
خيط رفيع يريط ما بين جريمة الاعتداء على رئيس الوزراء اللبنانى. رفيق الحريرى. الشهيد الراحل. ورئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى. الشهيد الحى؛ برغم الفارق الزمنى – 16 عاما – الجريمة الأولى اللبنانية وقعت عام 2005, والعراقية 2021.
الرئيسان حاولا بناء بلديهما بعد فترة طويلة من التحلل, نتيجة الحروب والاحتلال والصراعات الطائفية. الحريري امتلك مشروعا للبنان يبنى بالعقل, وسط المدينة الذي هدمته الحرب الأهلية الطويلة, عنوانا لمشروعه العظيم لوطنه.
الكاظمى تم الاعتداء عليه فى نهاية 2021, لأنه حاول بناء وطنه وعودة سيادته على أرضه, وإعادة ترميم العراق بعد عقود من الاضطرابات منذ عام 1958 واحتلال أمريكى واضطرابات طائفية وإرهابية وتدخلات إقليمية وعصبية قاتلة.
البلدان – العراق ولبنان – يعيشان على خطوط التماس لكل أزمان الحرب الإقليمية والعالمية والطائفية.
الفارق أن الجريمة اللبنانية أصابت رئيس الوزراء في مقتل, وكان يريد أن يحافظ على الدولة وسط الصراعات الطائفية والإقليمية. وكان يملك المرونة الكافية؛ والقدرة على تحقيق الهدف. فجرى الاعتداء الخسيس, والجريمة البشعة وسط
بيروت. فى محاولة للقضاء عليه وعلى حلم لبنان. ونجح المخطط بنسبة كبيرة.
ولا يزال لبنان يعانى. أما جريمة العراق الأكثر خطورة ووحشية. فكانت المقادير لطيفة فيها بالعراق. حيث خططوا لتفجير
منزله وأسرته داخل مقر إقامته بالمسيرات المفخخة.
ذلك السلاح الجديد القادر, لكن المقادير كانت لطيفة, أنقذت الكاظمى وأسرته والعراق معا, وأوقعت مرتكبى الجريمة فى المأزق الكبير, فقد كشفوا وتمت تعريتهم أمام كل العراقيين والعرب معا, لأنهم لم يريدوا قتل الكاظمى فقط, فهذا هو الشكل فقط, لكنهم أرادوا أن يرسلوا رسالة معينة ومجرمة لكل من هو من عينة الكاظمى فحواها الفج: لن نسمح لكم
ببناء دولة!
أنتم؛ أى العراق أصبحتم فريسة لأطماعنا ولفسادنا, كل من يفكر فى إعادة العراق من مرقده لشعبه أو لإقليمه
أو لعالمه, ثابتا وحيا وقويا وفاعلا, يجب أن يضع نصب عينيه وفى عقله وضميره مخاوف أو عواقب جريمة مصطفى الكاظمى, فيعود ويرتمى فى أحضان الأطماع الإقليمية أو عناصر الفساد والميليشيات المجرمة.
إنها جريمة مزدوجة, قتل وطن وشخص, إنها جريمة قتل شعب ومستقبله, إنها جريمة تصفية “دولة” عريقة, المقادير التى كانت رحيمة مع الكاظمى بالعراق, شجعتنى أن أقول: إن كل تخطيطات القوى الرافضة لمنطق الدولة “ستفشل” وستبوء بالخسران, سواء كانت محلية أم إقليمية أم دولية, قوة اللا دولة سقطت, والعصابات والميليشيات وأهل الفساد دخلوا نفق الهزيمة.
ومن سرقوا العراق وباعوه لأعدائه, سواء كان إقليميا أم دوليا سيفشلون, كذلك رسالة الجريمة المفخخة ووحشيتها, سقطت مع الطائرات الثلاث المسيرة وانفجرت معها, وعاد مصطفى الكاظمى, الرئيس المنتهية ولايته, أقوى مما كان. فقد حصل على تأييد شعبه ومواطنيه, أعاد العالم والإقليم الاعتبار لرئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى, الشخص الذى جسد عودة دولة عراقية ذات سيادة.
جريمة فجر الأحد 7 نوفمبر 2021. تكرار واستثساد منطق “اللا دولة” الذى ساد فى إقليمنا بعد مقتل الحريرى, وأعادوا سيرته البشعة بعدما عرف بثورات الربيع 2011.
ومثلما كشفت شعوينا العربية بلدا وراء الآخر المؤامرة وآبعادها, ورفضت الاستنساد والعدوان الإقليمى والعالمى على العنصر العربى ذى الأغلبية والقوة لهذا الإقليم, سيهزمون التدخلات الخارجية المقيتة وسيضعون للعدوان الخارجي نهايته, إنهم قادرون على تصفيته والعودة لقوة الدولة, وقوة العنصر العربى المتفرد فى الإقليم العربى, لكل منهم أعداء الدولة من الميليشيات الممولة إقليميا, أو المتآمرين التابعين للقوة الخارجية أو العالمية.
الشعب العراقى والدولة العراقية. يستحقان منا التهنئة والابتهاج لفشل هذه الجريمة التى استهدفتهم فى شخص
رئيس الوزراء, مصطفى الكاظمى, الذى دخل التاريخ باعتباره وطنيا عراقيا بارزا عظيما, حاول إعادة بلده, ليكون لاعيا
مؤثرا فى الإقليم, وأن يبنى وطنا لأهل العراق يستظل الجميع به, بدلا من تركهم فريسة للمؤامرات والهجرة غير الشرعية.
العراق بلد عربى غنى, أهله يستحقونه وهو يستحق أهله.
تحية إلى مصطفى الكاظمى ونشد على يده, ونطالبه بالاستمرار. ودعوة مواطنيه لإعادته إلى موقعه رئيسا للوزراء, ولأنه يحقق مصالحهم ويحمى مستقبلهم, وأهل العراق يستحقون رجلا وقائدا بهذه المواصفات وبتلك المعايير البطولية الشجاعة.