مقالات الأهرام اليومى

الانفتاح السياسي‏..‏ واستجابة الأحزاب

من حق المصريين أن يشعروا اليوم بفرحة ما يحدث من تطور سياسي ونمو اقتصادي غير مسبوق‏,‏ فهم يدخلون مرحلة جمهورية جديدة يختارونها بأنفسهم عن طريق الانتخاب الحر المباشر‏,‏ ويودعون فيها الجمهورية الأبوية التي كانت تصنعها المؤسسات الكبري‏,‏ ثم تعرضها علي الشارع للاستفتاء العام‏,‏ ونجحت هذه الحالة خلال الفترة الماضية في حماية الاستقرار والحفاظ علي البلاد‏,‏ وجعلتنا قادرين علي الوصول إلي مشارف حالة مختلفة‏.‏

أما الآن فقد أصبح الشارع المصري هو صانع الحدث‏,‏ وصاحب الحق المطلق في اختيار من يراه مناسبا لمكانة مصر في المنطقة والعالم‏,‏ وقد أراد الرئيس حسني مبارك أن يكون التغيير شاملا وحقيقيا‏,‏ يتمتع فيه هذا الشارع بالثقة المطلقة في قدرته علي بناء مستقبله بنفسه ورغبته الخالصة في ذلك دون شروط أو ضغوط‏.‏

ومن هذه الإرادة جاءت معركة الإصلاح في انتخابات الرئاسة‏,‏ حيث أتيحت فيها الفرصة للجميع دون إبعاد لأي طرف سياسي‏,‏ وشهدت جدلا واسعا من كل أطياف المجتمع المصري‏,‏ من اليسار إلي اليمين‏,‏ ومن الأحزاب السياسية إلي التيارات المستقلة‏,‏ ونجح المناخ الحر في بعث الحيوية السياسية في الشارع المصري‏,‏ والتي ظهرت واضحة في تشريع حزمة القوانين التي صدرت في الآونة الأخيرة‏,‏ بعد رقابة من المحكمة الدستورية العليا‏.‏

وتشير هذه الحيوية إلي أن معركة الانتخابات الرئاسية المرتقبة لن تكون تقليدية بين متنافسين‏,‏ بل ستكون فاصلة بين مرحلتين‏,‏ فهي ـ كما أرادها الرئيس مبارك ـ معركة من أجل المستقبل لاستمرار التطور والنمو دون توقف أو تراجع عما تحقق‏.‏

وفي خطابه بمحافظة المنوفية أشار الرئيس إلي أنها ستكون أيضا مرحلة للإصلاح الدستوري‏,‏ وضع لها برنامجا للمرحلة المقبلة‏,‏ أكد فيه أن رؤيته للمستقبل سوف تتحقق بخطوات تستكمل بناء الديمقراطية‏,‏ وبمزيد من الإصلاحات الدستورية والتشريعية‏,‏ والانطلاق من قاعدة قوية للحقوق والحريات العامة‏,‏ التي كفلها الدستور حتي يتم ترسيخ النظام الجمهوري‏.‏

ومن هذه الرؤية سيتم تفعيل السلطة التنفيذية‏,‏ ومراقبتها قضائيا وبرلمانيا‏,‏ والاستمرار في الإصلاحات الإدارية والتشريعية‏,‏ وتأكيد الشفافية السياسية في كل ما يخص الحاضر والمستقبل‏,‏ وأعتقد أن الجميع قد أصبحوا علي يقين من تحقيق هذا الهدف‏.‏

وقد أكد دخول الأحزاب السياسية الكبيرة معركة الانتخابات‏,‏ وظهور مرشحين أقوياء أنها ستكون معركة تنافسية قوية‏,‏ وسنواصل بعدها مزيدا من إصلاحات تعيد تنظيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية‏,‏ وتعزز دور البرلمان في الرقابة والمساءلة‏,‏ ودور مجلس الوزراء‏,‏ وتوسع اختصاصات ومهام الحكومة‏,‏ وتتيح تحقيق النظام الانتخابي الأمثل الذي يكفل زيادة فرص تمثيل الأحزاب السياسية في المجالس النيابية وتعزيز وجود المرأة وتمثيلها في البرلمان‏,‏ وتأكيد وترسيخ سياسة اللامركزية في المحليات‏.‏

وأعتقد أن هذا البرنامج الشامل للرئيس مبارك سوف يحفز الأحزاب السياسية علي تقديم برامج لها تعمل علي إثراء الحالة السياسية‏,‏ إذ لن تكون هناك أي ذرائع أمام هذه الأحزاب بعد ذلك‏,‏ فحتي قانون الطواريء سيتغير بقانون آخر‏,‏ يحاصر الإرهاب ويحمي أمن الوطن واستقراره‏.‏

إن مايحدث الآن وحتي السابع من سبتمبر المقبل هو الأساس الذي سوف تبني عليه مصر النموذج الديمقراطي الفريد الذي يلهم المنطقة بالكامل ويجعلها تحتذي به‏ فالانفتاح السياسي الذي نعيشه يكشف قدرة مصر علي التكيف والتغير الحقيقي في مضمون سياساتها وتحركها نحو تحقيق أهدافها‏.‏

وتحرك الأحزاب السياسية واستجابتها للتحرك السياسي وللانتخابات بروح جديدة وتنافس خلاق سيؤكد‏,‏ مرة أخري‏,‏ عمق وكفاءة الرؤية المصرية للإصلاح السياسي وتأثيرها الفعال علي مستقبل مصر والمصريين‏.‏

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى