
أسامة سرايا
من “سِيدى برانى” على حدود مصر الغربية، أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى صيحة مصر “لن نجعل ليبيا سوريا جديدة”، الأمر الذى يجعلنى أقول إن الهوية العربية عادت قوية، ووقفةْ مصر بعثت الثقة فى أن العرب قادرون على تحجيم القوى الخارجية، التى تعبث بمستقبل بلادنا العربية، وأنه من “سِيدى برانى” ستعود ليبيا لأهلها، ولن يَستأسد عليها التركى، أو العثمانلى، الباحث عن إرث أجداده، فالأرض العربية لها أصحاب، وأصحابها هم مَن يملكون القرار، وأراضينا لا تُباع ، ولن يُفرض على شعوبنا محتل جديد.. صيحة أمام جيشنا العظيم، بعثت الثقة لكل عربى وعربية.
“الخط الأحمر” كلمة واضحة، جاءت فى بيان مصر، على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسى- فى حضور قواتنا المسلحة، رمز القوة- وهو يحدده لحكومة طرابلس- التى تُعرف بـ”الوفاق”- وللأتراك- الذين يدعمونها- لوقف العبث التركى الإرهابى على حدودنا الغربية، ويبدو أن البعض لم يفهم، أو يحاول عدم الفهم، أو التشويش عليه، لأن مصر لم تستخدم القوة منذ مدة طويلة، وتحملت العبث الإرهابى التركى، والقطرى، وحماس، وحزب الله الإيرانى، والأخطاء، والكوارث الإثيوبية، ووجب علينا أن نوضحه، أو نقترب منه، لأننا يبدو سوف ندخل مرحلة جديدة، محورها “المعاملة بالمثل”، دون انتظار، بعد أن كنا نلجأ، بإرادتنا الحرة، إلى الصبر الإستراتيجى، متحصنين ببناء القوة، والإصلاح الداخلى، لم نستخدم العنف، أو أى إرهاب على أحد، حتى يرتدع ويعرف من يمارسه علينا أن هذا ليس سبيلا للتعامل معنا، ويتوقف، وأؤكد لهم أن مصر كانت، ومازالت، تستطيع أن تتعامل بالأسلوب نفسه، بل أقوى، لأنها تعرف الأساليب، وتملك المعلومات الكافية، لتعاملهم بالأساليب نفسها، بل قد تُعلمهم ما هو أفضل، فحتى سلاح التشهير، وإنشاء محطات تلفزة لهز الثقة، لنا فيه باع، ونستطيع أن نصدره حتى باللغتين التركية والكردية، بل أخطر من ذلك، لأننا نملك سلاح المعلومات، ونعرف أين ينامون؟.. وماذا يأكلون؟.. وكيف نُوجعهم جيدا؟.. ولكن ليس من شِيمنا السعى إلى المعارك- إلا إذا هى سعت إلينا- لأننا نعرف أثمانها، وجربنا ذلك عبر تاريخنا، وقلنا إنهم سيفهمون، وسيقدرون عناصر القوة، ويُجنبون أنفسهم شرور تلك المعارك، وتكاليفها، لا أقصد المادية، ولكن الأخلاقية، والقيمية، وهذا ما كان يزعج بعضنا، لأننا نعرف قوتنا بالتحديد، وأنها مخيفة، وتردع، وتجعل المجرم يفكر عشرات المرات قبل التجرؤ، مثلما نرى حاليا تجرؤ قطر على مصر، وممارستها جرائم القتل بالأموال، حتى وصلت إلى أعالى النيل بالرشوة لحكام إثيوبيا، هى وتركيا، بينما توقفت جزئيا إيران، دون حسابات الواقع، أو حتى تَوقُع التكلفة، التى من الممكن ألا يستطيعا دفع ثمنها، أو حتى تحملها.
سألنى مرة وزير ليبى، جاء بعد الثورة علي القذافى، وهو بالمناسبة أمريكى مُمول من قطر، عن ردود فعل المصريين على الإرهاب القطرى، أو رد فعلى أنا شخصيا؟.. فقلت له “احمدوا ربنا أننى مفكر فقط، لو كنت صاحب قرار لتعاملت بالمثل”، لم يفهم الرجل ما قلت، حيث استطردت، وقتها: من قَتلَ يُقتل، ومن مول تُقطع يده حتى لو ترك الحكم، حتى لو كان فى لندن، أو جنيف، فالخط الأحمر واسع، ليس سرت والجفرة فقط، عندما تحاول أن تقتلنى سوف أقتلك، أو تعطشنى سوف أغرقك، لكننى أُخبرك الآن، وبكل وضوح، بل بكل دقة، حتى لو كنت لا تفهم، سوف أُوجعك شخصيا أيها المتآمر المجرم، والإرهابى، لأننى أعرف ماذا تفعل؟.. ولماذا؟.. وحلمنا مازال واسعا، لأنكم قبل أن تؤذوا مصر، فإنكم تؤذون شعوبكم، وإننا لن نكون أعداء لقطر، أو إثيوبيا، أو حتى تركيا، لأننا نعرف المجرم بالضبط، ونملك الأدلة عليه ، ولمصر أصدقاء، ومحبون فى الشعوب الثلاثة، ويعرفون أننا لسنا معتدين، ولكن وقع علينا الاعتداء، هناك ضحايا، وكذلك معتدٍ ممسوك، ويداه ملطخة بالدماء، وأمواله ملوثة بالجريمة، وعندما نحاسبه، أو نعاقبه، ونضعه فى مكانه، سوف نُقدم المذكرة التفسيرية للعالم، ولشعبه، وللمحبين هناك، لأننا نعيش معهم، ونحافظ عليهم، ولا نستخدمهم لمصالحنا، حتى لا نُعرِّضهم للمخاطر، برغم أهميتها، ولكم فى الرسالة الأخيرة نموذج، كما لكم فى الأسلوب، والنفس الطويل فى التعامل مع قطر، نموذج أيضا.
وأخيرا، ربنا امنحنا مزيدا من الصبر والقوة لمواجهة المعتدين، وامنح شعبنا الوعى والقدرة على التحمل.