
غدا.. يوم ليس عاديا، ولن يكون كذلك، على مر تاريخنا الحديث، والقادم، وسيظل 30 يونيو 2013 يخطف الأبصار، ويَخلب القلوب معا..
ففيه كانت هَبَّةُ المصريين الكبري، ليس دفاعا عن وطن فقط، بل من أجل كتابة تاريخ جديد لمصر، يَنْفُضُ عن كاهله مخاوف تراكمت عبر الزمن، ويمر الآن على هذا التاريخ 7 سنوات، وكأنه كان بالأمس، إنه يومُ لا يُنسي، ولكل من عاصره قصة، أو قصص سنظل نرويها لأنفسنا، وأبنائنا، وأحفادنا، وأجيالنا المتتابعة.
صحيح أن المصريين المعاصرين مروا عبر تاريخهم بأيام عظيمة، وعصيبة، وصعبة، فى الوقت نفسه، لكننا فى هذا اليوم كنا أصحاب قدرة، لنقف، ليس ضد الإخوان وحدهم، بل ضد من خلفهم، ونُزيحهم عن سلطة اغتصبوها قهرا وعنوة، مستغلين حالة ضعف وسيولة، لم ولن تمر بها مصر بعد الآن، وتسلطوا على الناس باسم الدين، وجاءوا لكى يجعلوا من مصر العظيمة أمة مُستعمرة، ومَطِّية لقوة خارجية، خططت لهذه الجريمة المدوية بذكاء فاجر، فى عصر يوصف بأنه عصر الشعوب، لا عصر الخلافة، أو الاستعمار باسم الدين.
إن جماعة الإخوان فتحت مصر على مصراعيها لحُثالة الأمم، وأجهزت على كل شيء فى الوطن، متصورين أنهم، بهذه الحالة، المخيفة، يصنعون تاريخا جديدا لحركتهم، وأنهم لن يحكموا مصر، ويسيطروا من خلالها على الشرق الأوسط كله، إلا عندما يَفقد المصريون اتزانهم، وثقتهم فى أنفسهم أولا، ثم ثقتهم فى بلدهم ثانيا، وينسون تاريخهم، ليذهبوا بهم إلى المجهول، مستسلمين لهم، ولدورة التاريخ.
وفجأة، وقف المصريون مذهولين أمام ما يحدث، والإخوان يتقدمون نحو السلطة، والسيطرة على مصر العظيمة، وسمعوا هتافات ما يسمى الثورة، وظن الإخوان أنهم يُغيِّرون التاريخ، ويصنعون المستقبل، وقد استولوا على الحكم فى مصر، فى ذلك الوقت، ووجدنا القطريين المتآمرين فى قلب القاهرة، والحرس الثورى الإيرانى يفتح سجوننا، ويُهرِّبُ منها من يريد، كما وجدنا حارس الإخوان، ورجلهم (التركى أردوغان)، يتحدث عنه فى القاهرة كل سائق تاكسى بأنه الرجل القادم لحكم مصر باسم الإخوان، وأنه سيُنقذنا مما نحن فيه!..
كما كان المصريون خائفين من حكم المرشد، ويهتفون فى الشوارع ضده، ونسوا أنه كان مندوب الخليفة التركي، ويجب أن يكون الهتاف ضد التركى نفسه، أو الأموال القطرية، وقد ساعد التركى الإخوان لكى يصلوا للسلطة، ويستعمروا مصر، ويدمروا هوية وطن، وثقافة شعب، سقطت أمام جحافل الجهل، وغِلظة رجال الدين، الذين قدمهم الإخوان للرأى العام، قَبَّحهم الله، وهم لا يعرفون من الدين إلا القشور، كما لا يعرفون إلا الاستبداد، وخداع المواطن البسيط، واحتقار المرأة، بل احتقار حياة الناس، ومستقبلهم. .
وها هو قرار مصر أصبح فى أيدى خوارج العصر، والقطريون أرسلوا رجلهم المصرى السابق إلى ميدان التحرير، ليتحدث عن العصر الجديد، ومستقبل الخلافة المنتظرة.
فأردوغان فى الطريق، ونجاد الإيرانى لم ينس أن يذهب إلى الأزهر ليأخذ جانبا من الصورة.
وسقطت مصر العظيمة فى أيدى حُثالة الزمن، وضعاف النفوس، وجُهَّال العصر، تلك الرمم، التى تقدمت لحكم الوطن باسم الدين والخلافة،.. وانتهت حالة السيولة، وخفتت الفوضي، ودخل المصريون سجنا كبيرا، انتظارا لنهضة غبية، يصنعها الإخوان المتأسلمون لهم، لكن لم ينتظر الشعب كثيرا، وصنع 30 يونيو 2013، اليوم المُعجز-المُنقذ، والتاريخ الحي، والمتجدد عبر الزمن، وقال للمستعمرين الجدد: قفوا مكانكم، واحترموا مصر وشعبها، لقد جئتم باسم الدين، والديمقراطية، وأنتم لستم كذلك، وتذكروا أن الغرب وإسرائيل لم يقدروا على مصر، وخرجوا من أرضها، بل سلموا بحقوقنا مع هزيمتهم هزيمة قاسية عام 1973على يد الجيش المصرى العظيم، الذى لم، ولن، يتأخر يوما فى الاستجابة لنداء الوطن، والدليل ما حدث يوم 3 يوليو، ذلك اليوم، الذى غيَّر مجرى التاريخ الحديث لمصر، فقد اعتقل المجرمين، والقتلة، والسفاحين، والجواسيس، وقدمهم باسم الشعب للمحاكمة، وعادت مصر للمصريين. وقد تم تصحيح المعادلة، وتحركت قواتنا المسلحة فى كل ربوع الوطن لتخليصه من القوة الإخوانية، التى رهنت البلاد للمستعمر الجديد.
إن 30 يونيو 2020 هو يوم جديد آخر لهذا اليوم المُنتَصِر، بعد أن عادت مؤسساتنا، وأعدنا بناء مصر، وحققنا تقدما اقتصاديا مذهلا، تحمل فيه الشعب الأعباء، ويكفى أن أُدلل على ذلك بالبناء، الذى حدث فى مصر من شبكات الطرق، والمدن الجديدة، وقناة السويس، والمنطقة الاقتصادية هناك، ودخول عصر تصدير الغاز، والاكتفاء البترولي، وبناء جيش حديث، فكل هذا جعل اقتصاد مصر غنيا بكل المقاييس، واستطعنا أن نقف أمام «جائحة» عالمية باقتدار (كورونا)، .
وأصبحت صعوبات الاقتصاد، والمعاناة خلفنا، وكل ذلك صنعه يوم 30 يونيو 2013، عندما وقف بطل مصر عبد الفتاح السيسي، الذى حمل راية الوطن، بعد هذا اليوم ، متقدما أمام المصريين، لا يَنظر خلفه ، ولكن أمامه، لبناء الوطن، ومواجهة إعصار، أو بقايا، هذه الحملة المتأسلمة لاحتلال مصر، والسيطرة على حدودنا الغربية عبر ليبيا، لندخل امتحانا جديدا مع تركيا، والأموال القطرية الإرهابية، كانت، وستكون، فيه مصر قادرة على وقف العدوان على هذا الوطن الشقيق، وحماية أمنها القومي، بألا تكون ليبيا مستعمرة للإرهابيين، أو أرضا محتلة للأتراك، أو محروقة أمام شعبها المشرد، والذى يعانى ويلات المستعمرين الجدد، والإرهابيين ، الذين ملأوا الشرق الأوسط، أو انكشارية أردوغان، الذى أقنع الأمريكيين بأنه يستطيع تجنيد الإرهابيين حول العالم، ليكونوا جيشا جديدا له، يستخدمه للخلافة المنتظرة، والسيطرة على الإقليم.
إننى على يقين من أن الدولة والمصريين، الذين انتصروا فى 30 يونيو 2013، سوف يستكملون نصرهم، ويصححون الأخطاء، والكوارث، التى ارتكبها هؤلاء المتآمرون، سواء فى ليبيا، أو السودان، أو حتى أعالى النيل فى إثيوبيا،
والذين لولا تدخلهم بأموالهم الغربية، ومحاولتهم محاصرة مصر، لاستطعنا بسهولة الوصول إلى اتفاقيات مع كل الأشقاء، وإنقاذ المنطقة العربية، كما أننى أومن بأن الذين انتصروا فى 1973 هم الذين انتصروا فى 2013 ، وهم الذين سينتصرون 2020 و 2021، وهم من سيبنون مصر الحديثة، وينقذون الشرق الأوسط من دويلات الاستعمار، وتخاريف الإرهابيين والمتأسلمين..فتحية إجلال وتقدير لـ30 يونيو 2013، ذلك اليوم العظيم، الذى سيظل علامة فارقة، ونقطة مضيئة، فى تاريخ مصر الحديثة.