السد الإثيوبى.. فى قمتين!

التحولات الإقليمية، والعالمية تتلاحق، ولم تعد تترك متسعا للقادة الذين يعدون لكل شىء حساباته، ويلاحقونه على كل المستويات، وباستمرار، ودأب قل نظيره، لكى يضعوا مصالح بلادهم فى المقدمة، وصولا لحلول ناجعة لمشكلات متجذرة، وقديمة.
المصريون (رئيسا، وحكومة، وشعبا) يضعون قضية السد الإثيوبى، المعروفة بسد النهضة، على رأس الأولويات السياسية، والدبلوماسية، فقد استطاعت الدبلوماسية الرئاسية، التى اتبعها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة جدة (الأمريكية)، ثم فى قمة برلين، بعدها بساعات، (القمة الأوروبية)، أن تجعل قضية السد الإثيوبى حاضرة بقوة فى مقدمة كل المباحثات. ولعل بيان جدة، والاعتراف الأمريكى الثنائى قد أفردا ما حدث من تطورات (راعتها أمريكا نفسها بين مصر وإثيوبيا فى الإدارة السابقة)، وكنا ننتظر من الأمريكيين أن يضعوا وثائقها أمام المنظمات الدولية كحل مباشر، وحسما لأى نزاعات، أو مماطلة من الجانب الإثيوبى قد تنشب، وتؤثر على استقرار قارة بأكملها. وإذا كنا نقدر الأوضاع الصعبة التى يعيشها الجانب الإثيوبى (عقب الحرب الأهلية الطاحنة التى انتابت البلاد، وطوائفها المختلفة)، فإنه مازال يستخدم أزمة السد، وحقوق مصر المائية المتجذرة عبر التاريخ – والشاهدة عليها حضارة وادى النيل – كقضية داخلية، فى محاولة لحشد الإثيوبيين خلف الحكومة هناك، وهذا لعب بالنار، لكننا نشعر بأن ما يقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسى، والحكومة على مستويات عدة؛ سيحمى حقوق مصر المائية، ولن تمس، ولن تتأثر بالألاعيب السياسية الداخلية فى إثيوبيا. يؤكد ما سبق ما جاء فى القمتين مع الرئيس الأمريكى (بايدن)، ومستشار ألمانيا الجديد (أولاف شولتز)، وقد كانت رؤية ألمانيا (زعيمة الاتحاد الأوروبى) (الرسالة الثالثة)، والتى جاءت خلال أيام متتابعة، بأهمية كسر الجمود الحالى الذى فرضه الجانب الإثيوبى، متعللا بأسباب عديدة، وتهربا من مسئولياته الإقليمية مع شركائه، وجيرانه (مصر، والسودان: دولتى مصب نهر النيل) للوصول إلى اتفاق قانونى، وملزم، ومتوازن حول ملء، وتشغيل السد، وكانت «الرسالة الأولى» من الأمريكيين فى هذا الإطار تحمل المضمون نفسه، و«الثانية» كانت من أشقائنا العرب الخليجيين. أعتقد أن اجتماع الأمريكيين، والأوروبيين، والعرب الخليجيين سوف يوفر على مصر مسارا طويلا، خاصة أن الظروف الداخلية تجعل أديس أبابا فى حاجة ملحة إلى مراعاة هذه العلاقات.