حدث في الدويقة

يتعايش القاهريون المعاصرون مع آفة أكلت جمال عاصمتهم وظهرت من الجو كطفح ميكروبي علي جلدها الجميل.. إنها العشوائيات التي انتشرت في كل مكان لأسباب كثيرة أبرزها غياب التخطيط العمراني والزيادة السكانية وانخفاض مستوي المعيشة والهجرة من الريف إلي المدن, وكان لابد من إيجاد حل جذري لها, بالعزيمة والاصرار والعمل الجاد الذي لايعرف طريقا إلي اليأس.. وهي الصفات التي توافرت في السيدة سوزان مبارك فوضعت هذه القضية علي قائمة أولوياتها, واستخدمت في معالجتها وسائل وأساليب جديدة أسهمت بالفعل في إحداث تحول ملموس في هذه البيئة العشوائية الفقيرة, واحتضنت الفقراء والأسر البسيطة, وسعت إلي النهوض بهذه المناطق عن طريق مؤسسات الدولة ووزاراتها المختلفة.
وكان أمس الأحد16 أكتوبر الموافق13 رمضان يوما جديدا علي هذا المسار سوف تحفظه ذاكرة الوطن فلقد قامت فيه السيدة سوزان مبارك بتسليم500 أسرة منازل جديدة في منطقة تغيرت بالكامل, وجبل كان موطنا للحشرات والقمامة, وذلك في إطار المرحلة الرابعة لمشروع تطوير منشاة ناصر والدويقة, حيث تم نقل أكثر من6 آلاف أسرة إلي مواقع جديدة, وتتبقي هناك4 آلاف وحدة أخري ليكتمل المشروع, والعمل يجري علي قدم وساق لتطوير المنطقة صحيا وبيئيا. وهذه المنطقة وحدها تشكل أكثر من ثلث المناطق العشوائية بالقاهرة وأكثرها كثافة سكانية.
ولم يكن المنزل الجديد هو الفرحة الوحيدة في هذه المناسبة, ولكن كان هناك أيضا شعور المواطنين الفخورين بوطنهم, والذين أخذوا يتجاذبون أطراف الحديث الحاني عن أحوال الحياة, والعمل والمعيشة, وبين سكان الدويقة ومنشاة ناصر مع السيدة سوزان مبارك. وكان ذلك إحساسا جميلا يعكس اللغة والمناخ الذي تعيشه بلادنا الآن. كما كان التجاوب والتجاذب بين البسطاء والسيدة الأولي, شعورا متبادلا بين الطرفين, لأن من تعمل لمصلحة الناس بكل هذا الحب والإخلاص, ستجد حتما صدي لحركتها وعملها في قلوب هؤلاء البسطاء, الذين عبروا عن مشاعرهم بكل العفوية والحب الخالص لها ولمصر ولرئيس الوطن.
والدويقة التي تقع في قلب منشاة ناصر, لم تكن هي المنطقة الوحيدة التي غيرت فيها سوزان مبارك وجه الحياة والبيئة, إذ أن هناك مناطق أخري في زينهم, والنهضة وعزبة عرب الوالدة بحلوان والمعصرة.. إنها أحياء جديدة خرجت من نفق الفقر والعشوائية لتنضم كوجه مشرق إلي القاهرة المعاصرة, تجدد شبابها وتحيي الأمل في تغيير شامل لكل أوجه الحياة والنمو والتطور في كل المدن والقري المصرية.
إن مشهد الدويقة وقد لبست حلة جميلة, وبدت السعادة علي وجوه أهلها وهم ينضمون إلي مسيرة التطوير, قد ذكرنا بيوم افتتاح حديقة الأزهر التي لاتبعد عنها أكثر من دقائق, فهما يطلان علي القاهرة الفاطمية بتاريخها وأصالتها وأزهرها وقلعتها وحصونها ومآذنها, ليشهد الجميع قدرة الإنسان المصري عبر العصور علي التشييد والبناء, وليتأكد الجميع من أننا قد عقدنا العزم علي المضي قدما في تنفيذ مشروعات إعادة الجمال والحيوية إلي المناطق القديمة والجديدة, مع مايتناسب مع قيمنا الحضارية, والتاريخ العريق لمدينة القاهرة.
وسوف يظل الدور الكبير الذي تقوم به السيدة سوزان مبارك لتطوير المناطق العشوائية وتنميتها محفورا داخل كل فرد انعكس عليه هذا التطور الملموس الذي طرأ علي حياته.. فكلنا نعلم ماتقوم به قرينة الرئيس في شتي المجالات, فلم يقتصر دورها علي مساعدة المرأة والطفل ونشر الثقافة العامة, عبر مشروعات القراءة للجميع, وإنشاء المكتبات والتوسع فيها, وفي مقدمتها مكتبة الاسكندرية, ونشر ثقافة السلام ورعاية الفنون, وتربية الذوق الجميل, إذ أنها تواصل الآن جهودها لإزالة العشوائيات ورعاية الأسر الفقيرة, وتغيير وجه القاهرة, بنشر الحدائق وتجديد الأحياء وحماية آثارنا بأعمال تحتضن المكان والإنسان معا.
وإذا كان النهر يبدأ بقطرة مطر, والصرح الكبير يبدأ ببضعة أحجار صغيرة, فإننا جميعا, خاصة المجتمع الأهلي وكل القادرين, يجب أن نمد أيدينا لنواصل الأعمال نفسها التي تقوم بها سوزان مبارك علي أرض مصر لتأمين الحياة الكريمة لكل أبناء شعبها. وسوف يذكرها التاريخ والضمير الإنساني بما قدمت لبلدها ومواطنيها علي طريق التنمية والتطور.