أكراد العراق ينتصرون للعرب فى دولة موحدة

حانت ساعة الوحدة بين العرب والكرد، والامتحان فى كردستان على أرض العراق.
كلما تابعت استفتاء كردستان للانفصال عن العراق شعرت بالقلق، ليس على وحدة العراق فقط، لكن على مستقبل الكرد كذلك!!
إذا كان الحلم الكردى بقيام دولة تضم الأكراد فى تركيا وإيران والعراق وسوريا منذ أكثر من مائة عام، عند تقسيم المنطقة بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية بمعرفة الفرنسيين والإنجليز، بما عرف (سايكس بيكو)، قد ظلم الكرد، ولم يعطهم دولة مراعاة لأسباب عربية وتركية وإيرانية! فيجب ألا يظلموا مرتين، لأن قيام دولة الآن يعنى أن الانقسامات العربية ستنتقل إلى دولة الكرد المرتقبة.
والعرب هم أول من يجب أن يساعد الأكراد على تحقيق حلمهم بالسيادة فى ظل الوحدة، والبقاء فى كنف الدولة العراقية، وقد كانت سعادتى بالغة عندما انتخب العراقيون رئيساً كردياً للعراق، هو الراحل جلال طالبانى فى بداية تعافى الدولة، وخروج جزئى للاحتلال الأمريكى (2003) فإنى أتطلع أن يستمر العراق تحت زعامة رئيس كردى، حتى يطمئن كل شعوب الكرد على مستقبلهم فى ظل الدولة العربية سواء فى سوريا أم فى العراق من أجل مستقبل الأقليات، ومنهم الكرد والعرب فى إيران وتركيا، وهذا موضوع كبير يجب أن تهتم به كل الشعوب العربية، لأن إخواننا العرب والأكراد تحت الاحتلال الإيرانى والتركى يعانون هضم حقوقهم وطمس هويتهم!!
ويجب أن يدرك العراقيون أن ما حدث فى كركوك، واحتلالها بمعرفة الحشد الشعبى المدعوم (إيرانيا) ليس انتصاراً للعراق، ولكنه كان استعراضاً للنفوذ الإيرانى، وللحرس الثورى، وللسيد قاسم سليمانى الذى يعتبر نفسه قائد ميليشيات حزب الله فى لبنان، والحوثيين فى اليمن، والحشد الشعبى فى العراق، ويستخدمهم لصالح نفوذ إيران الإقليمى.
والعرب، وفى مقدمتهم العراقيون، الذين، عانوا فى السنوات الماضية، يجب أن يدركوا هذه الحالة الخصوصية ويتجهوا إلى الوحدة فى ظل التنوع العرقى والطائفى.
دولة العراق تحتاج إلى مصالحة مع طوائفها شيعية وسنية وكردية وتركمانية وغيرها، والسيد القائد الكردى مسعود البارزانى، عليه أن يستلهم روح تفكير السيد جلال طالبانى، ولا يتجه فى تفكيره إلى أن يكون القائد الكردى الذى سيوحد كل الأكراد، وعليه أن يدرك أن الانقسامات الكردية عميقة وتمتد جذورها إلى التاريخ والثقافة والجغرافيا والاقتصاد، وأنهم ملك الأكراد الموحدين، وهذا المفهوم تجاوزه الراحل طالبانى، لكنه لا يزال يعشش فى ذهن البارزانى، وقد تجاوزه الزمن، وعليه أن يدرس بذهنية وأفق أكبر ما آلت إليه تجربة وكفاح السيد أوجلان.
فمن الممكن أن يرسل إليه فى سجنه ويستلهم منه روحاً جديدة لكفاح الشعب الكردى العظيم، وأن يدرك أن وحدتهم مع العرب ستكون أسلم المسارات، بل إنهم سيلعبون دوراً إيجابيا وجوهرياً فى الدولة العربية الجديدة سواء فى العراق أم فى سوريا، وسيعطون أملاً جديداً لكل الشعوب العربية فى دولة عربية جديدة فى ظل التنوع والاختلاف الثقافى أو العرقى، مثلما كان القائد العربى – الكردى صلاح الدين الأيوبى الذى استرد للعرب والمسلمين الأقصى والقدس، فإن الأكراد سيكونون هم العرق الذى يسترد للدولة العربية الجديدة وحدتها فى ظل التنوع والاختلاف.
العراق الجديد تجاوز عراق صدام حسين وسيتجاوزه بمساعدة الكرد، وسيتجاوز عراق الخومينى أو خامنئى، والعراق الجديد سيتجاوز الاحتلال الأمريكى.. والعراق الجديد بمساعدة أبنائه العرب الشيعة والسنة والأكراد وغيرهم، يستطيع أن يعود بعاصمة الخلافة بغداد إلى مكانتها الإقليمية والعالمية الجديدة فى كردستان، وفى سوريا يجب أن يتجاوز الكرد أزمة البعث فى العراق وسوريا، ويتطلعون إلى مستقبل جديد، وقد أصبحوا محاربين وأبطالا لهم جيوش انتصرت لبلادهم على المنهزمين من المتطرفين والدواعش!!
الأكراد الجدد يجب أن ينتصروا على خلافاتهم الداخلية وعلى المؤامرات التى تحاك ضدهم من القادة الجدد.. وأولهم السيد البارزانى يجب أن يستمع إلى صوت الشعب الكردى فى كل مكان ليس فى العراق وحده ولكن فى إيران وفى سوريا وفى تركيا.
لا نريد زعامات. فقد انتهى زمن الزعماء وأصبحنا فى زمن الشعوب، والسيد البارزانى يجب أن يقود شعبه إلى الاستقلال فى ظل الوحدة فى ظل الدولة العراقية، والظروف العربية والإقليمية مهيأة له للانتصار فى هذا المسار .
فهل يستجيب الزعيم إلى هذا الصوت؟
أعتقد أن خبرة الأكراد العراقيين، والمحن التى ألمت بهم والبشاعات التى تعرضوا إليها منذ سنوات 1946، عند قيام أول دولة مستقلة للأكراد فى إيران “مهاباد”، وكيف فشلت إلى كفاح الملا مصطفى البارزانى منذ الستينيات وحتى الآن، تثبت للكل أن الأكراد يجب أن ينتصروا فى ظل الوحدة مع العرب والانتصار قادم للعرب والأكراد معاً فى دولة حديثة.