أنوار النجف تقاوم قم

لم يَحقن الزعيم العراقى «مقتدى الصدر» دماء العراقيين، ومنع الاقتتال الطائفى (الشيعي) فقط، بل فك الارتباط الذى عاش طويلا بين المرجعية التى كبّله بها الصادق الأب، والمرجع كاظم الحائرى، خوفا من تأثير البعث، والصداميين على ابنه الصغير، وظل الارتباط مكبلا لمقتدى إلى أن حدث التطور الأخير، والأخطر، فى تاريخ الشيعة، خاصة شيعة النجف، وهو انتقالها كاملة إلى «قم» فى إيران (ولاية الفقيه)، وهى خطوة قد تُنهى إحدى عواصم الشيعة التاريخية، أو أن إيران قررت دمجها، واستخدام المذهب فى العراق، وحكم مستقبله.
لم تكن حربا طائفية، بل دفاعا عن شيعة العراق (٧ ملايين شيعى يتبعون مرجعية الصادق، وولاؤهم لبلادهم، وعاصمتهم النجف، وليس خارج الحدود).
يجب على الزعماء العراقيين المسيطرين، والمتنفذين، والذين استفادوا، أو ساعدوا الاحتلال الأمريكى، وكانوا وراء الفساد الطائفي- ألا يتركوا بلادهم للفشل، والفوضى البادية الآن.. وكلنا أمل أن تَحن قلوبهم، ويسلموا بحق هذا الشعب أن يعيش، ويحيا عزيزا على أرضه حرا بلا تدخلات، وأن يستمتع بثرواته، وحقوقه النفطية، باعتباره بلدا عربيا غنيا، ولا تضيع.
لقد فقد العراقيون ثروة البترول، أو يفقدونها كل يوم، لمصلحة الفساد، وقوة الخارج، كما فقدوا من قبل ثروة المياه الغزيرة فى دجلة والفرات لمصلحة الاستغلال التركى ضد بلادهم.
تحية لهذا للشعب العراقى الذى وجد، فى السنوات الأخيرة، قليلا من القادة، والزعماء يحنون عليه، مثل مقتدى الصدر، الذى هبَ للأعاصير، ولكنه كان قادرا، لأنه كان تعبيرا عن ضمير العراق الذى يبحث عن الخلاص، كما أن ما تحقق كان وراءه حكومة مصطفى الكاظمى التى سارعت ببناء عدد من المؤسسات الأمنية، والعسكرية، والقضائية التى كان دورها بارزا إلى حد ما فى حرب، وصراعات خلاص العراق من استئساد الخارج عليه، ومن سيطرة أصحاب المصالح، والمفسدين، الذين لا يرون إلا أطماعهم، التى لا حدود لها. العراق كان قادرا، وعصيًّا على الاحتلال، كما سيكون عصيًّا على الطائفية، والتدخل الخارجى لنهب ثرواته البترولية، والمائية.