العالم وبريطانيا ما بعد اليزابيث

لا يستطيع أحد فى عالمنا الآن إلا وتكون عينه وعقله مصوبة نحو لندن والمملكة المتحدة فهم يترقبون ما يحدث هناك من تطورات ويرصدون حال بلاد البريطانيين التى لم تسقط أبدا عظمتها وتأثيرها العالمى عشية رحيل الملكة العتيدة اليزابيث الثانية بعد ٧ عقود هى عمر بريطانيا الحديثة بالكامل كانت مع بلادها وشعبها فى الحرب العاتية العالمية الثانية وما بعدها كل تلك العقود الصعبة من الصعود والسقوط الإمبراطورى ولملمة شملها فى الكومنولث، وفى التأثير المعنوى والأكثر تأثيرا وإلماما بما يحدث فى عالمنا وفى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى وفى الخروج منه حتى وباء كوفيد وكان من حظها قبل الرحيل بيومين أن تسلم السلطة إلى رئيسة الوزراء ليز تراس التى جاءت رقم ١٥ في عهدها ــ وكان أولهم تشرشل العتيد ــ والتى جاءت بعد الشعبوى جونسون بهدوء وسلاسة جعلتنا ندرك قدر الإنجليز وقوتهم على امتصاص وبناء الأحداث وديمقراطية وتنافس واحترام شعبى للقرار لم يحدث فى عاصمة القوة العظمى فى العالم واشنطن عند رحيل الرئيس ترامب وقدوم رئيس آخر منتخب أعطوا صورة للاهتزاز والفوضى تحت أقدام الشعبويين والفوضويين واقتحام الكونجرس لم تحدث فى أم الديمقراطيات ومعلمتها بريطانيا.الملكة لم تكن الصخرة التى بنيت عليها بريطانيا الحديثة فقط كما وصفتها الزعيمة الحالية لبلادها ولكنها كانت بديلا موضوعيا أو ظهرا للمملكة وشعبها بعد غروب الشمس وسقوط الإمبراطورية وهى المكانة التى تبنتها تراكميا بلا ملل أو ضجيج وبحكمة بالغة لم تهتز أمام العواصف السياسية والعائلية.
ظلت فى عصرها هى قاطرة العالم لم تستطع واشنطن أو أوروبا أو كندا وكل الغرب وحتى روسيا والصين والهند وشعوب الشرق الأوسط أن ينزلوا أعينهم عن الملكة .. يذهبون ويسمعون النصيحة ويقولون كلهم إنها الأم للجميع. المشهد الإنجليزى عشية الرحيل لم يبعد عن الفخر والحزن معا ولأن هذه البلاد علمتنا أنه لا يحدث هناك شيء فجأة حتى الموت والغياب، فالأيقونة العالمية القادمة من بريطانيا اليزابيث الثانية قررت أن تموت فى إسكتلندا حتى تقول حافظوا على المملكة المتحدة بلا انفصال. ولأن البناء على أساس صخرى تليد أدركت عزاء الرئيس السيسى أن الملك تشارلز الثالث قادر على حمل إرث أمه الذى لا مثيل إنسانيا مماثلا له، من قبل، وأعتقد لن يكون من بعد.