
هذه اللحظة الاستثنائية. تكشف عن قوة الشخصية, وقدرتها على التعبير عن نفسها؛ ودورهاء؛ فى محيطها وعالمها, فعندما استقال كشف وجه العدوان الجديد على مصر, أمام كل الناظرين, والمتابعين, والعارفين بمكانتنا الرفيعة, فكان بهذه الاستقالة مركزا للقوة وليس الضعف, أو التخاذل, أو الانسحاب, فالعدوان لا يقابل بالانسحاب, كما أنه لا يُواجه بالانضمام إليه.
كانت الاستقالة, والانسحاب, من الحكومة, فى تلك اللحظة الدقيقة, معبرة, وكاشفة عن قوة “فولاذية” لدى الشخصية,
وأشد وضوحا فى الرؤية, ومعرفة لطريق المسار, بلا تسليم, بلا خوف, بل بقوة, وعلم, ودراية, فائقة.. ساعتها قلت فى
نفسى: “هذا هو الوزير؛ بل هذا هو القوة الحقيقية”.
بالاستقالة .. أدرك المصريون الشرفاء أين يجب أن يكونوا؟ وكيف يعملون؟, فأصبح الرجل القدوة, والمثل, للمسار الجديد, وحدد للمصريين مواقفهم فى هذه المرحلة .. كيف تكون؟ لتعود مصر بأسرع ما يمكن.. نحن فى خطوط المواجهة, طلبا للتصحيح, ولن نكون فى موقع “الخنوع”, أو التسليم, لهذه القوة, التى جاءت لتدفع مصر للوراء, أو الخلف, مثات السنين.
بالاستقالة, ايضا, حمل السفير محمد العرابى شعلة جديدة للتعبير عن سياسة مصر الخارجية, فانتخبه المصريون, بعد ذلك, نائبا فى البرلمان, وانتخبه البرلمانيون, كذلك. رئيسا للجنة العلاقات الخارجية فى برلمان مصر, بعد التصحيح, وعودة المصريين إلى موافقفهم الثابتة, والصحيحة.. إلى مسارهم مع التاريخ, وانسحب, وانهزم العدوان الاخواني على مصر سريعا, وانزوى, لتعود قوة مصر ساطعة قوية, يعبر عنها الآن النائب الوزير, محمد العرابي, من موقع صحيح, وبصورة دقيقة, تحمل معها كل عناصر الحب, والمعرفة الدقيقة, بالهوية المصرية, والمدركة لطبيعة مستقبلها, ودورها فى عالمها العربى, ومحيطها العالمى, لن يكون ذلك غريبا على هذه الشخصية, التى جمعت بين العمق الدبلوماسى, بالعلم, والدراسة, والخبرة, المتتابعة, فى دوائر الخارجية المختلفة, وفى سفاراتها, من الكويت إلى لندن, إلى واشنطن, بل دفاع عن مصر, حتى فى تل أبيب, ثم فى عراقته, عندما تقلد منصب “مساعد الوزير للشئون الاقتصادية”, فربط بيننا وبين كل الدوائر العربية, والعالمية, وبيوت المال؛ والخبرات المتنوعة, وجذبهم المصر, مترجما الدور نفسه, عندما مكث فى ألمانيا سفيرا لأطول فترة تاريخية, فأصبح خبيرا, وقادراء, من تلك العاصمة الأوروبية المهمة, التى تحكم الاتحاد الأوروبى, ليكون سفيرا فى “الكرسى” المتقدم, لربط مصلحة وعجلة بلاده السياسية, والاقتصادية, بالاتحاد, الأوروبى, وألمانيا, فجمع فى يديه كل الخيوط الرفيعة, التى استطاع من خلالها أن ينسج تاريخا دبلوماسيا, ويحول الآن إلى سياسى رفيع, ذى قدرة, ومكانة.. الوزير, والسفير, العرابى, نجح فى مساره, وشخصيته, وبراعته, فى التعبير عن مصر- مدرسة ْ الدبلوماسية والسياسة.. أستطيع أن اطلق. … عليه “المتوسط الحسابى الجامع’ لكل الأشياء المتنوعة. بل المختلفة؛ فى كل المجالات؛ فهو يعبر عن البسطاء؛ والفلاحين؛ وأبناء القرية؛ ولم ينسلخ عنهم؛ وهو ابن أسرة ارستقراطية؛ فى الوقت نفسه. لها باع فى السياسة المصرية.؛ قبل الثورة الكبيرة. فأسرته.؛ وأجداده؛ كانوا نوابا؛ وعائلته. معظمهم ضباط فى الجيش. والشرطة:؛ ويعملون فى القضاء؛ و إلى رئاسة مجلس الشيوخ المصرى؛ وجده أحد رؤساء أركان الجيش المصرى. فى مراحل التاريخ المختلفة؛ بين الملكية والجمهورية؛ لكن العرابى لم يتحدث عنه.؛ ويأخده سفيرا, أو ورقة لاعتماده, ولكن كان اعتماده علمه وشخصيته, وقدرته, فى كل مراحل حياته الدبلوماسية والعملية. ولذلك لم يستطع أن يضع نفسه فى مكانه, الذى يستحق, فى تاريخ مصر, وسياساتها, بالنسبة لمكانة أسرته العريقة.
هذه الشخصية مفتاح لكى نعرف, وندرك قدرة المصرى على التكيف مع المتغيرات, وحبه لوطنه, وصناعة دوره بعقله وفكره.. تحية للسفير العزيز محمد العرابى