محطات 2017 .. إشارات 2018

كان حصاد عام 2017 صعبا، فهل خرجنا من مأزق تاريخى؟
سؤال يطرح نفسه، ونحن نتتظر عاماً آخر هو 2018، إنها محطات زمنية، صحيح نعرفها بالتوقف عند الأرقام، ولكنها خط متصل لا يتوقف، وحصادنا هو ما نزرعه بالأمس، سنجده اليوم، ثم نحصل على ثمرته فى الغد.
إن 2017 عام بدأناه بكوارث الإرهاب فى الكنائس، وأنهيناه بكارثة الإرهاب فى مسجد بئر العبد.
وقد كان عاما قاسياً من الإرهاب النوعى، ولكنه أيضا كان عاماً قياسياً فى الأعمال والبناء والتطوير والإنشاءات.
وسوف أتوقف أمام محطات كثيرة، لعل آخرها منذ أيام، ونحن نرى عبور المصريين من خلال أنفاق جديدة لبناء وتعمير سيناء، وإنهاء غربتها وقطيعتها مع الدلتا.
أصبح المصرى قادراً على العبور إليها فى 10 دقائق من خلال نفق شيدته الأيدى المصرية، وإعلان القيادة السياسية عن أكبر مشروع لحماية سيناء بالبشر والمدن بـ100 مليار جنيه.
صبر المصريين فى البناء هو سمة عام 2017 ، وسط أبواق التهديد الإخوانى من الخارج.
ولكن قدرتنا تجلت فى محاصرة قوى التطرف والإرهاب بالتحالف المصرى مع 3 دول خليجية كبرى هى، السعودية والإمارات والبحرين لمحاصرة الظاهرة الغريبة فى منطقتنا والمسماة قطر، التى تحالفت مع جماعة الإخوان، وقوى الإرهاب والتطرف لضرب المنطقة العربية.
وقد كان قراراً حصيفاً، ولحظة صدام صادقة تكشف وتعرى تمويل جماعات الإرهاب من قطر، حتى يتوقف خط التمويل المستشرى فى مصر، وليبيا واليمن، الذى كان يهدف إلى تفريغ المنطقة من قوتها وتسليط التيارات المتطرفة على مفاصل المنطقة.
كان القرار خطوة غير منتظرة، ولكنها تحققت، ولو لم يظهر التحالف القوى لتفككت المنطقة كلها من تونس إلى البحرين.
صحيح أن الدولة المعتدية ما زالت تكابر، ولكنها انكشفت، وانحصرت مؤسساتها الإعلامية، وأصبحت عاجزة عن ممارسة دورها التحريضى والتخريبى فى المنطقة.
وما يجعلنا نثق فى قدرة الدولة المصرية على إدارة الصراعات بحكمة وحرفية عالية، أن دورها فى هذا الاتجاه لم يتوقف لإنقاذ المنطقة، فوجدناه فى خلال هذا العام تكرر ثلاث مرات، الأولى فى مواجهة قطر، والثانية فى لم شمل الفلسطينيين حول مائدة التفاوض لإنهاء انقسام بين غزة والضفة بعد أن طال، وأثر على مستقبل المنطقة، وشكلت عودة الشرعية الفلسطينية إلى غزة نقطة ضوء لإعادة القضية الفلسطينية إلى زخمها، واستعادتها بعد غياب عقد كامل فى فوضى المنطقة واضطراباتها، لتكون قضية العرب الأولى والرئيسية.
وفى الثالثة وجدنا مصر قيل نهاية العام قادرة على إدارة صراع سياسي بالأساليب وبقمة الأداء والاحترافية لمواجهة القرار الترامبى بنقل سفارة أمريكا إلى القدس والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل، وعلى الرغم من أن القدس تحت الاحتلال منذ 50 عاماً، وأن هناك، عمليا، قنصلية أمريكية فى القدس الغربية يجلس فيها سفير الولايات المتحدة لإدارة سفارته، فإن نقل السفارة بقرار رئاسى أحادى الجانب، يشكل خطرا على المدينة المقدسة.
ولولا التحرك الشعبى العربى والفلسطينى والعالمى لمحاصرة القرار الرئاسى الأمريكى، وصولا إلى الأمم المتحدة، لضاعت قضية فلسطين، هذا التحرك المصرى جعل الإدارة الأمريكية تستخدم الفيتو ضد نفسها أولاً وضد العالم كله ثانيا، وتحركت مصر بين أعضاء مجلس الأمن ثم الجمعية العامة للأمم المتحدة، واستطاعت الدبلوماسية المصرية محاصرة قرار ترامب وتفريغه من مضمونه أمام حلفائه الأوروبيين والآسيويين وكل العالم، وحاولت أمريكا إصلاح القرار بأخطاء كبيرة وتهديد ووعيد للعالم أثر على مكانة الدولة العظمى، وأثر على أمريكا كدولة تريد أن تكون راعية للسلام، وتخطط لمشروع كبير بقيام دولة فلسطين إلى جوار إسرائيل، فأصيبت بهذا القرار فى مقتل، وتحتاج إلى سنوات كثيرة لإصلاحه، قد لا يكون فيها ترامب رئيساً لأمريكا.
هناك الكثير ما أحتاج إلى رصده فى هذا العام، ولكننى أكتفى بما ذكرته، وأتطلع من خلاله إلى عام جديد، ستكون مصر فيه منتهية من مرحلة سياسية، وتتطلع إلى استكمال رحلة جديدة، سيكون أبرز محطاتها هو إعادة انتخاب الرئيس لدورة جديدة لاستكمال عملية البناء والتنمية التى تحدث فى مصر، وإصلاح الدور الإقليمى والوطنى الذى تعطل فى سنوات الفوضى والاضطراب التى صاحبت أعوام ما بعد 2011.