مقالات الأهرام العربى

القدس عربية إسلامية أهم أحداث عام 2017

ما بين القرار الترامبى فى السادس من ديسمبر 2017 وبين الفيتو الأمريكى فى مجلس الأمن، لرفض مشروع قرار مصرى وعربى يدعو أمريكا إلى سحب قرار ترامب، واحترام رغبة العالم باحترام القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية فى 18 ديسمبر الحالى، يكمن حدث تاريخى يسبق كل ما عداه من أحداث أخرى، تقل أهميتها وتتضاءل أمام المدينة المقدسة له عواقبه القادمة فى السنوات المقبلة، سواء على أمريكا أم على العالم، والأهم على عالمنا وعلى قضيتنا العادلة فى فلسطين وفى قلبها القدس.
صحيح تماماً أن القدس منذ نحو 50 عاماً عندما احتلتها إسرائيل عقب هزيمة 1967، ومنذ هذا التاريخ لم تأل جهدا دولة الاحتلال لتهويد العاصمة الإسلامية والعربية، بكل الأساليب والوسائل غير القانونية وغير المشروعة من استيطان وهدم الأحياء والاستيلاء على الأراضى، ومحاولات أكثر عبثية لتهديد قدسية المدينة ومسجدها الأقصى (مسرى الرسول) وكنيسة القيامة (مهد المسيح) ومحاولات البحث عن الهيكل المزعوم لسليمان حول المسجد الأقصى ومحاولات لتغيير وضع القدس، وفى الوقت نفسه كانت إسرائيل تعبث بعاصمة مقدسة للفلسطينيين والعرب والمسلمين كافة، وتقتل الأطفال والنساء وتستولى على الأراضى.

لم يتوقف العرب عن البحث عن السلام وقدموا المبادرات تلو الأخرى، لكن لحكمة تاريخية اتخذ ترامب قراراً بنقل السفارة إلى القدس، حتى يرى بأم عينيه أنه لا يستطيع، وأن العالم بل الدنيا كلها ضده، وأنه بهذا القرار لا يعزل أمريكا عن العالم بل يعزل نفسه، ويجب أن نفرق دائما بين أمريكا ومن يحكمها، فأمريكا ليس كلها من المسيحيين الصهيونيين الإنجيليين الذي يحاول ترامب وغيره من حكام أمريكا، أو من يحكمها، فدائما ما يكون مؤقتا عابراً فى التاريخ، ولا يملك مؤهلات الحكم وتكشفه الوقائع تماماً أمام الرأى العام وأمام أمريكا بل أمام العالم.

المعركة التى حدثت حول نقل السفارة الأمريكية لم تكن كلها خاسرة، حتى ولو تجاسرت أمريكا ونقلت السفارة.. الخاسر الأكبر هو عملية السلام التى كان من الممكن أن يقودها ترامب وصهره الصهيونى المتعصب، الذى تصور عقله أن محاولة إهدائه القدس عاصمة لإسرائيل، سيرضى غرور المحتل ليحصل منه على صفقة القرن المسماة بالسلام بين العرب والإسرائيليين، فإذا بهذا الفعل الطائش الأحمق والفج ينسحب من هذه العملية بالكامل، بل يدمغ بلاده بالانكفاء عن الشرق الأوسط كله! ويفتح بابا كبيراً للتطرف والإرهاب، لا يتوقف، فقد أعطى الإرهابيين فى المنطقة كل الأسلحة لكى يحاصروا بلادهم، ويعوقوا أى تقدم إلى الأمام فى المنطقة والخاسر الكبير الآخر هو إسرائيل نفسها، فقد لاحت لها فرص كبيرة للتقدم والاستقرار، وتحصن نفسها فى منطقة صعبة وقاسية عليها، لكن ظروفها التاريخية فرضت عليها القبول بما لا يقبل ولكن المتغيرات وأخطاء المتطرفين، جمدت فرص السلام، ولا يمكن لأى متجاسر أن يبدأ من النقاط التى كان من الممكن أن يبدأ بها الوسطاء، الرئيس ونائبه مايك بنس، ويفتح طريقاً للسلام والاستقرار الإقليمى.

أما القدس فهى باقية بل أقوى ما تكون، وسوف تكون عصية على المحتل، ولن يستطيع أن يقترب منها أو يغير من مستقبلها، والمقدسيون سيلتفون أكثر حول بلدهم. وعلينا نحن العرب والمسلمين أن نلتف أكثر حول القدس وأن نوجد حول المناطق المقدسة، وأن نقوى المقدسيين فى رباطهم العظيم، وأن تنتقل الدعوة إلى القدس من جميع العرب والمسلمين إلى جميع المسيحيين فى كل مكان لكشف الصهيونية العالمية ومحاولات تغلغلها فى العالم المسيحى، ولكشف الخرافات حول تهيئة القدس لظهور المسيح الذى لن يظهر إلا بين اليهود المتصهينين فقط .. هذه خرافات صهيونية وعلى المسيحيين واليهود والمسلمين طبعاً، التعاون التام لكشفها أمام أهل الخرافات التى تنشر وتجعل رئيسا لأمريكا أو طامعاً لحكم أمريكا أن يكون تابعاً لها من أجل الأصوات وكرسى الرئاسة المؤقت دون العمل من أجل بلاده، ومن أجل العالم الذى يمثله، فالقضية أصبحت واضحة وقد أراد الخالق عز وجل تذكير كل الشعوب بها فى وقت حاول المتطرفون، وأهل التعصب التذكير بالحروب القديمة لتفجير المنطقة والعالم.

أقولها فى نهاية هذا العام: إن قرار ترامب كشف أصول الإرهاب والتطرف أمام نفسه وأمام شعبه وأمام العالم، ولم يعد أمامنا إلا أن نهزم فكرة التطرف وأصول التعصب والإيمان بالخرافات والجهل، وذلك باحترام المقدسات الإسلامية والمسيحية، على أن يحترم اليهود وجودهم فى فلسطين المحتلة وأصول التعايش مع شعوبها، وما تملكه القدس وبركتها أقوى من كل أسلحة إسرائيل والمتطرفين فيها وفى أمريكا، ولكن بقى أن نؤمن نحن بذلك ونتحرك لإنقاذ العالم والمنطقة من الحروب والإرهاب والتطرف والخرافات، ومعركة نقل السفارة أثبتت أن القدس باقية عربية إسلامية، يساعد فى ذلك كل المسيحيين المؤمنين حقيقة، وكل اليهود العقلاء غير المتصهينين فى هذا العالم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى