالح الشعب وتطلعاته، ولا يسمح لأى قوى داخلية أو خارجية بأن تبعده عن تحقيق هذا الهدف…..

اللحظة تاريخية.. ولذلك توقفت.. إن ما تقوم مصر به حاليا يستدعى وقفة تقويم حقيقية من العالم العربى.. خاصة من المستثمرين ورجال الأعمال والشركات الكبيرة ذات البعد الإقليمى والدولى.. فمصر مشروعاتها الكبيرة دائما تدور حول المياه والرى، فهى روح الحياة والحضارة. »القناة الجديدة« تعطى الحياة لـ ٥،٣ مليون فدان، وتحول منطقة توشكى ودرب الأربعين، وشرق العوينات من مناطق قاحلة، إلى مأهولة، ويفتح آفاقا جديدة أمام الاستثمار بكل أنواعه الزراعى حيث المياه السهلة الطازجة مباشرة من بحيرة السد، والمياه الجوفية الوفيرة والمبشرة، ثم الاستثمار الصناعى، حيث الحديد والخامات، بل والثروات الكامنة فى باطن الأرض التى تكشف عن خفاياها للمجتهدين، وتفتح ذراعيها لأبناء النيل، وهم يبحثون بإخلاص وجد وعمل حقيقى عن مستقبل جديد لهم ولأبنائهم، الذين يدركون أن الأرض لا تخرج بقولها وحصادها، ثم خاماتها الذهبية والصناعية، إلا للمخلصين الذين يعملون ويكدون، ويسعون فى الأرض من أجل مستقبل أفضل، فيجدون مكافأة العمل والإخلاص، ماء فى باطن الأرض، وخامات تفتح آفاق للاستثمار الصناعى، والسياحة هى الأخرى مبشرة، وتشير إلى مستقبل مشرق لهذه المنطقة الجديدة، وللحضارة القائمة.

مصر تفتح ذراعيها للاستثمار فى كل المجالات فى أخصب الأراضى وأهمها لإقامة حضارات المستقبل، فى سيناء يفضلون المستثمر العربى، فلماذا تترددون، كل المؤسسات الدولية الاقتصادية تشير إلى أن مصر من أفضل الدول استثمارا وتحقيقا للأرباح، هذا من الناحية الاقتصادية، أما من الناحية السياسية، فإن تطور مصر واستقرارها السياسى والاقتصادى، ينعكس على مستقبل العرب جميعا قبل المصريين..

توقفت بعد الرحلة، التى حملت لنا نسائم الجدية فى العمل المصرى الجاد، من أجل فتح آفاق التنمية الواسعة، التى تتزامن مع الإصلاح الاقتصادى والثورة الكبيرة، التى تقفز بمصر إلى مصاف النمور الاقتصادية.. فى حوار مع الرئيس مبارك، سألناه بكل صراحة عن مستقبل مصر الاقتصادى، وعن رد فعل دعوته إلى السوق العربية المشتركة، وحجم التجاوب العربى.. فقال الرئيس بصراحته وتمكنه من تحليل وفهم الأجواء المحلية والإقليمية والدولية المحيطة  بالقرار السياسى والاقتصادى العربى »هناك تجاوب عربى واضح وملموس لإقامة السوق العربية المشتركة، خاصة من إخواننا فى الخليج وسوريا، وعن مستقبل قمة الدوحة الاقتصادية قال إنه مرهون بتقدم فى أجواء السلام، وبالتسليم الإسرائيلى بالحقوق العربية ـ الفلسطينية، فالسورية واللبنانية، فلكى تحصل على السلام والتعاون المشترك، يجب أن ترد الحقوق والأرض المغتصبة، فى ظل سلام عادل للجميع«.

خرجت من الحوار المشترك والرؤية على أرض الواقع، إلى أن مستقبلنا وقرارنا السياسى فى يد قيادة أمينة ومخلصة، تعرف الأمور جيدا، وتدرس بدقة، ولذلك فقد دخل تاريخنا الحديث من باب القلوب، لأنه القائد الذى يعمل من أجل صالح الشعوب ومستقبلها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى