فاعلياتمال و أعمال

أسامة سرايا في ‘الأهرام’ المصرية: ليس أمام إسرائيل سوى أن تطرق أبواب السلام برغبة حقيقية ومطالب واقعية

أكد أسامة سرايا رئيس تحرير صحيفة ‘الأهرام’ المصرية، في افتتاحية العدد تحت عنوان ‘رسالة غزة إلى الأمة؟’، أنه ليس أمام إسرائيل سوى أن تطرق أبواب السلام برغبة حقيقية ومطالب واقعية.

وقال: ما تريده إسرائيل من الفلسطينيين في غزة لن يتحقق‏، وما تريده ‘حماس’ من إسرائيل أيضاً لن يتحقق،‏ والنتيجة دراما عبثية يدفع الفلسطينيون‏،‏ أطفالاً ونساءً‏‏ وشباباً وشيوخاً، ثمنها باهظاً كل يوم‏،‏ في الوقت الذي تتبدد فيه آمال الجميع شيئاً فشيئاً‏،‏ ليس في سلام عادل ودائم،‏ وإنما في فسحة من الزمن يخضع فيها الجميع لقانون الحياة الطبيعي،‏وتتطور فيها حياة الفلسطيني من الطفولة إلى الصبا فالشباب ثم الرجولة وأخيراً الشيخوخة‏,، بحيث تصبح حياة يواري فيها الأبناء أجساد آبائهم التراب في نهاية العمر‏،‏ لا أن يصبح قدر الفلسطيني أن يتجرع مرارة وألم الذهاب بالأبناء إلى مثواهم الأخير‏.‏
وأضاف: لقد ذهبت إسرائيل في عدوانها على غزة إلى أبعد مدى‏,، وفرضت على الجميع شعوراً عميقاً بأن كلاً منهم حي ينتظر الشهادة بقرار من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية،‏ أعادت إلى ذاكرة العالم أحداث العقاب الجماعي المروعة،‏ لكنها لم تحقق سوى المزيد من الشك والخوف الذي يدفع إلى المزيد من العنف والقتل وزيادة قائمة الضحايا وتعميق الشعور بالكراهية الذي ترتكبه إسرائيل في غزة‏،‏ وما ترتكبه اليوم نسخة من مذابح كثيرة ارتكبتها من قبل‏،‏ وخرجت منها دون أن تحقق شيئاً مما تريده أو تتوهمه‏.‏
وذكر: ليس أمام إسرائيل اليوم أو غداً أو بعد غد سوى أن تطرق أبواب السلام برغبة حقيقية ومطالب واقعية‏،‏ فالمذابح التي ترتكبها تقوض فرص التفاوض‏، فلا يمكن الجمع بين المفاوضات وقتل الأطفال والنساء‏.‏ كما أن تعليق المفاوضات يقوض فرص السلام ويفتح المجال واسعاً أمام الصراع المسلح لتنشأ أجيال جديدة من الفلسطينيين ليس لديها سوى الكراهية والرغبة في الانتقام‏.‏
وأوضح: لم تعد حجج إسرائيل في عدوانها على غزة تخضع لمنطق أو عقل،‏ فالجميع يعلم أن الصواريخ التي تنطلق من قطاع غزة لا تمثل ذلك التهديد الذي تتحدث عنه إسرائيل للمستوطنات‏،‏ ولا تبرر مذابحها المستمرة‏،‏ وإذا افترضنا صحة الادعاءات الإسرائيلية‏،‏ فإن من يطلقون الصواريخ لم يكونوا ليفعلوا ذلك لو أن عملية سلام جادة وواعدة كانت قد لاحت لهم في الأفق.‏

لقد فرضت الممارسات الإسرائيلية اليأس على جميع الفلسطينيين‏،‏ وقدمت للمغامرين السياسيين فرصة ذهبية لأن يجدوا الدعم لمزاعمهم بأنهم هم الذين سوف يحررون فلسطين بتلك الألعاب النارية التي تسميها إسرائيل الصواريخ‏‏ ولو أن حكومة أولمرت تعاملت بجدية مع مؤتمر أنابوليس أو حتى أبدت استعداداً مقنعاً للبناء عليه لاختلف الوضع كثيراً‏،‏ بحيث لا يجد المغامرون فرصة للاستمرار في ترديد مزاعمهم بأن ألعابهم النارية هي الطريق إلى تحرير فلسطين‏.‏
ولاشك أن الموقف الإسرائيلي من مؤتمر أنابوليس أضعف السلطة الوطنية الفلسطينية الراغبة في التفاوض‏،‏ وقدم الدعم القوي لموقف ‘حماس’‏,، ويسر لها تكريس سيطرتها على قطاع غزة‏,‏ وكان بوسع إسرائيل أن تدرك أن ‘حماس’ لا تملك شيئاً تقدمه للفلسطينيين‏، وأنها تلجأ للتصعيد العسكري لتغطي فشلاً ذريعاً في السياسة والاقتصاد‏.

فلقد استطاعت ‘حماس’ بمكرمة إسرائيلية البقاء استناداً إلى مخزون الكراهية والإحباط واليأس الذي زرعته إسرائيل في نفوس الفلسطينيين بما ترتكبه من مذابح وحصار جبان‏،‏ ولا تحتاج ‘حماس’ لكثير من الجهد لإشعال مخزون الغضب في النفس الفلسطينية في ظل مشاهد الدم اليومية،‏ فمن اشتعال الغضب في النفس الفلسطينية تتجمع سحب كثيفة‏،‏ تحجب حقيقة ما تستطيع ‘حماس’ أن تقدمه للفلسطينيين في جميع مجالات الحياة‏.‏
وقال سرايا: يجب أن تفيق ‘حماس’ وتدرك أن وحدة الفلسطينيين هي الذراع الأولى لحمايتهم ودعم قضيتهم العادلة‏، وإن عدم قدرتها على الحكم لا يعني نهايتهم‏‏ ولكنهم يستطيعون أن يكونوا ظهيراً حامياً للدولة الفلسطينية‏، وعليها أيضاً ألا تقع فريسة الغواية الخارجية مهما تبلغ الإغراءات‏,، لأن قضيتهم تمر بمرحلة فاصلة ودقيقة‏.‏
أما إسرائيل فعليها أن تتوقف عن لعبتها القديمة بالاستفادة من إحباطات الشعب الفلسطيني وانقساماته‏،‏ وأن تدرك بعمق أنها تنزلق إلى الفشل الكامل.‏ فهي لا تستطيع بالقوة أن تحصل على السلام والأمن‏،‏ وهذه حقيقة بسيطة كررناها طويلاً‏، ولكنها تظل الحقيقة الباقية‏،‏ خاصة أنهم ينزلقون بالمنطقة إلى هاوية سحيقة تخدم أهداف الإرهاب والتطرف بكل أشكاله وتسخر الشرق الأوسط له‏.‏
وساعتها لن يسامحهم أحد في كل مكان من العالم‏,، فهم يقدمون أهم وأغلى منطقة في عالمنا المعاصر وجبة سهلة بل ساخنة للإرهابيين والمتطرفين بكل أشكالهم‏،‏ ويدفعونها للفوضى الشاملة والحروب المتصلة‏.‏
وعلى العقلاء في منطقتنا‏،‏ خاصة شعبنا الطيب في مصر‏،‏ أن يتسلح بكل قيم الصبر والفهم والقدرة على المواجهة برغم صعوبة الموقف ودقته‏،‏ ولكي نكشف المتطرفين في إسرائيل وأمريكا والطغاة في عالمنا من الإرهابيين والمتطرفين ومن يتسلحون بالابتزاز والسرقة فيخطفون القضايا العادلة ويرفعون الرايات سواء فلسطينية أو إسلامية ليوظفوا قضايانا لخدمة الغير‏،‏ أو يدفعوننا في المسارات الخاطئة‏.‏
وهنا أقول لهم إن الموقف أصبح لا يحتمل المزيد من إراقة الدم الفلسطيني والعربي في مصر وسوريا ولبنان وفلسطين والعراق والأردن‏، فأوقفوا إراقة الدم‏،‏ ولا تجعلوا قضايانا لعبة بين أقدام أمريكا وإسرائيل وإيران‏،‏ فهؤلاء يستفيدون على حسابنا وحساب أبنائنا وشهدائنا‏.

المصدر
وكالة وفا
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى