مقالات الأهرام العربى

نذهب أو لا نذهب؟

تفجرت قضية المؤتمر الاقتصادى للتعاون الإقليمى، المقرر عقده فى الدوحة بقطر، وظهرت اجتهادات مختلفة للدول العربية، وآراء عديدة للخبراء المراقبين، وأصبح هذا الموضوع شبه المفضل لدى الفضائيات العربية، وعلى صفحات الصحف. وبعض الدول العربية أعلنت مسبقا عدم حضورها، والبعض الآخر تحفظ ولم يعلن، لأنه ينتظر الترتيبات الجديدة، والآخرون متحمسون لعقد المؤتمر لأسباب عديدة، البعض يجامل دولة قطر، والبعض الآخر له التزامات دولية واقتصادية، ولا يريد أن يقطع الخيط مع إسرائيل، فهو ينتظر دورا دولىا حقيقىا ينتشل الأوضاع الاقتصادية الداخلية الصعبة.

وإذا أردنا أن نصل إلى رأى حقيقى وصحيح فى هذه القضية، فيجب أن نتوقف بقليل من التروى أمام عدد من الحقائق.

إن هذا المؤتمر ليس قمة اقتصادية لدول المنطقة كما يتصور البعض، فهو مجرد مؤتمر اقتصادى تدعو له منظمة خاصة، مهما كانت قيمتها وتأثيرها ـ فهى منظمة مثلها مثل الكثير من الجامعات والمنظمات الدولية، وقد اكتسبه تأثيرها من قدرتها الضخمة على الدعاية واختيار موضوعاتها، وجذب الشخصيات العالمية والوزراء والمسئولين والإعلاميين على مائدة الحوار، ليس هذا تقليلا من شأن التجمع وتأثير المنظمة الداعية له، ولكنه توصيف دقيق للمؤتمر والجهة الداعية له.

وإذا أردنا الدقة، فيجب أن تفهم إسرائيل ومن وراءها الولايات المتحدة، أن مستقبل التعاون الإقليمى داخل منطقة الشرق الأوسط ومع إسرائيل، ليس مرهونا بحضور مؤتمر فى المغرب أو الأردن أو القاهرة، وأخيرا فى قطر، ولكنه مرهون بسلام عادل فى منطقة الشرق الأوسط، نحصل فيه على حقوقنا كاملة من إسرائيل، فليس مفهوما أن نعترف بإسرائيل، وبحقها فى العيش بيننا، بينما هى لا تعترف بحقوقنا، وبحق الشعب الفلسطينى العادل فى إقامة دولته وتقرير مصير هذا الشعب المظلوم والمضطهد منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، ولن يعترف العرب بحقوق ومصالح الشعب الإسرائيلى، الذى حصل على تعويض من النظام العالمى، الذى قام بعد الحرب الثانية، على حساب الشعوب العربية ككل، والفلسطينيين بالتحديد، إلا بإعادة القسمة العادلة التى ارتضاها العرب، عندما وافقوا على السلام و التعايش السلمى مع إسرائيل على معادلة أرض مقابل السلام، وقد نجح العرب حتى الآن فى الحصول على أجزاء من الأرض، ولم يعطوا كل السلام، انتظارا لكل الأرض مقابل السلام والتطبيع، وإقامة العلاقات والتعاون الإقليمى.

وما يجب أن تفهمه إسرائيل والولايات المتحدة، أن حضور المؤتمر أو عدم حضوره ليس قضية ذات أهمية، من الممكن أن أحضر، و أعلن أنه لا تعاون ولا تطبيع، أو دورا إقليمىا لإسرائيل فى منطقة كل سكانها من العرب، بدون أن تعطيهم هذه الدولة المعتدية والعنصرية حقوقهم، لأنه لا يمكن التسليم بأن السلام والتعاون الإقليمى يقامان بالقوة، وتحت تهديد السلاح التقليدى والنووى، فالسلام والتعاون لا يفرضان بالقوة، ولكن تفرضهما الحقوق والمصالح، ولذلك فإننى اقترح على كل الدول فى المنطقة العربية ألا تعطى أهمية لمؤتمر الدوحة، سواء بالحضور أو عدم الحضور، فليس بالتمثيل نقيم العلاقات، ولذلك فإننى أقترح على دولة مثل مصر بثقلها وبقدرتها ، أن تعلن أن تمثيلها فى مؤتمر مثل الدوحة، من الممكن أن يكون رمزيا وغير مؤثر، إنها مستمرة فى العلاقات السلبية، إلى أن يتحقق السلام الكامل، وأن يحصل كل العرب على حقوقهم، وأن تقام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس..

يجب ألا نستدرج إلى معارك جانبية أو فرعية، حتى ننسى معاركنا الأصلية، وقضايانا الكبرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى