حوارات

مبارك فى حواره مع “أسامة سرايا ” : الحملة الانتخابية لم تشغلني عن ممارسة مهام الرئاسة كنت مقتنعا منذ البداية بضرورة توازي الإصلاح السياسي مع الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي

في أول حديث للرئيس مبارك مع رئيس التحرير أسامة سرايا

الحملة الانتخابية لم تشغلني عن ممارسة مهام الرئاسة كنت مقتنعا منذ البداية بضرورة توازي الإصلاح السياسي مع الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي

أجري الحوار‏:‏ أسـامة سـرايا

 

مبارك خلال الحوار مع رئيس التحرير

**‏ الحديث إلي الرئيس مبارك في هذا الوقت له أهمية خاصة‏.‏ فالأيام تتسارع صوب السابع من سبتمبر‏,‏ حين يقرر المصريون للمرة الأولي وبإرادة حرة من يكون الرئيس‏.‏ فالأسابيع الثلاثة الماضية رسمت ملامح مستقبل الديمقراطية واختزنت في الذاكرة المصرية تجربة فريدة سوف يتردد صداها لسنوات طويلة مقبلة‏.‏سبق لي وأن التقيت الرئيس مبارك مرات كنت فيها فردا ضمن جموع يحدثها‏.‏ أما هذه المرة فقد كنت منفردا أحاوره واستمع إليه‏.‏ ذهبت محملا بعشرات التساؤلات التي ولدها الحراك السياسي النشيط خلال الفترة الماضية‏.‏ فمنذ مبادرة الرئيس في فبراير الماضي لتعديل المادة‏76‏ من الدستور جرت في نهر الحياة السياسية المصرية مياه كثيرة ولدت تساؤلات أكثر عن الأمس‏,‏ واليوم‏,‏ وعن الغد أيضا‏,‏ في السياسة والاقتصاد‏,‏ وفي هموم الداخل وشأن الخارج‏.‏كنت أعلم أن الرئيس قد انتهي لتوه من جولات طاف فيها كثيرا من محافظات مصر‏.‏ بصفته مرشحا عن الحزب الوطني في انتخابات رئاسة الجمهورية‏.‏ سريعا تساقطت الحواجز النفسية التي وضعتها بيني وبين الرئيس قبل لقائه‏.‏ بدأ الرئيس حديثه بحيوية بالغة ورؤية شديدة العمق لما يجري‏.‏ كانت الشواهد والتواريخ والتفاصيل حاضرة‏,‏ وتجارب السنين وخبرة الايام ترسم ملامح الصورة المقبلة‏.‏ مصر والمصريون‏,‏ مصر والعرب‏,‏ مصر وإسرائيل‏,‏ مصر والولايات المتحدة‏,‏ مصر والعالم‏.‏

غير ما جرت به الأحداث في الانتخابات الرئاسية‏,‏ توقف الرئيس عند مصر والسودان والخليج‏,‏ وحل القضية الفلسطينية‏,‏ وما يجري في المغرب العربي‏,‏ واستعادة التوازن في العلاقات المصرية والامريكية وغيرها من قضايا لها تأثيراتها في الشأن الداخلي والإقليمي لمصر‏.‏ ولكن الحيوية السياسية التي دبت في الشارع السياسي المصري فرضت نفسها علي أجندة الحوار مع الرئيس‏.‏

بداية الحوار كانت العودة بالرئيس الي‏26‏ فبراير الماضي‏,‏ حين أطلق مبادرة تعديل المادة‏76‏ من الدستور والتحول من الاستفتاء إلي الانتخاب في اختيار رئيس الجمهورية‏.‏

‏*‏ الاهرام‏:‏ سيادة الرئيس حينما أطلقت مبادرة تعديل المادة‏76‏ من الدستور والتحول من الاستفتاء إلي الانتخاب في اختيار رئيس الجمهورية‏.‏ هل كنت تتوقع ما نراه اليوم علي الساحة السياسية المصرية ؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏
كنت مقتنعا منذ تحملي المسئولية بضرورة توازي الإصلاح السياسي مع الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي‏,‏ وكانت عناصر المبادرة في تفكيري منذ نحو العامين‏.‏

فالمبادرة نقلة كبيرة في حياتنا السياسية‏,‏ وكان المتوقع بل والمطلوب ان يحدث ما نراه اليوم من حراك علي الساحة السياسية‏,‏ وأنا أري ان ردود الأفعال بعد المبادرة في‏26‏ فبراير‏,‏ مرورا بالاستفتاء علي تعديل الدستور في‏25‏ مايو‏,‏ وبدء الحملة الانتخابية في‏17‏ أغسطس‏..‏ تثبت أن هناك حركة وحيوية جديدة في حياتنا السياسية‏..‏ مرحلة جديدة بالفعل‏.‏

وإن كنت تقصد من سؤالك بعض ما نشاهده اليوم من تجاوزات وجدل حول بعض الامور‏,‏ فهذا شيء متوقع في إطار الحراك الذي أطلقته المبادرة في المجتمع‏.‏ المهم ان نركز علي المستقبل ونعمل جميعا مع كل القوي السياسية من أجل حياة أفضل لشعبنا في المرحلة القادمة‏.‏

أنا لا أتوقف كثيرا أمام مثل هذه الأمور‏..‏ في النهاية لا يصح إلا الصحيح‏..‏ وشعب مصر واع ويعرف كيف يحدد اختياراته‏..‏ ويدرك الفارق بين الشعارات والبرنامج الجاد الذي طرحته في حملتي الانتخابية‏.‏

‏*‏ الاهرام‏:‏ في ظل انتخابات رئاسية تنافسية تجاوزت حدود توقعات الكثيرين داخليا وخارجيا‏,‏ ما الذي تفعله بشأن تسيير مهام رئيس جمهورية مصر‏,‏ خاصة ان المحيط الاقليمي من حولنا يشهد تصاعدا يؤثر علي الأمن المصري العراق وفلسطين والسودان وغيرها ؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏
انشغالاتي في الحملة الانتخابية كمرشح الحزب الوطني شيء‏..‏ ومهامي كرئيس للجمهورية شيء آخر‏…‏ وأنا برغم جولاتي الانتخابية أمارس مهامي كرئيس كالمعتاد‏,‏ سواء ما تعلق منها بقضايا الداخل أو بتحركنا الخارجي‏..‏ زيارتي الأخيرة لسرت‏,‏ استقبالي لباراك وأبو مازن‏..‏ اتصالاتي بالزعماء العرب ورؤساء الدول‏.‏

الأمن القومي لمصر هو دائما الأولوية الرئيسية‏..‏ وقضايا‏,‏ منطقتنامقلقة في هذه المرحلة الصعبة سواء علي الساحة الفلسطينية بعد الانسحاب من غزة‏,‏ أو في العراق والسودان‏..‏ الضغوط التي تتعرض لها سوريا‏,‏ العلاقات بين سوريا ولبنان‏..‏ الوضع في القرن الافريقي ومنطقة البحيرات العظمي حيث منابع النيل‏.‏

دور مصر رئيسي وضروري في محيطها الإقليمي والدولي‏..‏ ويتصل اتصالا مباشرا بقضايا الداخل والأمن القومي لمصر وللمنطقة‏.‏ والظرف الاقليمي الحالي هو ما دعاني لتوجيه الدعوة للقمة العربية الطارئة في شرم الشيخ‏..‏ هناك أوضاع مقلقة لا تحتمل الانتظار للقمة العادية بالسودان مارس القادم‏..‏ وأنا علي ثقة بأن اهتمام الإخوة الزعماء العرب بهذه الأوضاع لا يقل عن اهتمامي‏,‏ وأن انشغالهم بها لا يقل عن انشغالي‏.‏

‏*‏ الاهرام‏:‏ سيادة الرئيس طرح المرشحون لمنصب الرئاسة برامج كثيرة‏.‏ هل طالعت هذه البرامج ؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏
بالطبع‏..‏ أنا طرحت برنامجي ومن المهم أن أتعرف علي برامج باقي المرشحين‏..‏ بعض عناصر هذه البرامج تلتقي مع برنامجي كمرشح للحزب الوطني‏.‏ البعض الآخر إما يريد العودة بنا الي الماضي‏,‏ وإما لا يدرك طبيعة التوازنات الإقليمية والدولية الراهنة‏,‏ والبعض الثالث يكتفي بانتقاد أوضاع ومشاكل قائمة دون طرح الحلول‏..‏ وإن طرحها فهي حلول غير واقعية وغير قابلة للتنفيذ‏.‏

أي برنامج انتخابي لأي مرشح يجب ان يتضمن رؤية يقتنع بها الشعب‏..‏ رؤية تعترف بالمشاكل وهموم المواطن‏,‏ وتطرح سياسات لمواجهتها‏..‏ سياسات واقعية وقابلة للتنفيذ‏,‏ مدروسة ومحسوبة التكاليف والإطار الزمني لبدئها وللانتهاء منها‏,‏ والمهم أيضا ان يكون هناك تحديد واضح لمصادر التمويل‏.‏

كل هذه العناصر ضرورية لأي برنامج انتخابي جاد‏..‏ ويبقي بعد ذلك توافر الإرادة والقيادة القادرة علي تنفيذ ما تقطعه علي نفسها من تعهدات‏..‏

‏*‏ الأهرام‏:‏ بعد طرح برنامجكم الانتخابي‏,‏ كيف تري استقبال المصريين لأفكار هذا البرنامج ؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏
الشعب المصري ذكي وواع‏..‏ شعرت بتجاوبه مع برنامجي منذ أن طرحت خطوطه العريضة في مدرسة المساعي المشكورة‏..‏ وبعد ذلك في كلمتي في مستهل الحملة الانتخابية بحديقة الأزهر‏..‏ وفي كل لقاء شعبي حضرته في إطار الحملة‏..‏ في مدينة العاشر وأبو المطامير وفي المحلة الكبري والمنيا‏..‏

الناس تعرف الفارق بين الكلام والوعود‏..‏ والالتزام الجاد ببرامج محددة وسياسات مدروسة‏..‏ المهم انها تشعر بأن هذه البرامج والسياسات تطرح حلولا لمشكلاتها والطريق لتحقيق طموحاتها وآمالها‏.‏

‏*‏ الأهرام‏:‏ سيادة الرئيس هل كان من الضروري اتخاذ سياسات وقرارات وإجراءات حتي نصل الي هذا البرنامج الذي طرحتموه في برنامجكم الانتخابي؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏
بالطبع‏..‏ مبادرة المنوفية وما أعقبها من تطورات لم تأت من فراغ‏..‏ مهدت لها سياسات وقرارات وإنجازات حققناها للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي خلال السنوات الماضية‏.‏

فبرنامجي الانتخابي هو محصلة ما وصلنا اليه وما حققناه في المرحلة الماضية‏…‏ لم يكن من الممكن أن أطرح هذا البرنامج وسياساته وأهدافه دون أن تكون لدينا هذه القاعدة من الإنجازات التي حققناها‏.‏

أهداف البرنامج للاستثمار والتشغيل وإتاحة فرص العمل‏..‏ أهدافنا في الإصلاحات الدستورية والتشريعية‏..‏ برامجنا للقطاعين الزراعي والصناعي‏..‏ في التعليم والصحة والتأمين الصحي والاجتماعي‏..‏ في قطاع السياحة‏..‏ في الأجور والمعاشات‏..‏ في تطوير الخدمات اليومية للمواطن‏..‏ في الوقوف الي جانب المرأة وطموحات الطبقة المتوسطة‏..‏ لم يكن بالإمكان طرح هذه الأهداف‏,‏ ونؤكد الالتزام بتنفيذها‏,‏ دون ان يكون لدينا هذا الاساس القوي الذي أقمناه في السنوات الماضية‏.‏

‏*‏ الأهرام‏:‏ استناد إلي الأرقام والإحصاءات المحلية والدولية‏,‏ هناك إنجازات عديدة تحققت‏.‏ هل تري سيادتكم أن تقصيرا ما تسبب في عدم وصول هذه الإنجازات إلي الرأي العام؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏
لاأقول تقصيرا‏…‏ ولكن بالفعل عدم إدراك كامل لأبعاد وحجم ما تحقق من إنجازات‏…‏ وهناك أسباب لذلك‏,‏ منها أنني بطبيعتي لا أميل للتحدث كثيرا عن الأنجازات‏…‏ أهتم أكثر بتحقيقها‏…‏ أكون سعيدا أكثر عندما أفتتح مشروعا للبنية الأساسية أو مصنعا أو مستشفي‏….‏

هناك سبب آخر هو أن أكثر من نصف المصريين حاليا هم من الشباب‏…‏ لم يعاصروا ماتعرضنا له من أزمات قبل أن نستكمل تحرير سيناء ونعيد بناء البنية الأساسية من جديد‏…‏ لم يعاصروا مشكلات طفح المجاري وانقطاع مياه الشرب والكهرباء وأعطال التليفونات‏.‏

ولكنني متأكد ان الرأي العام يلمس ماتحقق من إنجازات ملموسة في قطاعات عديدة علي مدي السنوات الماضية‏…‏ قانون الضرائب الجديد الذي خفض العبء الضريبي في نفس الوقت الذي احدث نقلة نوعية في منظومة الضرائب ذاتها‏…‏ ماتحقق في زيادة الأجور‏…‏ أعطينا دفعة قوية للقطاع الخاص الذي أصبح قاطرة التصدير‏…‏ ماتحقق في قطاع السياحة‏…‏ الطفرة التي شهدتها الزراعة وتحسين اوضاع الفلاح والريف المصري‏..‏ كل هذه الإنجازات تحققت بجهود المجتمع ونتيجة لسياسات واعية مضينا فيها بتصميم وثقة‏,‏ حتي‏,‏ تراكمت نتائجها خلال السنوات الماضية لتصل بنا اليوم الي مرحلة انطلاق جديدة نستهدف تحقيقها من خلال السياسات والخطوات التفصيلية التي طرحتها في برنامجي الانتخابي‏.‏

‏*‏ الأهرام‏:‏ في برنامجكم الانتخابي حديث عن إصلاحات دستورية وتشريعية ترسخ حرية المواطن‏.‏ هل يمكن أن تحدد طبيعة تلك الإصلاحات؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏
تحدثت عن ذلك في خطوطه العريضة بكلمتي بمدرسة المساعي المشكورة‏,‏ وفي كلمتي بحديقة الأزهر‏…‏ وعرضت تفاصيله بكلمتي في المنيا‏…‏ والقاسم المشترك الأعظم لطبيعة هذه الإصلاحات هو إضفاء المزيد من الحيوية علي حياتنا السياسية‏…‏ برنامجي يستهدف تدعيم البنية الدستورية والتشريعية الحاكمة للعمل السياسي‏…‏ اختيار النظام الانتخابي الأمثل الذي يكفل تفعيل تمثيل الأحزاب والمرأة بالبرلمان‏…‏ تعزيز المشاركة السياسية وتدعيم دور البرلمان‏..‏ تعزيز صلاحيات الحكومة في مباشرة أعمال السلطة التنفيذية‏…‏ وضع ضوابط إضافية علي ممارسة رئيس الجمهورية لصلاحياته‏…‏ تعزيز دور السلطة القضائية‏…‏ تدعيم الإدارة المحلية واللامركزية‏…‏ كل ذلك يضع علامات جديدة لمستقبل العمل السياسي ومسيرة الديمقراطية في المرحلة المقبلة‏.‏

‏*‏ الأهرام‏:‏ سيادة الرئيس حين توليتم مسئولية الرئاسة في مصر أعلنتم الإصلاح الاقتصادي باعتباره القضية الأولي‏,‏ وبالفعل قطعت مصر في ذلك خطوات كبيرة‏,‏ واليوم يركز برنامجكم الانتخابي علي الإصلاحات السياسية‏.‏ هل تري أن ماتحقق اقتصاديا يؤهلنا للانطلاق نحو الإصلاح السياسي؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏

الرئيس خلال الحوار
نعم لقد دعوت للمؤتمر الاقتصادي الأول قبل مرور ستة أشهر علي تحملي المسئولية‏,‏ وبذلنا جهودا ضخمة لإعادة بناء البنية التحتية من جديد‏,‏ ولتطوير وتحرير اقتصادنا‏,‏ ولكن الموضع لم يكن البدء بالاصلاح الاقتصادي ثم يليه الإصلاح السياسي كما تقول‏…‏ هذا تبسيط للأمور ويأتي علي خلاف الواقع‏…‏ كنت علي اقتناع منذ اليوم الأول بتلازم مسارات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي‏…‏ وكما حققنا إنجازات في البنية الأساسية والمرافق والصناعة والزراعة والتعليم والصحة والسياحة وغيرها‏…‏ حققنا إنجازات مماثلة في وضع وتطوير الأطر الحاكمة لحياتنا السياسية‏…‏ تدعيم دور المحكمة الدستورية‏.‏ وتدعيم دور الاحزاب‏,‏ وصحافة حرة وقضاء مستقل‏.‏وكما بنينا علي إنجازاتنا الاقتصادية بجيل جديد من القوانين في مجال الضرائب والجمارك والمصارف والاستثمار‏…‏ جاء تعديل المادة‏(76)‏ والقوانين السياسية لتبني علي البنية التشريعية الحاكمة لحياتنا السياسية‏.‏ والأطر والأسس التي أقمناها في السنوات الماضية‏.‏‏*‏ الأهرام‏:‏ قضية البطالة من القضايا المحورية وهي مشكلة تزداد خطورتها يوما بعد آخر‏.‏ كيف تري قدرة الاقتصاد المصري علي استيعاب طاقات العاطلين عن العمل؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏
مشكلة البطالة وبرامج معالجتها هي القضية الرئيسية التي يركز عليها برنامجي الانتخابي‏.‏ تحدثت عنها في كل كلمة ألقيتها في جولاتي الانتخابية‏…‏

عرضت تفاصيل برنامجي لمواجهتها في كلمتي مع عمال ومستثمري مدينة العاشر من رمضان‏…‏ هي الهم الأكبر للشعب‏…‏ ولي‏…‏

قلت أنني أستهدفت توفير‏4,5‏ مليون فرصة عمل جديدة خلال السنوات الست القادمة من خلال اكبر برنامج للاستثمارات تشهده مصر‏…‏ نحن قادرون علي تحقيق ذلك‏…‏ وفرنا‏(9)‏ ملايين فرصة عمل خلال المرحلة الماضية‏…‏ وبرنامجي الانتخابي مدروس ومحسوب التكاليف‏..‏ وقراءتي لمستقبل الموازنة العامة للدولة في السنوات الست المقبلة تؤكد توافر التمويل اللازم لهذه التكاليف‏…‏ سنركز علي المشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة‏,‏ وإيجاد فرص العمل بالقطاعين الصناعي والزراعي والقطاع السياحي‏…‏ سنستمر في تحفيز القطاع الخاص وتطوير القطاع المصرفي للقيام بدوره المهم في دفع الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهدافنا‏…‏ مشكلة البطالة هي التحدي الرئيسي وأنا علي ثقة في قدرتنا علي التغلب عليها‏…(‏ ولادنا لازم تشتغل‏).‏

‏*‏ الأهرام‏:‏ في الخطاب السياسي للرئيس مبارك طوال السنوات الماضية هناك اهتمام بمحدودي الدخل الذين يمثلون قطاعا كبيرا في المجتمع‏.‏ ما الذي يحمله البرنامج الانتخابي لهم وينعكس في التعليم والمسكن والصحة والغذاء؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏
نعم‏…‏ هم بدون شك اهتمامي الأول ومسئوليتي‏…‏ محدودو الدخل هم البسطاء الذين يشكلون القطاع الأكبر من أبناء الشعب‏,‏ ومنذ تحملي المسئولية أحرص علي مصالحهم وأدرك مشاكلهم ومعاناتهم‏,‏ وأنا حرصت علي التدرج في الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي في بداية التسعينيات من أجل تفادي إنعكاساته علي محدودي الدخل‏…‏ في برامج الخصخصة تمسكت بضمان مصالح العمال وأسرهم‏…‏ في كل مناسبة أؤكد الحرص علي عدم التفريط في مكتسبات الفلاحين والعمال‏…‏ عندما خفضنا الضرائب الي النصف ورفعنا حدود الإعفاءات كان الهدف إتاحة دخل أكبر لكل أسرة مصرية‏..‏ عندما خفضنا الجمارك كان الهدف المساهمة في تحقيق استقرار الأسعار‏..‏ عندما طلبت من الحكومة زيادة العلاوة في الموازنة المالية من‏15%‏ إلي‏20%‏ كان الهدف تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار‏..‏ دعم السلع الغذائية والمواد البترولية والكهرباء زاد في الموازنة الحالية لتخفيف أعباء محدودي الدخل‏..‏ لاتزال هناك مشكلات‏,‏ وسنعمل علي مواجهتها في المرحلة المقبلة في التعليم والصحة والمواصلات والإسكان وغيرها‏..‏ مصالح محدودي الدخل تأتي في المقدمة لأنهم الشريحة الأكبر في مجتمعنا‏.‏

‏*‏ الأهرام‏:‏ الخطاب السياسي المصري كان دائم الحديث عن محدودي الدخل أو الطبقات العالية في المجتمع‏.‏ في برنامجكم الانتخابي إشارة واضحة إلي الطبقة الوسطي التي يري البعض أنها لم تنل الاهتمام الكافي‏.‏ لماذا حرصتم علي تأكيد الاهتمام بالطبقة الوسطي وأوضاعها ؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏
نعم اهتمامنا بمحدودي الدخل كان علي رأس أولوياتي في المرحلة الماضية‏..‏ وسوف يظل كذلك خلال السنوات القادمة‏..‏ لكن في نفس الوقت أؤكد مواصلة الاهتمام والمساندة لطموحات الطبقة المتوسطة‏..‏ فهي تمثل قطاعا عريضا من أبناء المجتمع‏..‏ وإذا أخذنا بيدها فإنها قادرة علي إعطاء قوة دفع جديدة وقوية للمجتمع كله‏..‏ الطبيب والمهندس والمعلم والمحاسب وغيرهم‏..‏ كلهم لهم طموحاتهم المشروعة‏..‏ وسوف نساند هذه الطموحات‏..‏ عندما نقدم قرضا لطبيب ليفتح عيادة خاصة‏,‏ أو لمهندس ليفتح مكتبا هندسيا‏,‏ فإنني أساعدهم علي تقديم خدماتهم للمجتمع‏..‏ المجتمع يستفيد وهم يستفيدون‏..‏ هم كذلك في حاجة لسكن مناسب وخدمات متطورة‏..‏ وعلينا أن نسهل لهم تحقيق هذه الطموحات‏.‏

‏*‏ الأهرام‏:‏ مصر دولة محورية مؤثرة في إقليمها الجغرافي ومن الطبيعي أن يهتم العالم بما يجري فيها‏.‏ البعض يفسر هذا الاهتمام العالمي علي أنه تدخل في الشأن الداخلي المصري‏.‏ كيف تري العلاقة بين الاهتمام العالمي بالشأن المصري وما يقال عن الضغوط الخارجية ؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏
أنا بطبيعتي لا أقبل ضغوطا من أحد‏..‏ مصر لا تقبل ضغوطا من أي طرف كان‏..‏ علاقاتنا مع القوي الكبري والقوة العظمي الوحيدة في العالم هي علاقات تقوم علي الندية والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة‏.‏

نعم العالم مهتم بما يحدث في مصر‏..‏ ليس فقط فيما يتعلق بالانتخابات المقبلة وخطوات الإصلاح‏..‏ ولكن كل ما يحدث في مصر يهم العالم لأنه يؤثر علي المنطقة‏..‏ العالم يهتم باستقرار مصر لأنه يؤثر علي استقرار هذه المنطقة الحساسة والاستقرار الدولي بالتالي‏.‏ أنظر للاهتمام الدولي بعد العمل الإرهابي في شرم الشيخ‏..‏ الكل أعرب عن قلقه وإدانته لما حدث وعن تضامنه مع مصر‏.‏

أما بالنسبة للإصلاح فهو نابع من رؤية مصرية خالصة تتجاوب مع الطموحات المشروعة لشعبنا‏..‏ الإصلاح لا يأتي بضغوط من الخارج‏,‏ وشركاؤنا الدوليون يعلمون ذلك‏,‏ ويعلمون أننا لا نقبل ضغوطا ولا نسمح بتدخل خارجي في شئوننا‏.‏

‏*‏ الأهرام‏:‏ الأمن والاستقرار ضرورة للحياة والتنمية في مصر‏,‏ خاصة أن محيطها الإقليمي يعاني شيئا من عدم الاستقرار‏.‏ كيف ترون مستقبل الأمن والاستقرار في مصر ؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏
أمن مصر واستقرارها ليس محلا لأي تساؤل‏..‏ ثقتي لا تتزعزع في مستقبل أمن مصر واستقرارها‏..‏ هذا الموضوع يعلو علي أي موضوع آخر‏..‏ كل طموحاتنا في استكمال الإصلاح السياسي والاقتصادي‏..‏ كل آمالنا في المستقبل‏..‏ تتوقف علي عدم المساس بأمن الوطن واستقراره‏.‏

كنت حريصا علي أن يتضمن برنامجي الانتخابي بين أهدافه الأساسية الحفاظ علي مصر القوية والآمنة‏.‏

نعم‏..‏ نحن نعيش في شرق أوسط غير مستقر‏..‏ منطقة حساسة بها معظم إنتاج العالم من البترول وأكثر من نصف احتياطي النفط‏..‏ عصب الاقتصاد العالمي‏..‏ منطقة تشهد سلسلة متلاحقة من الأزمات والاضطرابات‏..‏ وكلها ذات انعكاسات مباشرة علي أمن مصر واستقرارها‏.‏

ولا تنس البعد الجنوبي لأمن مصر القومي‏..‏ في أفريقيا حيث منابع النيل‏..‏ شريان الحياة‏.‏ ولا تنس مخاطر الإرهاب وتهديداته‏.‏ نأخذ كل هذه المخاطر مأخذ الجد‏..‏ ولن أسمح لها أن تنال من أمن مصر أو استقرارها‏..‏ الأمن والاستقرار لمصر وشعبها خط أحمر لم ولن أسمح لأحد بالاقتراب منه‏.‏

‏*‏ الأهرام‏:‏ في أي انتخابات العلاقة بين المرشح والناخب غالبا لا تتعدي حدود الوعود‏.‏ وكنت حريصا علي تأكيد أن الانتخابات القادمة لن تحددها الوعود أو الكلمات‏.‏ فما الذي يحددها إذن ؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏
هذه أول انتخابات رئاسية مباشرة في تاريخنا‏..‏ المرشحون في الانتخابات الرئاسية المقبلة يتطلعون لأعلي منصب في الدولة واثقله مسئولية‏..‏ في هذا الوضع الكلام والوعود لا تكفي‏..‏ المهم البرامج والرؤية التي تقنع المواطن بصدقها‏..‏ والمهم أن يقتنع المواطن بقدرة مقدمي هذه البرامج علي تنفيذها‏.‏

قلت خلال لقائي بعمال مدينة العاشر من رمضان إن الكلام والوعود وانتقاد المشكلات القائمة أمر سهل‏..‏ الصعب هو طرح الرؤية والبرامج لحلها‏..‏ والأصعب هو القدرة علي التنفيذ‏..‏ اقتناع المواطن بالقيادة القادرة علي تنفيذ برامجها‏,‏ وفي نفس الوقت الدفاع عن أمن الوطن ومصالحه‏,‏ هو ما سيحدد نتيجة الانتخابات‏.‏

‏*‏ الأهرام‏:‏ مبادرة تعديل المادة‏76‏ وضعت مسئولية هائلة علي المواطن المصري‏,‏ وهو يتوجه لصناديق الانتخاب‏.‏ ما الذي يقال لهذا المواطن وهو يتحمل للمرة الأولي مسئولية اختيار رئيس الدولة في ظل تعدد المرشحين؟
‏**‏ الرئيس مبارك‏:‏
يقال له إن الكلمة الآن هي كلمته‏..‏ المواطن له اليد العليا في تحديد مسار الطريق للمستقبل‏..‏ وفي اختيار رئيس الجمهورية الذي يقوده في السنوات القادمة‏..‏ علي المواطن أن يستخدم حقه في أن يقول كلمته ويدلي بصوته‏..‏ المشاركة هي الكلمة المطلوبة في هذه المرحلة‏..‏ اذهب لتدلي بصوتك أيا كان المرشح الذي ستختاره‏..‏ انتخب من تقتنع برؤيته وسياساته وبرامجه وقدرته علي تنفيذ ما يعد به في برنامجه الانتخابي وسط ظروف إقليمية ودولية صعبة‏..‏ انتخب من تتوافر لديه القدرة علي القيادة‏..‏ القائد الذي لا يتردد في الدفاع عن مصالح الوطن ولا يتهاون في حماية استقراره‏..‏ القيادة التي لا تنزلق إلي مغامرات تقامر بمقدرات شعبنا ومستقبله‏..‏ القيادة التي تضع مصلحة مصر وشعبها فوق كل اعتبار‏..‏ هذه هي مسئوليتك فلا تتخل عنها‏..‏ هذا هو حقك فلا تفرط فيه‏.‏ شارك في صنع مستقبلك ومستقبل بلدك ومستقبل أبنائك وأحفادك‏.‏ أنا فتحت الباب لكل ذلك بمبادرة المنوفية‏..‏ وعلي المواطن أن يبادر لتحمل مسئوليته والقيام بدوره‏.‏

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى