مقالات الأهرام العربى

فى حضرة عالم مأزوم!

لا يمنع شعورى بالخوف من الاضطراب الكبير فى منطقتنا، وفى صورة العالم من حولى، وهو يعيش أسوأ أزماته الكبرى منذ انتهاء الحرب الباردة فى التسعينيات من القرن الماضى، وسقوط الاتحاد السوفيتى فحسب، ولكنه شعور ممتد منذ الحرب العالمية الثانية، كما تبدت لى ولغيرى فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوية سبتمبر 2017.
العالم الآن تخطى مرحلة أن يكون على شفا الحروب النووية إلى التهديد بشنها، فرئيس أكبر دولة (أمريكا) لم تمنعه مكانته ومكانة بلاده من التلويح بإبادة بلد بالكامل (كوريا الشمالية)، فهو يشعر أمام سياستها بأنها خرقاء ومجنونة، وقد تكون كذلك فعلا، ولكن لا يعٌالج الجنون بالجنون أبداً، خصوصا لدى الكبار!!

شعورى بالخوف على مستقبل عالمنا لم يمنعنى من الزهو ببلادى، ومن السيسى رئيس بلادى مصر فى الأمم المتحدة وفى حضرة العالم.

صورة ستعكس لسنوات طويلة مقبة مكانة مصر ورئيسها فى لحظة اضطراب قصوى، سواء فى بلاده أم فى المنطقة أم فى العالم.. لم تمنعه المؤامرت التى تحاك حوله وحول بلاده ومنطقته، من أن يتكلم ويطرح سياسات قوية للسلام والاستقرار فى كل المنطقة وفى العالم.

يا الله .. كم كانت مصر عظيمة، وهى تتحدى الآلام والمصاعب، وتمد يدها لكل العالم بسلام الأقوياء، وتطرح مبادرات جديدة، بل تخطو خطوات نحو أن تكون طرحها منطقيا وعمليا وقابلاً للتنفيذ فى أخطر قضية تهم السلام للشرق الأوسط والعالم.

قضية فلسطين قبل أن يذهب إلى نيويورك لمخاطبة العالم وطرح مبادراته كان قد عالج أخطر خلل بين الفلسطينيين، أى انقسامهم بين “غزة والضفة” ووحد الفلسطينيين، وجعلهم مؤهلين لدولة يستحقونها، ثم خاطب الإسرائيليين، واليهود فى كل أنحاء العالم، وطالبهم بالخضوع للعقل والمنطق والمصلحة معاً، والقبول بالسلام العادل بينهم وبين الفلسطينيين، وكل شعوب الشرق الأوسط.
وخاطب الفلسطينيين بنفس اللغة، وكأنه يقول ها هى مصر، رمز الحضارة والإنسانية تضع لبنة قوية فى حوار السلام والاستقرار فى مواجهة الحروب، ثم الاضطراب الذى يصنعه الأقوياء فى عالمنا، سواء كانت روسيا أم أمريكا، أم بسبب غياب أوروبى بالكامل، وهكذا كانت الصين .. هؤلاء الأقوياء وضعوا مصالحهم ورغباتهم فوق العالم، ولكن مصر لم تكن كذلك.
هنا شعرت بالفارق بين أن تكون حضاريا بالقوة والمال والمصالح أو حضاريا بالعمق السياسى الشامل.

كانت مصر معلمة وقوية، ولم تقل كلاما فى الهواء، بل فعلت، ثم تحولت ووضعت خريطة الطريق ..

فكرنى، السيسى، رئيسى الآن، برئيس مصرى راحل وشهيد هو البطل السادات الذى لم يمنعه انتصاره العسكرى فى حرب 1973 من أن يصنع السلام فى 1977، ويذهب إلى الكنيست الإسرائيلى، ويواجه من كان يحاربهم بالأمس، لأنه يملك قضية عادلة وقوية تستطيع أن تهزم وحدها من يحاربها، وقد انتصر بالفعل.

اللحظة الدرامية فى الأمم المتحدة، وفى حضرة العالم، أخذتنى بعيدا عن السياسة والشرح والتحليل، وعن الاضطراب، والحرب النووية، والتلويح بالإبادة، والانقسامات، وتفكك الدول فى الشرق الأوسط، وفى العراق، وفى سوريا، وغياب الأمن فى السودان، واليمن، وليبيا، والخوف فى الخليج من أزمة وفتنة قطر، ووضعتنى المفارقة فى أن مَنْ يحترم نفسه وعقله، ويعمل من أجل بلاده، يحترمه العالم، ويذهب إليه أينما كان، فيحصل على ما يستحقه من تقدير، وهكذا فعلت مصر ورئيسها، فاستحق الاحترام فى تلك اللحظة الصعبة.
إنه انتصار بطعم نادر، فوسط الخوف والحرب، تظهر معادن القادة والشعوب.

انظروا للحظة، وطبيعة هذا النصر، ولا تخافوا من القادم برغم صعوباته وامتحاناته القاسية، لأننا بالقطع نملك ناصية التحرك والمواجهة، وهى مَلَكَة تفوق النصر نفسه، لأنها تعنى انتصارات متتابعة، وقدرة على تحقيق الهدف وصيانة الشعوب وحماية الأمم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى