حلم لن يسقط!

اجتمع حلمى الشخصى مع حلمى المهنى مع حلم الوطن، أى العودة إلى مجلة «الأهرام العربى»، بشخصيتها التى أعرفها، وإلى لحظة التفكير فى إصدارها.
كانت العودة حلما، تحقق بهذا الصدور المميز، تحت قيادة ابن من أبنائها، كان لى حظ اختياره مع الرعيل الأول عند بداية الإصدار، هو جمال الكشكى.
كانت «الأهرام العربى» فكرة تختلج فى صدور المصريين والعرب، بعد طول غياب عقب الفجوة التى حدثت بين العرب والمصريين بعد كامب ديفيد، واتفاقية السلام، وظهور جبهة عربية معادية، أرادت أن توقف مسار المصريين فى استرداد أراضيهم وحماية مستقبل الوطن، إلى أن عرف العرب خطأهم، وكانوا يسألون دائما متى يغفر المصريون خطيئة العرب بالمقاطعة؟ ومتى يعود المصريون للعرب أصفياء لأننا نشعر أن آثار الفجوة مازالت فى النفوس لم تندمل بعد؟
وكان الإعلام والصحف المصرية يغرقان بالمحلية وينسيان أخبار وموضوعات الأشقاء العرب، وكأنهم ليس إخواننا، وأحوالهم وحياتهم تهمنا مثلما تهمهم.
قمت بتجارب هذه المجلة المميزة فى مكتب الأهرام بجدة، ونقلتها إلى الأهرام إلى مكتب الأستاذ إبراهيم نافع، رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير وقتها، والذى تحمس للفكرة والعنوان.. «الأهرام العربى».
حلم أن يجتمع الاثنان معا «الأهرام والعروبة»، أقدم حضارة مع حضارة بازغة، تبناها المصريون القدماء، وآمنوا بها وأصبحت حياتهم، ولغتهم ودينهم وهويتهم.
صدرت «الأهرام العربى» بثقافة ورؤية واضحة، وهى أن مصر جزء من إقليم، حياتها هى حياته ومستقبلها هو مستقبله، تزدهر معه وتتدهور معه. مثلما غنت أم كلثوم.. وكتب عبقرية الشعر شوقى:
«عروبتنا هى سر حياتنا»
قد نشعر الآن بتدهور أحوال العرب وسقوط بلدانهم بلدا بعد الآخر، لكننا لن نيأس، لأن حلمنا سوف يستمر ونتجاوز كوارثنا مهما عظمت أو كبرت، كما يحدث الآن حولنا.
لن أستعرض معكم اليوم كارثة سوريا المفزعة والهجرة الواسعة لشعبها بالملايين فى ربوع الأرض، هربا من جحيم حرب ضروس، شنُتْ على البلاد فدمرت المدن، وشردت الأطفال والأسر، ورملت النساء، وأشاعت الخوف والدمار فى الشام.
مثلما حدث قبلها بسنوات فى العراق، وقبلها بسنوات فى لبنان، ومازالت الأزمة مطلة والفتنة مشتعلة، وقبلها .. وقبلها فى فلسطين الغالية، وأسلحة الفتنة مشرعة باسم الدين تارة، والطائفية تارة أخرى. ولها أسباب عديدة، لكن شكلها واحد، مميت مدمر للإنسان والحياة فى كل الأحوال لا تتوقف فى المشرق الآسيوى.
وتمتد إلى المغرب الإفريقى، وعنوانها كان الجزائر ثم تونس واليوم تشتعل فى ليبيا والصومال، التفكك والانهيار والضياع كل يوم والضحايا أصبحوا بالملايين.
هل توقف فيروس الأزمة أو الكارثة؟ لا.. فقد امتد إلى الخليج الغنى بالثروات والأطماع، وها هى قطر توظف لتدمير جيرانها والتعاون مع أعدائها.
أطل علينا الإسرائيليون
أطل علينا الأتراك
أطل علينا الإيرانيون
كل منهم يريد أن يمد نفوذه وسيطرته على العرب المنهارين والذين أصبحوا الآن مطمعا لكل عابر سبيل.
الإمبراطوريات الاستعمارية القديمة والحديثة تريد كلها أن تعود على حساب الجسم العربى.
ها هم الأوروبيون من «إنجليز وفرنسيين وإيطاليين وروس» يعودون بجيوشهم وأجهزتهم.
ها هم الفرس والأتراك يطمعون فى إعادة إمبراطوريتهما على جزء من الكيان العربى، مستخدمين كل أسلحة الشر والفتنة الكامنة والقديمة.
طبعا يتقدم كل هؤلاء الإمبراطورية العظمى المعاصرة أمريكا وحليفتها أو قاعدتها الحصينة إسرائيل.
ماذا يفعل العرب المختلفون؟
كان الحلف الذى ظهر أخيرا بين السعودية ومصر والإمارات والبحرين لمقاطعة قطر، وإيقاظها من غفلتها وضياعها وتوظيفها ضد شعبها وأمتها، بمثابة رسالة لى بأن الحلم العربى لن يسقط، وأن العرب يقاومون وسوف ينتصرون، وهذا ليس حلما، فقد رأيته رؤية العين يكتب، وبدأت حركته، وسوف أكتبه معكم على صفحات «الأهرام العربى».