مقالات الأهرام العربى

السلام

إذا كان للحياة نواميس تحكمها، فإن المتغيرات والرؤى الجديدة وضعت لعالمنا الراهن قواعد ونواميس جديدة. ولا يملك أى ـ عاقل يقرأ المتغيرات ليعرف موقع أقدامه، ويتعرف على طريق المستقبل ـ أن يتجاهلها.. وإذا تجمد أو حاول أن يتغافل عن القواعد الجديدة فإنه يفقد الرؤية ويصبح غائب البصيرة.. وعالم اليوم ـ شئنا أم أبينا ـ يحكمه منطق جديد ومختلف.. من أهم منطلقاته أن مصالح الشعوب وحركتها.. لن يستطيع أحد أن يحكمها أو يتحكم فيها.

والشعوب تسعى إلى الحرية والتحديث ومعايشة واقعها بدون خوف أو تسلط.. وعلينا أن نهيىء لمنطقتنا وشعوبنا تلك الحرية لكى تعيش العالم الجديد.

وإذا تعرفنا على المتغيرات الجديدة لاكتشفنا أن محاولات السلام فى منطقة الشرق الأوسط كانت جزءاً من فهم عاقل واع لعالم جديد، قبل انهيار الحرب الباردة وسقوط الشيوعية وانهيار كتلتها، وإذا كان السلام رؤية ثاقبة ونافذة لعصر مختلف ومتغير.. فإن الاستجابات كانت متفاوتة. ولكنها فى النهاية تصل إلى مسارها الصحيح.. واليوم يتصدى للسلام عقل جامد ومتحجر.. أفرزته العقلية الصهيونية العنيدة المركبة، التى تخيلت أن ميزان القوى فى صالحها، معتمدة على الدعم الأمريكى.. وكانت العقبة هذه المرة فى شكل نيتانياهو..

وتتصور العقول النمطية أن العرب الآن فى ظل السلام فى موقف صعب.. وهذا غير الواقع.. فإسرائىل لأول مرة فى تاريخها منذ زرعت فى منطقتنا .. واغتصبت حقوق الشعب الفلسطينى.. هى اليوم التى تواجه التحدى والانقسام الداخلى، وحكومتها تلعب ضد مصالح شعبها ومستقبله، وتواجه الشعوب العربية متحدة.. وإذا واصلت هذه السياسة فسوف تخسر كل الرهانات التى عاشت من أجلها.. بل وأمل السلام الذى راود الشعب اليهودى لفترة قصيرة فى تاريخه الطويل.

تلك حقيقة تكشف أن الخطيئة الكبرى التى نرتكبها ليست فى القرارات الصعبة التى نتخذها لكى نضع شعوبنا فى الطريق الصحيح.. ولكن فى المكابرة ومواجهة الواقع والتمسك بالقديم، ولو كان على حساب مصالحنا ومستقبل شعوبنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى