مقالات الأهرام العربى

نحتاج إلى كل العقول

فى حوار عميق، قدمت »الأهرام العربى« الآراء والأفكار الفلسفية للناقد الأمريكى العربى المولد د. إيهاب حسن. وبالرغم من الأهمية الأدبية والنقدية العالمية التى اكتسبها خلال سنوات عمله فى حقل التفكير والتجريب.. فقد استوقفنى الكثير من أفكاره.. وأردت أن أسلط عليها الضوء، ولا تمر بشكل عابر، نظرا لأهميتها.. ولعل أهم ما قدمه حول رؤيته عن دول الشرق الأوسط، هو أنه لا يراها مجموعة من الدول، بل مجموعة من البغضاء والضغائن والكراهية، ولن نحاوره من منطلق الرد، على أعتبار أن ما أطلقه قرار اتهام موجه لشعوب الشرق الأوسط.. ولنا أن نتساءل فقط هل البغضاء موجودة بين القوميات التى تعيش فى هذه المنطقة.. أم بين الغرباء الذين قدموا إليها مستوطنين، وطردوا الشعب الفلسطينى من أرضه؟ وماذا فعلت شعوب الشرق الأوسط.. خاصة شعبنا العربى، الذى سقط فريسة تاريخية للامبراطوريات التى حكمت العالم ومزقت أركانه، ومازالت تتحكم فى موارده، وهل البغضاء موروثة بين شعوب المنطقة.. أم أنها وضعت مثلها مثل الكثير من الألغام التى تركها المستعمر، بعد أن حطم مستعمراته قبل أن يرحل؟

تساؤلات حركها هذا الرأى القطعى الذى قدمه د. إيهاب حسن عن دول الشرق الأوسط..

وأردت أن أتساءل فقط، هل هذا الرأى أخذ فى اعتباره التطورات السياسية والاقتصادية التى تعيشها شعوبنا حاليا، فى سعيها الحثيث للخروج من تأثيرات الماضى، وإقامة مجموعة من الدول الحديثة والمتطورة، أم أن الناقد الكبير د. إيهاب حسن توقف عند سنوات مضت، واستقر رأيه، وأصبح لا يعترف ـ كما يقول فى موضع آخر من حديثه.. بأنه بالرغم من اهتمامه بالتغيير ونزعته للاهتمام بالحركات الطليعية فى الفن والسياسة.. إلا أنه كما يعترف قد توقف وأصبح يهتم بما استقر فقط، ولم يعد لديه متسع من الوقت للتجريب.؟

وإذا كان قد توقف عند سنوات مضت، أو تأثر بما طرحه المفكرون والفلاسفة الذين صاغوا للفكر الإسرائيلى، ومهدوا لتحطيم المنطقة العربية، حتى تستقر إسرائيل على أنقاضها.. فإننى أدعوه كعربى إلى أن يأتى لزيارة بلاده ومنطقته، لكى يتعرف على حقائق جديدة على الأرض. وأن يحاول الخروج من عزلته وإنكار جذوره، لكى يعود له اتساقه النفسى، وأن يوظف علمه وخبراته العالمية من أجل أهله وشعوب منطقته.. فالمسافات التى وضعها بينه وبين أهله ومخاطرته الكبيرة التى أدت إلى انعزاله، حتى يصنع شيئا أصبحت غير مبررة ـ حيث أنه أصبح حقيقة أدبية وعالمية غير منكرة.. ولكنها وظفت لحساب الغير.. وأصبحت المخاطرة الجديدة التى نطلبها منه فى الإطار الأخلاقى.. هى العودة للجذور..

وإحياء الماضى فى صورة دراسة الحاضر وتقديم رؤية للمستقبل، فى سياق نقدى جديد.. ونعتقد أن هذه المخاطرة تستحق من د. إيهاب حسن الاهتمام والسعى.. فإذا كان اسمه قد خلد فى محاولاته النقدية،، وأبحاثه المستقبلية فى تطوير الذات، والوصول بها إلى منطقة أو حقيقة روحية.. سماها رحلة الخروج من مصر.. فإن رحلة العودة تستحق.. وسوف يجد فى طريقه حقائق جديدة على الأرض.. فى حالة تشخيصها و تقديمها فى صورة جديدة.. ستكون حالة عودة حقيقية.

تساؤلات حيرتنى، وأعتقد أن الإجابة عليها ستكون بالعودة إلى الجذور، لكى يكتب بعقله الذى يرى الغابة الحقيقية ولم ينشغل بأشجارها، ليجيب عن سؤال لماذا تخلفت شعوبنا؟ أو ليقول لنا وللمصريين من أبناء بلده أين ضاع أنف أبى الهول، وكيف نعيده؟ عد لنا د. إيهاب حسن.. فنحن نحتاج إلى كل العقول.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى