
بقلم: أسامة سرايا
نتألم لجرائم اغتيال الأفراد، والبلدان؛ من الحريرى إلى فخرى زادة، ومنطقتنا العربية، والشرق أوسطية، فى حالة حرب مستمرة، منذ عقدين تقريبا.
فى الحروب الحديثة يختلف شكل وأسلوب هذه الحروب، فهى إما بالتدخلات الخارجية المباشرة، مثل الحرب الأمريكية على أفغانستان، والعراق،أو بالاغتيالات الكبيرة، مثل مقتل رئيس الوزراء اللبنانى رفيق الحريرى، واغتيال أسامة بن لادن بواسطة المارينز الأمريكى فى باكستان، وتصفية البغدادى وتنظيم داعش فى سوريا والعراق، ومقتل قاسم سليمانى، بطل إيران، بالتدخلات الخارجية فى منطقتنا أيضا، وتصفيته فى العراق، وأخيراتصفية العالم الإيرانى فخرى زادة فى طهران.
أعتقد أنها كلها جرائم،سواء كانت كبيرة أو صغيرة،فلا يُطلب من شعوبنا العربية، التى تبكى الملايين من أبنائها يوميا، سواء فى سوريا، أو العراق، أو ليبيا، أو اليمن، وتقريبا هناك موتى وضحايا كل يوم فى كل بلد عربى، أن تبكى على وفاة مسئول كبير، أو عالم نووى، أو عسكرى، أو حتى زعيم سياسى، لكننا جميعا ندين الإرهاب، والتطرف، والعنصرية، وتأجيج الشعوب، ودفعها للحروب والانهيار، كما ندين محاولات التدخل الخارجى فى شئون الدول، ويتساوى فى ذلك التدخل الأمريكى،أوالإسرائيلى، أو التركى، وأخيرا الإيرانى.
إن الكثيرين فى عالمنا ينظرون للعرب، ودولهم، نظرة دونية، متوارثة من عصور قديمة، لأن العرب وقعوا طويلا فى أيدى الاحتلال الغربى، والسيطرة الأمريكية، لكننا لا ننسى الإمبراطوريات الإقليمية، سواء الإيرانية، أو التركية، أو الفارسية، أو العثمانية، فكل هؤلاء مازالت عقولهم استعمارية، فالأتراك، أو المستعمرون العثمانيون، يطلقون علينا فى جلساتهم الداخلية “الأرابيش”، أى العرب الحرافيش، والعنصريين، والفرس يقولون إن العرب كانوا يخدمون فى قصورنا، أى يريدون العودة بنا إلى عصر الخدم، والأسياد، والعبيد.
هذه الروح العنصرية يجب أن تسقط،وكذلك كل ما يشعر به العربى فى كل مكان تجاه عالمنا بالخذلان، بل بالحزن، لأننا لم نصبح فقط لاجئين، بسبب هذه العنصرية، بل يحاولون إفقارنا، وإذا كانت نعمة البترول والغاز قد جاءت كشبكة إنقاذ للشعوب العربية، فإن هناك محاولات استعمارية، من كل الأطراف لاستمرار إفقار العرب، ودفعهم إلى الحروب، والانتكاسات، بل إن هناك اعتداءات تركية وإيرانية فجة على الحزام العربى.
إننى أقول لهذه القوى الاستعمارية إذا كنتم تريدون منا أن نكون منطقيين معكم؛ فيجب أن تكونوا منصفين معنا، وأن نجلس جميعا على طاولة السلام، نعرف حقوقنا، وماذا تريدون منا، وتعرفون ماذا نريد منكم، بالعقل والحكمة، وإذا استمررتم على هذه الحالةفلا تنتظروا منا أن ندين مقتل عالم، أو قائد سياسى، بينما أبناؤنا، ودولنا، تتساقط.
نحن، الآن، أمام شرق أوسط جديد، وعالم عربى يقظ، سوف يخرج من هذه الحروب المتتابعة منتصرا متحدا، يعرف ما يريد، فهذه المنطقة يجب أن تكون خالية من الأسلحة النووية، ويجب أن تكون منطقة سلام، لأن هناك قادة شجعان فى عالمنا العربى يتصدون للإرهاب، والتطرف، ويفتحون صفحات جديدة مع العالم، لقد فتحوها مع إسرائيل وينتظرون منها أن ترد الجميل للشعب الفلسطينى، ومعنى ذلك أنه لا عداء بيننا وبين الغرب، أو أمريكا، بل نسعى لإقامة سلام بفهم وتعاون إقليمى وعالمى، يستفيد منه الجميع.
فهل تعلم تركيا وإيران هذه الحالة الجديدة، ويتوقف العدوان والتدخل فى شئوننا؟..إننا ننتظر أن نرى حلحلة لأوضاع اليمن، وحلحلة لأوضاع لبنان، وحلحلة لأوضاع سوريا،لأن إيران ترهن هذه الدول لمصالحها، وكذلك تركيا لها تدخلات فجة فى قطر، وتدخلات أكثر فجاجة فى ليبيا، بل إنهما تجندان العملاء فى كل البلاد العربية، وتؤججان “التطرف” بكل أنواعه، ليكون ظهيرا لهما فى المنطقة، بحجة أنهما وصيتان على ديننا، لكن الإسلام السمح لا يسمح بوصاية أحد على أحد، فكلنا من أدم، وكلنا إلى الله، فهل يفهم المعتدون، والمتآمرون على المنطقة ذلك؟
إن المهم، الآن، هو عزاؤنا لأسرة فخرى زادة، لكن شهداءنا هم الآخرون مهمون لدينا أيضا، من أصغر مواطن إلى أكبر شخص، كما أن دولنا العربية المنهارة، والمتداعية، تعز علينا، ونريد أن نرى منطقة جديدة تتخلص من الصراعات الدينية، والطائفية، والتدخلات الخارجية العنصرية، وتتجه إلى السلام الإقليمى، فالشعوب فى حالة ضجر من الحروب التى يتأثر بها الجميع، عربا، وفرسا، وأتراك، بل الكل، العربى، والأمريكى، والصينى، والروسى، فنحن نعيش فى عالم واحد .