جونسون.. وأهم منصب فى العالم!

كانت طلة بوريس جونسون، وهو يودع منصب رئيس وزراء المملكة المتحدة (٢٠١٩-٢٠٢٢)، صادقة، ومعبرة إلى حد ما، رغم أنه لم يشتهر بالصدق فى حياته السياسية على الإطلاق، منذ صعوده الصاروخى فى السياسة البريطانية عام ٢٠٠١، وفى زعامة حزب المحافظين الشهير صانع زعماء بريطانيا العظمى فى أوقات الشدائد، والحروب، فقد اعترف بأنه يترك أهم منصب فى العالم، وهذا صحيح فى حالة واحدة فقط، إذا كان مصدر إلهام وتقدير العالم كله، وليس البريطانيين وحدهم، بما يحمله هذا المنصب من قيم، وحض على السلام، ووقف الحروب، وليس تشجيعها، كما فعل هو فى الحرب الأوكرانية – الروسية. جونسون قال الجملة السابقة وهو لا يشعر بالارتياح، لأنه لم يحقق الحلم، وضميره الداخلى يؤرقه، ويشعر بالفشل الكبير، لأنه لم يستطع أن يكون كما أراد، أو كما تصور، زعيما ملهما للأمريكيين، والأوروبيين، والعالم الثالث، فالرجل الذى صعد، وأصبح الرئيس السادس والخمسين لحكومة بريطانيا، خرج من منصبه بالاستقالة، التى كانت بطعم الإقالة للسياسى المخضرم الذى دخل فى ضمير البسطاء، والعامة، وكسب العمال، وهو المحافظ العتيد ابن الأغنياء، والصحفى المتمرد، صاحب السير الشعبية. جاء جونسون فى النصف الثانى من القرن الحادى والعشرين إلى الإنجليز بحجة أنه سيقفز بهم، ومعهم نحو المستقبل، بعد أن يخرجهم من أوروبا (البريكست) حيث دخلت المملكة المتحدة مرغمة الاتحاد الأوروبى، ومع ذلك فإن بريطانيا العظمى مازالت تبحث عن نفسها (مرتبكة)، لم تجد حلمها معه.. لم يستطع جونسون أن يكتب سيرة جديدة، واكتفى بكتاب يسرد فيه دور تشرشل.. كيف صنع رجل واحد التاريخ؟.. اكتفى بكتابة حلم روما، الذى كتبه وهو يعيش فى رواية أخرى قد تكون روايته الأولى، وسلم مفاتيح أشهر مبنى إدارى فى عالمنا كان يحكم العالم قرونا (١٠ داونينج ستريت) وهو حزين، وفاشل. لم يكن جونسون ملهما لأحد، حتى الإنجليز سوف ينسونه سريعا، ليثبت لكل سياسى فى أى مكان بالعالم أن القيم، والأخلاق، وعدم الكذب – قد تكون أهم صفات، وخصائص السياسى الناجح، بل تسبق نجاحاته السياسية، وتفوقه، وجاذبيته، وقدرته على حشد الناس، لأنها بالقطع الباقية، لهذا فإن السياسى يجب أن يحافظ على اسمه، وسمعته أولا وأخيرا.