د. يونان مؤرخ مصر.. عاشق الأهرام

كان طبيعيا أن يكون مؤرخ ذاكرة مصر للعصر الحديث د. يونان لبيب رزق عاشقا لجريدة الأهرام, فمصر والأهرام تمتزجان معا.. فالأهرام منذ صدورها عام1875 وحتي الآن, هي ضمير الوطن وعقله اليقظ, تعمل من أجله وتختار كوكبة من المفكرين والمؤرخين تقدم خبراتها وقودا للتحرك والنمو, خيرا لمصر ولأبنائها. | |||||
وقد استطاع من خلال ديوان الحياة المعاصرة ـ الذي صدر حتي الآن في16 جزءا, ويجري الآن طباعة الجزء السابع عشر ـ توثيق المرحلة التاريخية من عام1875 حتي عام1941. وقد راعي يونان في الصفحات التي اختارها من تاريخ مصر عبر الأهرام أن يقدم للأجيال المعاصرة خلاصة خبرة التاريخ وأحداثه, فكتب للناس والوطن ليحفظ تاريخهم ويفيد حاضرهم وينير مستقبلهم, ولم يوظف يوما ما اختاره وكتب عنه لتمجيد أشخاص أو للإشادة بفكرة يتبناها هو, مثلما يفعل البعض من ذوي الصوت العالي, الذين يسرقون نتفا من التاريخ ويقومون بتوظيفها وتشويهها, فيصوروا التاريخ منقوصا. لقد أدرك قارئ يونان لبيب رزق أنه أمام عقل مستنير ومفكر كبير ومؤرخ أمين, وكاتب عرف التاريخ وأدرك مضمونه ومغزاه, فقرر أن يعمل ويكتب من أجل أن يحفظ تاريخه ناصعا شفافا مفيدا لبني وطنه عبر الأجيال, وأصبح ما سطره من كتب وصفحات مراجع أساسية لمن يريد أن يعرف ما جري في مصر في القرنين التاسع عشر والعشرين, في الوقت نفسه ساعد يونان في تعميق صفحات تحرير الأهرام ليحقق أحد أهدافها ويصبح من يقرأ الأهرام يقرأ مصر ويعرف المصريين. ولاشك أن لدقته وأمانته التاريخية الفائقة تأثيرا كبيرا في أن يكون لوثائقه وأبحاثه التي قدمها في كتابة الأصول التاريخية وقضية طابا في عام1983, تأثيرها في الحكم بأحقية مصر في تلك البقعة الغالية عام1991, بما أضاف إلي سجله التاريخي مكانة وطنية عظيمة يستحقها بجدارة, فهي نتاج عمل شاق وبحث دءوب رفع قامته وأوقد ذهنه وأنهك جسده وتسبب في مرض قلبه. وإذا كنا قد فقدنا هذه الشخصية المميزة وهذا العالم الخلوق, فإن عزاءنا أنه ترك سيرة وأعمالا وتلاميذ, ولنا في سيرته دروس. ونحن في الأهرام سوف نحتفظ بمركزه المعروف باسم تاريخ مصر والأهرام وعليه اسمه وصورته, وفي الداخل أعماله الفذة, لينضم إلي سجل الخالدين في الأهرام الذين رفعوا قامة مصر والمصريين عبر أعمالهم وتاريخهم الناصع, وسنظل نعتز بما أرساه من قيم في كتابة التاريخ وفهمه واستيعابه وإبداعاته في بحث الشخصية المصرية, وهو ما أكسبه خبرات أسهمت كثيرا في خروج مراجعه إلي النور, تلك المراجع التي ستستفيد منها أجيال مصر في المستقبل. | |||||