الحج.. ودموع الفرحة!

فى حج هذا العام شخصت قلوب المسلمين، وانهمرت الدموع من كل العيون؛ بكاء المحبة، والشوق، وبكاء الفرح، بعد خوفنا، خلال العامين الماضيين، على أكبر شعيرة جماعية يجتمع فيها العالم الإسلامى من أن تهتز بسبب جائحة (كوفيد- ١٩)، أو تتأثر، فقد يمر العالم بأزمات، ولكن حجنا هو أكبر عزنا، ورغبتنا أن نظل معاهدين الله، إلى أن نلقاه، أن يتاح لكل قادر من المسلمين أن يؤديها حتى يكتمل ديننا، وأن نظل أوفياء لمسيرة الخليل إبراهيم .
حج هذا العام بلغ مليون حاج، وهو دون المستوى المطلوب الذى تستوعبه المشاعر، بعد أن كان العام الماضى لم يتجاوز ٦٠ ألفا، وعام الجائحة ( ٢٠٢٠) لا يتجاوز الألف من مكة، وليس من خارجها، وما حولها، ونتطلع العام المقبل أن تنتهى كل المعوقات التى حالت دون زيارة المسلمين كعبتهم المقدسة، وأداء الفريضة، وأن يصلوا إلى المعدلات السابقة على الجائحة، والتى كانت تتجاوز ٣ ملايين حاج.
المشاعر المقدسة بمكة، ومنى، وعرفات، والمزدلفة، وصولا إلى المدينة- بها الآن بنية أساسية تستوعب كل رغبات المسلمين، وتخدمهم بقطارات سريعة، وتساعد الحجيج على تجاوز الظروف الطبيعية الصعبة، خاصة ارتفاع درجات الحرارة القياسية، لكن نتمنى إلغاء شرط “السن”، الذى وُضع هذا العام، ( ٦٥عاما)، لأنه يحول دون أن يصل كبار السن المستحقون للحج، والمدعوون من الخالق لزيارة بيته، إلى البقاع المقدسة (مكة، والمدينة، وما حولهما)، ووضع شرط “الاستطاعة”، لأنه كم كبيرا فى السن يتمتع بصحة جيدة، وكم صغيرا يفتقدها؟!
بكاء المسلمين فى المشاعر المقدسة هذا العام كان شكرا، وامتنانا للخالق أن أعاد فريضته، وتجمع المسلمين المحبين حول كعبته.. لقد شعرت وأنا أرى بكاءهم أنهم فى ذروة قوتهم، وفى غمرة حبهم، وأنهم استطاعوا تفريغ طاقة الحزن، والانتظار، فدعوت لهم الخالق أن يستدعوا الطاقة الإيجابية التى تنتظرهم لبناء أوطانهم، وتقديم القدوة الإنسانية فى حياتهم بعد عودتهم من رحلة الحج، وزيارة المناطق المقدسة التى مشى فيها رسول الله محمد، وحبيب الله، وخليله، إبراهيم، وابنه الذبيح، الذى نفتديه كل عام، ليس بالأضحية فقط، ولكن بقلوبنا، ودعائنا لذرية إبراهيم ، وحفيده محمد- صلى الله عليه وسلم.