مشاهد من باريس

مشاهد باريس وهى تحترق والفوضى فى الشانزليزيه أخافت فرنسا والعالم!!
والرئيس ماكرون الذى وضع عليه الكثيرون، فى أوروبا والعالم، الأمل فى الوقوف ضد أفكار ترامب المتراجعة عن أحلام العالم فى الاستمرارية لصناعة عالم واحد، وليبرالية جديدة، تنطلق من أوروبا، يتراجع أمام أصحاب السترات الصفراء، التى أصابت العالم بحيرة، إن لم يكن خوفًا من المستقبل أو القادم من الأيام، هل الثورة أو بالتحديد غضب الفرنسيين مبرر؟! وهل وراءه أخطاء فى حكومة ماكرون الذى أسموه رئيس الأغنياء، وهم متوسطو الحال لا يجدون ماينفقون؟ أو أن الفرنسى البسيط يتقلص دخله ويتدهور مستوى معيشته؟
تساؤلات حيرت الأوروبى، فما بالكم بالعربى أو الإفريقى أو الآسيوى الذى يشاهد إحدى عواصم العالم الحر، أو عاصمة النور، وهى فى مأزق حاد.
أوروبا القارة القديمة العتيدة تئن وتنتظر يوم الإجازة بخوف وحذر، ليس خوفا من عدو خارجى بل من أحسن أبنائها العاملين الذين يبنون ويعمرون، هل الشغب سيمتد، هل باريس ستبقى تحت حصار الفرنسيين والجنود يتسولون من المتظاهرين الرحمة بالمدينة الجميلة؟
أضواء الشانزليزيه ـ أهم شارع فى العالم ـ المبهرة فى نهاية عام وبداية عام جديد التى تجذب السائحين من كل مكان فى العالم لم تخفت، لكنها تحت التهديد تشعر بالقلق، عاصمة السياحة العالمية سيهرب منها السائحون فى نهاية عام 2018 بحثا عن عاصمة جديدة أكثر هدوءا، وأن تكون قادرة على الترحيب بهم بلا خوف من فوضى أو أعمال شغب أو ثورة محتملة..
الحركة الاحتجاجية أو الثورة فى فرنسا لم تخرج من رحم حزب مثلها مثل الرئيس الذى جاء من خارج الطبقة والأحزاب الحاكمة، جاء مثل ديجول ليصنع المجد لفرنسا فى أوروبا، أحلامه كبيرة، الرجل يريد جيشًا أوروبيا موحدًا يدافع عن أوروبا ويقف الند بالند مع أمريكا وروسيا والصين فى العالم المتعدد الجديد، لكن الداخل يغلى ويريد شيئا آخر، لا يريد أن يسمع شعارات فى السياسة، لكنه يريد اقتصادا، يبحث عن اليورو، يبحث عن راتب مجز، يسمح له بالولوج فى الشارع لاستهلاك المنتجات الجديدة، لكنه يواجه بالأسعار المرتفعة.
هل كان على الرئيس الفرنسى الجديد أن يعرف حجمه وحجم بلاده، ويقلص النفوذ الخارجى مقابل صفقات اقتصادية؟ هل يوقف ما يدفع من أجل المناخ والحفاظ على درجات الحرارة فى الجو، لكى لا ترتفع حرارة الشعب الفرنسى ويخرج ثائرا عليه؟
تساؤلات صعبة يجب أن يجيب عنها الرئيس الفرنسى ماكرون، الذى أصبح همه من ديسمبر 2018، ليس صناعة عالم جديد، وحتى نهاية ولايته بعد خمس سنوات مقبلة، أى دور فرنسى أكبر أو مكانة لها فى أوروبا أو فى عالمها تتساوى مع تاريخها الكبير، ولكن همه أن يدفع أكثر للعمال البسطاء، وأن ينظر إلى رفاهية الفرنسيين بعين جديدة فاحصة ودقيقة فقد تستطيع سيدة واحدة على السوشيال ميديا أن تقلب بلادها رأسا على عقب، وأن تضعها أمام العالم فى موقف حرج، وأن تضع الحكومة الفرنسية فى ظروف سيئة، وأن تؤثر على مستقبل اقتصاد بلادها.
ماكرون سيدفع أخطاء حكام فرنسا السابقين، كما سيدفع ثمن التغيير العالمى الجديد، وثمن العالم الجديد، الذى يعيش فيه، هل يكون هذا ثمنا لصعوده أو استمراره فى الحكم؟ أم سيكون الصعود إلى الهاوية؟ المتغيرات صعبة ودقيقة، وتجعلنى غير قادر على قراءتها، فلننتظر لنرى حجم التطورات التى تحدث فى فرنسا لأنها سوف تنتقل إلى كل مكان.