مقالاتمقالات الأهرام العربى

محطات فى حياة مبارك

بقلم: أسامة سرايا
رحل الرئيس مبارك.. رحل الرجل الطيب, الذى له مسار طويل فى حياة المصريين.. الرئيس الأطول فى حكم مصر.. اقترب من 30 عاما, بعد محمد على, مؤسس الأسرة العلوية (43 عاما فى الحكم).. الدولة المصرية الحديثة فى عمرها “الملكى والرئاسى150عاما ملكية – 70 عاما رئاسية”..
سنتوقف طويلا أمام تحليل سياسات, وأعمال الرئيس الراحل.. ما له وما عليه.. حيث لا تستطيع أن تحكم على الرئيس, أو الحاكم, بأقوال معاصريه, ولكن الحكم, دائما, يكون للتاريخ, فهناك مؤيدون, ومعترضون.. وهناك ناقدون, ومستفيدون.. وهناك من يحملونه أنه لم يحقق ما يريدون, لم يلبِ كل الطموحات التى كانوا يتطلعون إليها, ولكن فى العموم كان حاكما, أو رئيسا محافظا, وحريصا, لم يدخل فى حروب, ولم يبدد ثروات بلده, وتضاعف عدد السكان فى عصره, وارتفع مستوى معيشتهم جميعا.
سنتوقف طويلا أمام الرئيس, الذى بنى مصر بعد حروب 4 طويلة, بددت ثرواتها, وأهلكت مواردها.. لم يحقق الحكم الطويل طموحات, وتطلعات المصريين.. والتاريخ سيحكم له أو عليه, وما أخطاؤه.. وخطاياه؟ .. سنتوقف أمام محطتين فى حياة الرجل, الذى له تاريخ عريض.. سنتوقف أمام حياته العسكرية, التى قضاها طيارا, ثم قائدا لسلاح الطيران, مرورا بتوليه مدير الكلية الجوية, ورئاسة أركان القوات الجوية.
رجل بنى سلاح الطيران بعد هزيمة 67, ودرب الطيارين, الذىن حاربوا فى 73, وانتصروا تحت قيادته, ولوائه, فى أصعب الحروب, وأخلدها فى تاريخ مصر الحديث..هذا التاريخ العسكرى لا يستطيع أحد أن يجادل فيه, أو يختلف حوله.. رجل قالت عنه إسرائيل وأمريكا وأوروبا “من الرجال المنتصرين”, أو “من أصحاب عقلية المنتصرين”..
رجل تقلد منصب نائب الرئيس6سنوات, ثم رئيسا 30 عاما, له إنجازات عظيمة.. ببساطة بنى البلد.. نختلف أو نتفق, فإن التاريخ موجود.. كان حكيما, ولم يكن متسلطا, وفى عصره اتسعت مساحة الحريات فى مصر, بشكل غير مسبوق, فى التاريخ الحديث..
سنتوقف أمام المحطة الأخيرة فى حياته, التى امتدت بعد 2011 .. بعد الثورات أو الانتفاضات, وتركه السلطة.. فقد رفض الرجل, والإنسان, والوطنى, المصرى, أن يغادر بلاده, برغم أن علاقاته الأمريكية, والأوروبية, والعربية, كانت عميقة, وقوية..
رجل له مآثر عديدة, أهمها فى حرب تحرير الكويت, واستقرار الخليج بعد الحروب المتتابعة.. رفض أن يكون يغادر, واستقر فى مصر, ليواجه مصيره بشجاعة نادرة, لم تحدث من قبل.. وقف الرجل الكبير, والحكيم, أمام القضاء الشامخ مدافعا عن نفسه, فى أكثر من قضية, هو وأسرته, حتى ظهرت الحقيقة أخيرا, فى آخر القضايا, حيث تمت تبرئة ابنيه فى قضية “التلاعب بالبورصة”..
قد نختلف حول المحطات، لكننا سنتوقف طويلا، جميعا، أمام محطتيه، الأولى (العسكرية)، و(الأخيرة) فى حياته، بعد تركه منصبه.. لكن الرجل احترم تاريخه العريض، ووطنه، ومؤسساته، واستمر فى مصر، مدافعا، ومواجها كل الاتهامات، التى طالته، وأسرته، حتى حصل على البراءة، وقال “سأموت فى بلدى، الذى لن أغادره”،وفعلا كان صادقا، وأمينا، مع المصريين، بعد سنوات المعاناة التسع، ورحل على أرض مصر، لكى يترك لنا تاريخا حافلا، وأعمالا، وأعواما، من البطولة، والكفاح..
نختلف، أو نتفق، فقد كانت مسيرته مسيرة رجل أحب وطنه، وعمل من أجله، رحل وله فى أعناقنا، وتاريخنا، سجل حافل، وسنوات من البطولة، والعمل، والأحزان، والمعاناة مع الثورة.. سنتوقف طويلا من أجل رجل الدولة، والإنسان المصرى، والعربى، فقد كانت حياته من أجل قضايا العرب فى كل المحافل.. رحم الله مبارك المقاتل، والرئيس، والإنسان الطيب، وألهمنا وذويه الصبر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى