مقالات الأهرام العربى

عزيزى سمير عطا الله

لأننى أحب، والأهم أقدر، كلمة الكاتب المبدع سمير عطا الله، فأبدأ عادة قراءة صحيفة الشرق الأوسط من الصفحة الأخيرة، لأن زاويته هى زاد لي، ليس للمعلومات الغزيرة فقط ! وليس لجمال الجملة، وطلاوة العبارة فقط! وكذلك ليس للفكرة الخلاقة والجديدة دوما التى يبدأ بها زاويته اليومية، ولكن لأننى أعرف صعوبة الكتابة فى هذا الزمن الصعب.
أعرف أن سمير عطا الله يفكر ويكتب ويقول الحقيقة بوضوح وقوة، ودون أن يقع فى الخطأ أو يحرج أحدا، فحقق المعادلة الصعبة والدقيقة،، وتلك والله عبقرية فى هذا العالم العربى الذى يمر بحالة من الجنون والخوف فى آن واحد!

ولأن منطقتنا لم تعد الشرق الأوسط بقدر ما هى عالم اللامعقول، فقد هزتنى كلمته التى كتبها صباح الإثنين 3 ديسمبر 2018 بعنوان اللبننتان: تونس والقاهرة، فوجدت فيه غيرة حقيقية على وطنه الحبيب لبنان من أخطاء السياسيين، وهفوات الفنانين، وكلماتهم التى لا منطق ولا عقل يحكمها.

كاتبنا المفضل اختار أن يعاتب المنصف المرزوقى الذى كان رئيسا بالمصادفة فى تونس الشقيقة، اختاروه فى زمن تونس الصعب، مع سقوط الدولة فى أيدى التيارات الدينية المتأسلمة.
ولأن التيار الإخوانى فى تونس كان ذكيا، فقد اختار المرزوقى لكى يكسب موقف التوانسة، وكان ينظر بعيدا، أو ينتظر التطورات، وعندما وجدوا المرزوقى لا يسمن ولا يغنى من جوع أسقطوه، واختاروا، بل وقفوا إلى جوار الرئيس الحالى السبسى، الذى يحاول أن يجمع شتات التوانسة والدولة، وهم فى حالة من انعدام الوزن الداخلي، فى محاولة للتماسك بعد أن سقط الاقتصاد، وتصارع السياسيون بشكل مخيف ومدمر للسياسة والاقتصاد معًا.

لكن المرزوقى سياسى من الصنف الذى لا يعرف ما يقول، أو أنه يعرف ويبحث لأقواله عن دور، لمحاولة إشباع حالة السياسى الفاقد للوزن والباحث عن دور!! والذى وضع نفسه أمام من يدفع أكثر، أو الذى يرضى غروره السياسى وتطلعاته السياسية غير المستحقة.

عندما صرح المرزوقى أنه لا يريد لبننة تونس، لم يدرك أن تونس فعلا تواجه الصراعات الداخلية والانهيار الاقتصادي، وما هو أكثر، أى غياب الدولة، أو الذهاب إلى عالم آخر.
نحن العرب يجب ألا نعاير بعضنا البعض، لأننا جميعا فى الهم شرق، وعاجزون عن بناء نظام سياسي، وتطور اقتصادى قوى وحقيقي، مادامت التيارات المتأسلمة متربصة بالسلطة، وباحثة عن قيادة الأوطان أو الأمة.

أما عبقرية سمير عطا الله فكانت فى تعليقه على الفنانة البسيطة رانيا يوسف التى وقعت فى مأزق الفستان، وخرجت عليها الأقلام المتوحشة لافتراسها، وتطالب بوضعها فى السجن، لأنها أخطأت أو لم تخطئ لا أعرف بالضبط!! ولا أريد أن أعرف، لأنها مارست حرية شخصية فى اللبس، تم تصويرها على أنها فعل فاضح أو جنس أو دعارة فى الطريق العام، فقد كشفت عقلية المتربصين بها، وتوحشهم ولا إنسانيتهم فى تعاملهم مع الفنانين والفن، وعندما حاولت أن تدافع عن نفسها أخطأت بالمقارنة فى أنها كانت تحاول أن تسبق هيفاء وهبى أو مايا دياب أو فنانات لبنان اللواتى يتمتعن بالحرية الشخصية، وهما الاثنتان أو الثلاث من الفنانات العرب المتميزات، ولكنهن فى العالم الخطأ والصعب فى المنطقة التى تأكل نفسها، ولا تنظر إلى ذاتها بالنقد الذاتى البناء، أو تحاول تغيير مجتمعاتها، وكلما حاولت وقعت فى الأخطاء، بمزيد من التدهور الأخلاقى والإنسانى وتدفع المجتمع إلى حالة من التوهان بحثا عن الذات.

لا تحزن سمير بك!! ليست مصر أفضل من لبنان، كما أن تونس ليست أفضل منهما، بل إن الخليج العربى الأغنى، ليس أفضل منا جميعا، مازلنا جميعا شعوبا وحكومات ونخبا وأفكارا دون المستوى.
لعلنا جميعا ننجو، ونتحيز لغايتنا ورؤانا للحياة،
والتطور والحرية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى