مقالات الأهرام العربى

قرار شجاع

كل من راقب العمل العربى المشترك خلال الفترة الماضية، يشعر بأن هناك شيئا جديدا أو تحريكا للمياه فى اتجاه التصحيح، وأن هناك مناخا مختلفا قد يعزز منظومة جديدة.

فقد لاحظنا تعاظم التنسيق السياسى على صعيد القمم العربية، فهناك لقاءات شملت معظم الزعماء العرب، خاصة فى اتجاه التنسيق بين مختلف القوى العربية، ولعلنا نتوقف أمام مباحثات الرئيس مبارك وحافظ الأسد، والأمير عبدالله بن عبدالعزيز، والسلطان قابوس، على أجندة الاجتماعات مستقبل السلام والسوق العربية المشتركة، ثم رحلة الأمير عبدالله إلى سوريا ولبنان، والتى شكلت دعما سعوديا قويا للدولتين فى جهودهما لاسترداد الحقوق السورية واللبنانية المغتصبة..

ثم الاجتماعات الوزارية، من اجتماع اللاذقية  بين وزراء الخارجية العرب ودول إعلان دمشق »دول الخليج العربى وسوريا ومصر«، وزراء الإعلام العرب فى القاهرة، والذى أعطى لقضية القدس أهميتها ومكانتها فى المرحلة القادمة، ووزراء السياحة العرب، الذىن عقدوا أول اجتماعاتهم تحت مظلة الجامعة العربية.

وإذا توقفنا أمام التأثيرات الحقيقية لهذه الاجتماعات، فإنها تعكس حيوية ورغبة القيادات العربية فى التنسيق والتعاون، خاصة فى الأوقات الصعبة والامتحانات الدقيقة لإدارة التعاون بينهم.

إن العرب جميعا فى حاجة ماسة إلى تعاون أكثر وتماسك أشد فى إدارة صراع السلام مع إسرائيل، ووصولا لكامل الحقوق، وتحقيقا لأمل تقرير المصير للفلسطينيين، واستردادا للقدس والأرضاى السورية واللبنانية المحتلة.

وإذا كانت هذه المعركة المصيرية هى التحدى الذى يفرض التعاون السياسى، فإن المستقبل يستلزم روحا جديدة فى التعاون، ويتطلب من العرب جميعا أن يأخذوا قرارا شجاعا، ينتقل من رغبتهم السياسية فى التعاون والتنسيق من مستوياته العليا، إلى رغبة القرار الذى ينقل هذا الواقع إلى مجال جديد، قادر على إنشاء كيان كبير قوى يتعامل مع الكيانات النظيرة التى تسود عالمنا المعاصر.

وأعتقد أن العرب أمامهم قرار يجب أن يتخذ بلا تردد، وهو الخاص بقيام سوق حرة للسلع والخدمات العربية، وفتح الحدود المغلقة أمام المواطنين العرب، لتسمح بحرية انتقال العمالة ورءوس الأموال، إلى جانب السلع والخدمات، وأن تتزامن مع ذلك روح جديدة للتعامل العربى، خاصة بين الشركات، تسمح بقيام شركات مشتركة واندماجات بين الشركات العربية النظيرة، وستؤدى تلك السياسة إلى قيام شركات إقليمية قوية، قادرة على قيادة التنمية فى المنطقة، وأن تنافس الشركات الدولية وإذا تحقق ذلك، سيكون من السهل ـ خاصة بعد اتفاقيات الجات القادمة ـ تحرير الأسواق العربية، وفتحها على السلع والخدمات العربية، وبذلك تكون السوق العربية المشتركة، وتوحيد العملة،

وغيرها من أشكال التعاون والاندماجات، واقعا من السهل تحقيقه عبر خطة متوازنة، تراعى الأبعاد المحلية والتطلعات الإقليمية، وقدرة شعوبنا على المنافسة فى عالم صعب، لا يتوقف عن التطور والنمو، ويكتسح الضعفاء والمختلفين، والذين لا يعرفون مصالحهم، ولا يحددون بوضوح ماذا يريدون؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى