مصطفى أمين..

خير الرجال هم من يصنعون من حياتهم أعمالاً خالدة تعيش بعدهم للأجيال القادمة..
وراحل الصحافة العربية والمصرية مصطفى أمين، كان نموذجاً فذاً من هذه الشخصيات، انتقلت أعماله من تأسيس مدرسة الصحافة المصرية الحديثة فى القرن العشرين، والتى تخرج فيها نجوم الكلمة المكتوبة، والإعلام العربى الحديث.. إلى أن أصبح رمزاً خالداً للحرية، وحقوق الإنسان العربى، مع نهاية القرن العشرين، ومدافعاً صلباً عن الحريات العامة، وحقوق الشعوب المظلومة، الباحثة عن الحرية، والحياة الكريمة، وكان مصطفى أمين مؤسسة للدفاع عن الفقراء والمظلومين المضطهدين، وكل من يعيشون على هامش الحياة، التقطهم، وجعلهم نجوماً ساطعة، وبعث الأمل فى المجتمع من أجل خلق سلام ووئام اجتماعى عام يشمل حياتنا ككل.. كره الحزن، فجعل حياتنا أعياداً للحب والأسرة والأم، وكرم الأب..
لقد كان شخصية غنية وثرية، وقلباً حنوناً عطوفاً، وجعل من إمكاناته الهائلة حقاً مباحاً للآخرين، انعكست فى أعماله، وثقة الناس به فأودعوه مدخراتهم لينقلها للفقراء، والمعوذين والمحتاجين، ولم يكن يمن على أحد، فقد كانت أعماله تتم فى مناخ يحافظ على كبرياء السائل، ليشعر المحتاج أنه يحصل على حقه.
وإذا توقفنا أمام دوره السياسى، سنجده قد لعب فى السنوات الماضية، دور مؤسسات كثيرة من أجل أن يزرع فى وجداننا حب الحرية والكرامة، والسعى إليه. وسوف نكتشف أن مازرعه مصطفى أمين، سوف يعيش طويلاً، وسيكون وقوداً نشعل به نور الحياة القادمة فى عالمنا وحياتنا..
.. وإذا كنا كصحفيين، سنفتقد رائداً عملاقاً، وصحفياً كبيراً فإن حصاد أعماله الفنية، ودوره الثرى ، سوف يغنيناً كثيراً، ويعيش فى ذاكرتنا طويلاً.
وبشكل خاص لا ننسى فى »الأهرام العربى«، اتصال مصطفى بك أمين، بعد صدور العدد التجريبى الثانى، والذى حصلنا به على حوار صحفى، سوف نعتز به دائماً، وننشره فى هذا العدد وهو آخر حديث صحفى أجرته معه أصغر أعضاء أسرة المجلة، الزميلةآمال إمام، والتى خصها أستاذ الصحافة بالحديث كرمز دائم وحى لتشجيعه للشباب، والأفكار الجديدة، وسوف أتذكر كلماتى له، وأنا أدعو وأتمنى له الصحة، وأقول له »لقد عشنا عصر عملاق الصحافة مصطفى أمين«، وهو عصر سوف يعيش فينا كرمز خالد للحرية، وحب الناس، ولا نكفى للتدليل على ما نقول إلا مشهد الوداع الأخير للراحل الكبير، الكل كان يتذكر ما زرعه من أعمال خير، وفكر مستنير خالد، سيعيش مصطفى أمين بيننا ما بقيت الحياة، وما بقيت أفكاره، التى تشبه البنية الأساسية الصالحة لبناء مجتمع القرن الحادى والعشرين فى مصر، والمنطقة العربية.